ويست فيرجينيا... آخر «متراس» للديمقراطيين المحافظين

أحد مناجم الفحم الحجري في ولاية ويست فيرجينيا (شاتر ستوك)
أحد مناجم الفحم الحجري في ولاية ويست فيرجينيا (شاتر ستوك)
TT

ويست فيرجينيا... آخر «متراس» للديمقراطيين المحافظين

أحد مناجم الفحم الحجري في ولاية ويست فيرجينيا (شاتر ستوك)
أحد مناجم الفحم الحجري في ولاية ويست فيرجينيا (شاتر ستوك)

يحرص السيناتور الديمقراطي المحافظ جو مانشين على الادعاء بأن مواقفه السياسية تعكس ذهنية ولاية «تعتمد بشدة على الذات»، غير أن الواقع أمر مختلف تماماً، فسكان ولاية ويست فيرجينيا، ليسوا فقط من الأكبر سناً والأكثر مرضاً وفقراً على مستوى البلاد، بل وفقاً لإحصاءات رسمية، هم الأكثر اعتماداً على المساعدات الحكومية الفيدرالية، أكثر من أي ولاية أميركية أخرى. وهو ما يضعه في تناقض صارخ بين قناعاته وواقع ولايته.
وعلى الرغم من تصاعد عداء ولاية ويست فيرجينيا لـ«واشنطن الفاسدة»، تظهر إحصاءات مكتب التحليل الاقتصادي التابع لوزارة التجارة أن نحو 32 في المائة من الدخل الشخصي لسكانها جاء العام الماضي على شكل مدفوعات محوّلة عبر شيكات حكومية، تشمل استحقاقات التقاعد والعجز، والمزايا الطبية، ومدفوعات الرعاية الاجتماعية، وإعانات المحاربين القدامى، وتعويضات البطالة، ومساعدات التعليم والتدريب. وهو ما يمثل أعلى معدل من التبعية أو «النفعية» الحكومية من أي ولاية أخرى. وتأتي ولاية ميسيسيبي في المرتبة الثانية، بنسبة تقل قليلاً عن 30 في المائة. والحقيقة أن للولاية تاريخاً طويلاً في اللجوء إلى واشنطن طلباً للمساعدة.

- شركات الوقود الأحفوري
وعندما أطلق المرشح الرئاسي الديمقراطي (الرئيس فيما بعد) جون كينيدي حملته فيها عام 1960، هاله مستوى الفقر وسوء التغذية، في ولاية دمرها التدهور المستمر في صناعة الفحم والآثار المستمرة للكساد العظيم. يومذاك، وعد كينيدي بأنه إذا انتخب، فسيستخدم أول أمر تنفيذي لتوسيع المساعدة الغذائية، الذي عرف سابقاً باسم «طوابع الطعام»، أو ما يعرف اليوم ببرنامج المساعدة الغذائية التكميلية. وأوفى كنيدي بوعده في اليوم التالي لأداء اليمين الدستورية، وأصبحت مناجم الفحم الجنوبية في الولاية، المنطقة الأولى المدرجة في البرنامج التجريبي لطوابع الطعام، بقيمة 95 دولاراً. ومن ثم، تمكن سكانها من شراء حاجاتهم، من بينها «مرطبان من زبدة التفاح أو الفستق حتى شراء بطيخة». واليوم، يعتمد نحو 1 من كل 6 من سكان الولاية، على برنامج مكافحة الجوع الذي ساعد في انتشال ملايين من براثن الفقر، وهو ثاني أعلى معدل في البلاد.

- الثقافة السياسية المحلية
اليوم يعتقد كثير من المحللين أن المناورات السياسية لمانشين لها علاقة بالثقافة السياسية لولايته أكثر من أي عامل آخر. فهو آخر ديمقراطي متبقٍ من أعضاء مجلس الشيوخ، من ولاية كانت «زرقاء» حتى تسعينات القرن الماضي، وتحولت اليوم إلى «الأحمر الداكن»، مانحة دونالد ترمب في انتخابات 2020 تقدماً بنسبة 40 في المائة على جو بايدن. وهذا ما يساعد على فهم اعتراضاته على برنامج بايدن بالنسبة إلى قضايا المناخ، واعتراضه على معاقبة المؤسسات والصناعات التي لا تتحول إلى الطاقة النظيفة. السبب لا يعود بطبيعة الحال إلى أن صناعة الفحم لا تزال تلعب دوراً كبيراً في اقتصاد ولاية ويست فيرجينا، كما كانت تاريخياً، ما أدى إلى تسميتها «ولاية الفحم». إذ تشير آخر الإحصاءات الرسمية إلى أن الولاية وظّفت أقل من 12 ألف شخص من سكانها عام 2020، أي أقل من نصف العدد الذي كان قبل 8 سنوات فقط. وعلى الرغم من ذلك، لا تزال «ثقافة الفحم»، تسيطر على عقول سكانها وممثليها السياسيين على حد سواء. وليس مفاجئاً أن يكون مانشين، السيناتور الأعلى حصة على صعيد تمويل حملاته السياسية من كبار صناعيّي ومنتجي الوقود الأحفوري من الفحم والنفط والغاز، مقارنة بأي عضو في مجلس الشيوخ. فقد تلقى خلال عام واحد من مايو (أيار) 2020 إلى 2021 تبرعات بقيمة 1.6 مليون دولار من «لوبي» الوقود الأحفوري. كما تلقى تمويلاً من الأفراد ولجان الضغط ذات الصلة بالعقارات، من بين آخرين.
وفي يونيو الماضي، قال عضو جماعة الضغط في شركة «إكسون موبيل»، كيث مكوي، إن مانشين كان أحد أهدافها الرئيسية للتمويل، وإنه شارك في اجتماعات أسبوعية مع الشركة. وانتقد كثير من أعضاء مجلس الشيوخ والصحافيين معارضة مانشين لتشريعات تغير المناخ، بسبب تمويله من صناعة الوقود الأحفوري ومشاركته في أعمال الفحم المملوكة لعائلته.



نظرة إلى سجلّ سياسات روبيو الخارجية

مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)
مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)
TT

نظرة إلى سجلّ سياسات روبيو الخارجية

مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)
مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)

يعد نهج وزير الخارجية الأميركي المرشح ماركو روبيو في السياسة الخارجية بأنه «تدخلي» و«متشدد». ذلك أن روبيو دعم غزو العراق عام 2003، والتدخل العسكري في ليبيا، كما أيّد تصدي المملكة العربية السعودية للمتمردين الحوثيين في اليمن.

في المقابل، أدان روبيو هجوم حركة «حماس» في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على غلاف قطاع غزة، وأعرب بقوة عن دعمه لإسرائيل و«عن حقها في الدفاع عن النفس»، داعياً إلى القضاء التام على «حماس» في القطاع الفلسطيني المحتل.

وعندما سُئل عما إذا كانت هناك طريقة ما لوقف «حماس» من دون التسبّب في خسائر بشرية جسيمة في صفوف مدنيي غزة، قال روبيو - بالحرف - إن إسرائيل لا تستطيع التعايش «مع هؤلاء المتوحشين... يجب القضاء عليهم». وتابع في الاتجاه نفسه ليقول: «إن (حماس) مسؤولة بنسبة 100 في المائة» عن الخسائر البشرية الفلسطينية في غزة.

أما فيما يتعلق بإيران فالمعروف عن روبيو أنه يدعم العقوبات الصارمة وإلغاء الاتفاق النووي معها. وإزاء هذه الخلفية يرى محللون أن اختياره لمنصب وزير الخارجية ربما يعني تطبيقاً أكثر صرامة للعقوبات النفطية على كلّ من إيران وفنزويلا.

ومن جهة ثانية، بصفة ماركو روبيو نائباً لرئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ وعضواً في لجنة العلاقات الخارجية، فإنه يناقش في الكثير من الأحيان التهديدات العسكرية والاقتصادية الأجنبية، ولعل من أبرزها ما تعدّه واشنطن تهديد الصين. وهو يحذّر بشدّة من أن كلاً من الصين وإيران وكوريا الشمالية وروسيا تتعاون بشكل متزايد ضد الولايات المتحدة. وسبق له أن قال في خطاب ألقاه خلال مارس (آذار) الماضي: «إنهم جميعاً يشتركون في هدف واحد. إنهم يريدون إضعاف أميركا، وإضعاف تحالفاتنا، وإضعاف مكانتنا وقدراتنا وإرادتنا».

وحول الصين بالذات، فيما يتعلق بالأمن القومي وحقوق الإنسان، فإنه يحذر من الصين. وفي حين يأمل روبيو بنمو اقتصادي أكبر نتيجة للتجارة معها، فإنه يعتقد أن على واشنطن دعم الديمقراطية والحرية والاستقلال الحقيقي لشعب هونغ كونغ.

أما بالنسبة لروسيا، فقد أدان روبيو غزو روسيا لأوكرانيا، خلال فبراير (شباط) 2022، بيد أنه صوّت مع 15 جمهورياً في مجلس الشيوخ ضد حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 95 مليار دولار لأوكرانيا وإسرائيل وشركاء آخرين جرى تمريرها في أبريل (نيسان).

ثم في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وصف الأوكرانيين بأنهم «شجعان وأقوياء بشكل لا يصدق»، لكنه قال إن الحرب في أوكرانيا وصلت إلى «طريق مسدود»، و«يجب إنهاؤها» عبر التفاوض لتجنب المزيد من الضحايا، بدلاً من التركيز على استعادة كل الأراضي التي استولت عليها موسكو.

في المقابل، يدعم وزير الخارجية المرشّح الشراكةَ التجارية والتعاون مع الحلفاء عبر المحيط الهادئ، ويدعو إلى تعزيز الوجود العسكري الأميركي في تلك المنطقة، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة «تخاطر بالاستبعاد من التجارة العالمية ما لم تكن أكثر انفتاحاً على التجارة».