تصاعد الضغوط على حكومة ميقاتي {العاجزة} عن التصدي لـ{حزب الله}

في ظل مطالبات بالإسراع في إيجاد حلول للأزمة مع الخليج

شدد سياسيون الضغوط على الرئيس نجيب ميقاتي في ظل تعثر جهود تسوية الأزمة التي تسبب بها وزير الإعلام (دالاتي ونهرا / أ.ف.ب)
شدد سياسيون الضغوط على الرئيس نجيب ميقاتي في ظل تعثر جهود تسوية الأزمة التي تسبب بها وزير الإعلام (دالاتي ونهرا / أ.ف.ب)
TT

تصاعد الضغوط على حكومة ميقاتي {العاجزة} عن التصدي لـ{حزب الله}

شدد سياسيون الضغوط على الرئيس نجيب ميقاتي في ظل تعثر جهود تسوية الأزمة التي تسبب بها وزير الإعلام (دالاتي ونهرا / أ.ف.ب)
شدد سياسيون الضغوط على الرئيس نجيب ميقاتي في ظل تعثر جهود تسوية الأزمة التي تسبب بها وزير الإعلام (دالاتي ونهرا / أ.ف.ب)

تتصدر الأزمة مع الخليج وتداعياتها كل القضايا الأخرى في لبنان، بحيث باتت تشكل محور المواقف السياسية الداعية بشكل أساسي إلى الإسراع لإيجاد حلول لها في أسرع وقت ممكن عبر استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، وذهب البعض إلى دعوة رئيس الحكومة نفسه نجيب ميقاتي إلى الاستقالة مع وزرائه بسبب هيمنة {حزب الله} على عمل الحكومة {العاجزة} في وجهه.
وفي هذا الإطار، قال أمين سر «اللقاء الديمقراطي» النائب هادي أبو الحسن، إنه «لا يجب أن يسقط الخيار العربي على الإطلاق، وعلى كل الفرقاء اللبنانيين الإصغاء إلى صوت العقل والمسؤول الذي أطلقه الرئيس ميقاتي لتسوية هذا الأمر، لأننا عدنا مجدداً إلى نقطة التقاطع التي لا يقوى لبنان على تحملها».
واعتبر أن «استقالة الوزير جورج قرداحي هي المدخل لتصحيح مسار العلاقة مع المملكة والإخوان العرب، وهذا يحتاج إلى حوار ونقاش والعودة إلى الأصول الدبلوماسية».
من جهته، دعا النائب في «التيار الوطني الحر» ماريو عون، إلى استقالة قرداحي، وقال في حديث إذاعي، «أصبح واضحاً أن الرئيس نجيب ميقاتي، يطلب جاهداً استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، لكن لا حياة لمن تنادي، لأننا بالواقع أفرقاء سياسيون، وكل فريق لديه حصته، ويتحكم بها، ويعمل على أساسها». وعن عقد جلسة للحكومة للبحث في إقالة قرداحي، أكد ماريو عون أن «هذا الموضوع لم يُطرح بعد في اجتماعات التكتل».
لكن أمين سر تكتل «الجمهورية القوية» (حزب القوات اللبنانية) النائب السابق فادي كرم قال، من جهته، إن «استقالة الحكومة مسألة خطيرة، وقد تهدد الانتخابات النيابية، وهذا ما لا نتمناه، والرئيس ميقاتي يحدد هذا الأمر على ضوء ما إذا كانت هناك إمكانية لإصلاح الأوضاع مع دول الخليج»، مضيفاً أن «ميقاتي قادر على مواجهة الأطراف التي تخلق المشكلات للبنان، وعلينا تحديد مصالح البلد، وإذا استمر منطق (اللادولة) و(الدويلة)، فلن تبقى دولة في العالم تحترمنا وتتعاطى معنا».
وفي خضم الإرباك الحاصل نتيجة الأزمة، قال النائب نقولا نحاس، وهو من الكتلة التي يرأسها ميقاتي، إن «التعقيدات السياسية كبيرة والمساعي مستمرة للجم التصعيد مع دول الخليج»، معتبراً أن «الأمر يحتاج إلى مسار واضح ومتكامل لإعادة بناء الثقة، والخطوة الأولى تبدأ بتحكيم الوزير قرداحي ضميره»، مضيفاً: «أما في حال لم يقدم قرداحي على الاستقالة، فيترك للرؤساء الثلاثة (رؤساء الجمهورية والبرلمان والحكومة) تحديد الخيارات الواجب اتخاذها». وعبر عن أسفه «للتعقيدات السياسية التي تنعكس سلباً على مصير المشاريع المطروحة على طاولة النقاش». ورأى أن «قبل الإقدام على اتخاذ الخيارات الحاسمة، المطلوب عمل جدي فلا يجوز بأي شكل من الأشكال أن يدفع الناس ثمن الخلافات السياسية».
في المقابل، برزت دعوات لاستقالة رئيس الحكومة، بما في ذلك من الوزير السابق أشرف ريفي، الذي ثمن موقف ميقاتي الأخير، لكنه دعاه للاستقالة. وتوجه ريفي إلى رئيس الحكومة بالقول: «يريد (حزب الله) أن يجعل منكم كما أسلافكم، شهود زور على هيمنته على الوطن وتطبيق استراتيجيته الإيرانية، وها هم وزراؤه يعطلون حكومتكم للإطاحة بالعدالة، والأجدى بكم والأحرى بكم أن تستقيلوا أنتم ووزراؤكم من هذه الحكومة تحت عنوان الإصرار على العدالة وحماية المحقق العدلي البطل طارق البيطار».
وأضاف ريفي: «نخشى، دولة الرئيس، أن تنتهي قضية العدالة باستقالة الوزير قرداحي، مقابل الإطاحة بالقاضي بيطار وعندها تتحملون مسؤولية تاريخية». وقال: «استقل يا دولة الرئيس فأنت رئيس حكومة معطلة ومنزوعة الصلاحيات ومسلوبة القرار... البلد يحتاج إلى حكومات (حزب الله) غير المقنعة». وأضاف: «فتحت عباءة حكومتك يمارس (حزب الله) فائض القوة على اللبنانيين، ويمارس فائض التبعية لإيران في اليمن والعراق وسوريا، ولبنان يدفع الثمن... فالحكمة تقتضي الاتعاظ من تجارب المساكنة مع السلاح. ألستَ أنت القائل (إن) لـ(حزب الله) اليد الطولى في لبنان؟ ها هي اليد الطولى تقضي على مهمتك قبل أن تبدأ. ها هي اليد الطولى بستار حكومتك تهدد الأمن القومي لدول الخليج العربي، وتضع لبنان في أسوأ عزلة عرفها في تاريخه».
كذلك، دعا النائب السابق فارس سعيد، ميقاتي، إلى الاستقالة، وكتب عبر حسابه على «تويتر»: «لأن اللحظة وطنية ولأن تجاوز الواقع السياسي القديم ضرورة... ولأن الوحدة الداخلية ضرورية لرفع الاحتلال الإيراني، ولأن رفع الاحتلال مقدمة لبناء الدولة، ندعو لقيام مجلس وطني يطالب بتنفيذ الدستور والقرارات العربية والدولية». وتوجه إلى الرئيس نجيب ميقاتي، بالقول «لا رأي لمن لا يطاع... استقل».



«وثيقة الإيمان في عالَم متغير» تؤكد مركزية الدين في ازدهار الحضارات

رابطة العالم الإسلامي تبنّت مبادرة بإنشاء مرصد دولي لمواجهة شبهات الإلحاد (الشرق الأوسط)
رابطة العالم الإسلامي تبنّت مبادرة بإنشاء مرصد دولي لمواجهة شبهات الإلحاد (الشرق الأوسط)
TT

«وثيقة الإيمان في عالَم متغير» تؤكد مركزية الدين في ازدهار الحضارات

رابطة العالم الإسلامي تبنّت مبادرة بإنشاء مرصد دولي لمواجهة شبهات الإلحاد (الشرق الأوسط)
رابطة العالم الإسلامي تبنّت مبادرة بإنشاء مرصد دولي لمواجهة شبهات الإلحاد (الشرق الأوسط)

أكدت الوثيقة العالمية الصادرة عن أعضاء المؤتمر الدولي «الإيمان في عالم متغيّر» مركزية الدين في قيام الحضارات وازدهارها، وأثره في صياغة أفكار المجتمعات وتقويمها، وقدرته على مواجهة المشكلات ومعالجتها، محذرين من أنَّ تهميش دوره في الاهتداء الروحي والإرشاد العقلي يفتح الباب واسعاً أمام مظاهر الفوضى الأخلاقية، والسلوكيات المنحرفة والإباحية المهينة، ويضع العالم أمام حالة غير مسبوقة من التردي الأخلاقي والانحلال القيمي.

واختتم المؤتمر أعماله، الأربعاء، في العاصمة المغربية الرباط، وسطَ مشاركة واسعة من شخصياتٍ دينيّةٍ وفكريّةٍ عالمية، بإصدار الوثيقة التي حملت اسمه، واسترشدت بـ«وثيقة مكة المكرمة»، وتضمَّنت الإعلان عن تأسيس «المرصد الدولي لدلائل الإيمان ومواجهة الشبهات» كهيئة إنسانية متخصصة، تهتم بترسيخ مبادئ الإيمان وتعزيز قيمها الأخلاقية، مع رصد الشبهات المثارة والأجندات المشبوهة للفوضى التحررية، والعدمية الإلحادية، والعبثية المجتمعية.

وثيقة المؤتمر أكدت أثر الدين في صياغة أفكار المجتمعات وتقويمها (الشرق الأوسط)

ويُتوقع أن يقوم المرصد بالمهام المسندة إليه عبر كتابات مستوعبة وندوات متخصصة، يُستكتب لها ذوو التميز والإجادة، وتوظّف لإنجاح أهدافها وإيصال رسالتها «الوسائل الرقمية والإعلامية الحديثة»، وينشر عن أعمالها ومنجزاتها تقرير سنوي باللغتين العربية والإنجليزية، لتكون مرجع اهتداء فكري ومعلم إرشاد إيماني، تساعد الإنسان على التعامل الأقوم مع المستجدات المتسارعة والمتغيرات الكبرى في وطنه وعالمه.

وشدّد المؤتمِرون على أنَّ القيم الأخلاقية تستند إلى الفطرة الإنسانية، وتتأكد بالرسالات الإلهية، وتبقى على الدوام أصلاً مشتركاً ومرتكزاً ثابتاً وإطاراً جامعاً تنبع منه الأفكار المستنيرة والأطروحات الرشيدة في مسيرة الحضارة والتقدم، لافتين إلى أنه بقدر رسوخ تلك القيم في الوجدان الإنساني يتحقق الأمن والوئام المجتمعي.

المشاركون أكدوا أن تهميش الدين يفتح الباب واسعاً أمام مظاهر الفوضى الأخلاقية والسلوكيات المنحرفة (الشرق الأوسط)

وأوضحوا أنَّ الإنسان هو محور الرسالات الإلهية، فضّله الله على سائر المخلوقات، وسخَّر له الأرض؛ ليؤدي مهمة الاستخلاف في إصلاحها وعمارتها، واستدامة بنائها ونمائها، والمحافظة على مواردها وثرواتها، ليَسعد الجميع بحياة طيبة كريمة، ويتمكنوا من عبادة خالقهم، داعين إلى حِفظ كرامة الإنسان وصيانة حقوقه وحرياته المشروعة، والاعتراف به وجوداً وحضارة، أياً كانت هويته الدينية والوطنية والإثنية، واعتباره أخاً مشاركاً في بناء المجتمع وتنميته.

وأكد المؤتمرون في الوثيقة على مسؤولية القيادات الدينية والفكرية والمجتمعية حول العالم في استثمار الإرث الإنساني المشترك، للحفاظ على المكتسبات الحضارية المتراكمة عبر التاريخ والتصدي للظواهر السلبية التي أفرزتها العولمة، واحتواء الآثار المدمرة التي سبّبتها الجوائح والأوبئة والحروب.

المشاركون أكدوا مسؤولية القيادات الدينية والفكرية في استثمار الإرث الإنساني المشترك للحفاظ على المكتسبات الحضارية (الشرق الأوسط)

ونوّهوا إلى أنَّ التعاون والتكامل بين المكونات الدينية المختلفة واستثمار مشتركاتها المتعددة هو المسار الأنجح لصياغة الأطُر الفكرية الرشيدة للتحصين من مخاطر السلوك المتطرف، وتحييد خطاب الكراهية، وتفكيك نظريات الصدام والصراع.

وحثّ المشاركون في المؤتمر على الرقي بالعمل الإنساني والسموّ به على جميع مظاهر التحيّز والتعصب والتسييس، ليكون عملاً صالحاً ينفع الناس بلا تمييز أو تفريق، مع العمل على إرساء الأخوة الإنسانية بإقامة المشاريع الإغاثية والتنموية حول العالم، والتمسك بها وتطويرها، ضمن أبعاد عالمية وشراكات استراتيجية مثمرة تخدم الإنسانية، وترسي دعائم الوئام والسلام، وتحقق للبشرية الرخاء والاستقرار.

وشدَّدوا في الوثيقة على التزام المنهجية العلمية الرصينة في تفسير النصوص، وفهم الحقائق الدينية، وتوضيح المصطلحات والمفاهيم الفكرية وتنزيلها على المستجدات العصرية، بما يحقق مقاصد الدين في حفظ الضروريات، وتحقيق التوازن والاعتدال.

وأكد المؤتمرون أنَّ تعزيز العلاقة بين الدين والعلم أمرٌ جوهري؛ يتجلى به التكامل بين الإيمان والحياة وبين المعرفة والفلسفة، لمواجهة انحرافات الإلحاد العدمي والفكر المادي الذي يُقصي الروحانيات والقيم عن دورها المركزي، وصولاً إلى رؤية تبرز مكانة الإنسان ودوره في الكون، وتضع الطبيعة في سياقها الصحي، وتجسد أهمية الإيمان في التوصل إلى معاني وجودنا على هذا الكوكب وأهدافه.

المؤتمرون عدّوا تعزيز العلاقة بين الدين والعلم أمراً جوهريّاً لمواجهة انحرافات الإلحاد العدمي (الشرق الأوسط)

وأشاروا إلى أنَّ الحوار بين الأديان والثقافات قيمة عليا؛ تساهم في بناء جسور التواصل بين الشعوب، وتفتح أبواب التعارف وتداول المعارف وتوسيع المفاهيم والاحترام المتبادل، ما يرسخ العلاقات الإنسانية على أسس من التعاون والتسامح ويعزز من قدرة المجتمعات على مواجهة تحديات العصر بروح منفتحة ومقتنعة.

وأوضح المشاركون أنَّ التكنولوجيا والتقدم العلمي والذكاء الاصطناعي وسائل رئيسة في تشكيل الفكر والوعي والرقي بسلوك المجتمعات، وتتصدر لرسم معظم ملامح المستقبل المادي والمعرفي للأجيال القادمة، مشدّدين على أهمية المسارعة إلى استغلالها، والمبادرة إلى الاهتمام بتطوير وسائل التربية الدينية وتجديد طُرقها لتتلاءم مع العصر الرقمي والتطورات المتسارعة، وتنجح في بناء جيل قادر على فهم العالم المحيط به من منظور إيماني راسخ ومتجدد.

وأكدوا على أنَّ التضامن بين الشعوب هو السبيل الأمثل لمواجهة التحديات العالمية الكبرى؛ كالتغير المناخي وهدر الموارد وشحّها وحماية البيئة والمحافظة على الثروات الطبيعية، وهو واجب ديني وأخلاقي لا يتحقق إلا بتعاون الجميع في تعزيز الوعي البيئي وتهذيب السلوكيات المستدامة واستشعار المسؤولية.

المؤتمرون عدّوا التضامن بين الشعوب السبيل الأمثل لمواجهة التحديات العالمية الكبرى (الشرق الأوسط)

كما أكدوا على أنَّ المرأة في إطارها الإيماني مصدر نور وإشعاع حضاري لها الحظ الأكبر في غرس ثوابت الدين ومكارم الخلق الحميد، منبّهين إلى أنه من الواجب حراسة دورها الرئيس في الأسرة ورعايتها وتربية الناشئة والعناية بها، وترسيخ التآلف والانسجام بينها، وتحصين الأجيال الصاعدة من فوضى المشاعر واضطراب الأفكار.

وتعهّد المؤتمرون بالاحتفاء بمضامين الوثيقة، والاهتمام بتعزيزها في صروحهم العلمية ومنابرهم الإعلامية ومجتمعاتهم الوطنية، بما يتماشى مع الأنظمة السارية والقوانين الدولية، داعين جميع الجهات العلمية والشخصيات المجتمعية والمؤسسات الوطنية لدعمها وتأييدها، ومشددين على أن «معنى الإيمان بالله يختلف باختلاف الأديان والأفكار، والحوار فيه له مقام آخر»، وينصبّ هذا المؤتمر على مواجهة الأفكار العدمية الإلحادية.