أعادت تصريحات إعلامية منسوبة لوزيرة الخارجية والتعاون الدولي الليبية نجلاء المنقوش، قضية طائرة "بان إم 103" التي تحطمت فوق بلدة لوكبربي الاسكتلندية عام 1988 واتُهم فيها ضابط الاستخبارتي الليبي عبدالباسط المقرحي، إلى واجهة الأحداث مرة ثانية. وأبدت المنقوش تعاوناً بإمكانية عمل بلادها مع الولايات المتحدة لتسليم مطلوب يشتبه في مشاركته بتفجير الطائرة، وقالت لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" إن "نتائج إيجابية آتية" في قضية أبو عجيلة محمد مسعود.
وسبق لوزارة العدل الأميركية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، توجيه الاتهام رسمياً إلى الليبي أبو عجيلة، بـ"ضلوعه في التخطيط وتصنيع القنبلة" التي أسقطت الطائرة فوق "لوكربي" خلال رحلتها من لندن إلى نيويورك، وأدى إلى مقتل 270 شخصاً، بينهم 189 أميركياً.
وطالب المدعي العام (وزير العدل) وليام بار، حينها السلطات الليبية في طرابلس بسرعة تسليم أبو عجيلة، الموقوف لديها لتقديمه للمحاكمة في الولايات المتحدة. وقال مسؤولون أميركيون إن أبوعجيلة قدّم اعترافات للسلطات الليبية عام 2012 بضلوعه في تفجير "لوكربي"، وأن هذه الاعترافات سُلّمت إلى السلطات الاسكتلندية.
وقال الصحافي الليبي مصطفى الفيتوري، الذي حضر محاكمة سيف الإسلام القذافي كمراقب مستقل بالمحكمة الجنائية الدولية، إنه "يستنكر ويدين بأشد العبارات تصريحات المنقوش، بخصوص إمكانية تعاون ليبيا مع الولايات المتحدة في قضية لوكربي التي أوردتها البي بي سي الانجليزية"، مشيراً إلى أنه كمواطن ليبي يرفض رفضاً تاماً ما ورد على لسان الوزيرة في هذا الصد "لأن ما قالته ضد مصلحة ليبيا".
وأبوعجيلة هو مسؤول استخباراتي ليبي سابق، موقوف حالياً بأحد سجون العاصمة طرابلس، لإدانته بتهم ليس لها علاقة بقضية "لوكربي". وسبق لنظام معمر القذافي الإقرار رسمياً عام 2003 بمسؤوليته عن اعتداء "لوكربي" ووافق على دفع تعويضات قدرها 2.7 مليار دولار إلى عائلات الضحايا. وأطلق سراح المقرحي، الذي حكم عليه بـ27 عاماً، لأسباب صحية عام 2009، لكنه توفي عام 2012 عن ستين عاماً في ليبيا.
وسبق أن نشرت صحيفة "الديلي ميل" البريطانية أجزاء من كتاب جديد للمؤلف الأميركي دوغلاس بويد، في أكتوبر (تشرين الأول) 2018، فنّد فيه فرضية وقوف ليبيا وراء تفجير طائرة "لوكربي" والإشارة إلى دور "إيران في إسقاطها" ما دفع أسرة المقرحي إلى المطالبة بتعويضها عن الفترة التي أمضاها في السجن، فيما تصاعدت داخل ليبية مطالب عدة موازية، تتحدث عن "إمكانية استعادة التعويضات التي دفعها نظام معمر القذافي لذوي ضحايا لوكربي". وفي عام 2001 تم تبرأة ليبي آخر من جانب محكمة في لاهاي تطبق القانون الاسكتلندي.
واستغرب الكاتب الليبي عبد الرزاق الداهش، من تطرق وزيرة الخارجية إلى قضية "لوكربي"، وقال: "هذا الملف أغلق بالنسبة للدولة الليبية وانتهى، وأصبح ماضياً".
وأضاف في إدراج له على حسابه عبر "فيسبوك" أمس، موجها حديثه إلى المنقوش، "أي مطالب بالتعويض ترفع على الحكومة الأميركية، وليس الليبية"، مذكراً بأن الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن، "أصدر مرسوماً رئاسياً يقضي بإغلاق القضية في شقها المدني".
ورأى الداهش، أن أي "ظهور مستجد يتعلق بملف القضية في شقها الجنائي لا يرتب على الدولة الليبية أي التزامات، من أي نوع"، وبالتالي فإن "أي تحقيقات مع ليبيين لن تتم إلا بواسطة القضاء الليبي، وفق ما يعرف قانوناً بالإنابة القضية".
ومن بين الذين لقوا حتفهم في انفجار الطائرة، 35 طالباً أمريكياً يدرسون في الخارج كانوا عائدين إلى ديارهم في عيد الميلاد، بينما قُتل 11 على الأرض في المدينة الاسكتلندية.
ولم يصدر توضيح من وزارة الخارجية الليبية حتى الآن، يفصح عن ما تضمنه حديث الوزيرة المنقوش، لكن أحمد عبد الحكيم حمزة رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، رأى أن "عملية تسليم مواطن ليبي لأي دولة للتحقيق معه في أي قضية ليست مسألة سياسية يمكن التعاون بخصوصها بقدر ما تتعلق بالسيادة الوطنية، خصوصاً أن القانون الليبي يمنع تسليم المواطنين"، ولفت إلى أن "القرار السيادي أيضاً حيت يتخذ يكون بموجب نص تشريعي يبيح ذلك في حالات خاصة، أو وفقاً لاتفاقية دولية".
وبعد قرابة 33 عاما على الاعتداء، رفض محكمة اسكتلندية التماساً قدمته عائلة المقرحي في يناير (كانون الثاني) الماضي، لتبرئته من الإدانة في قضية تفجير طائرة، وأمام تعهد دفاعها حينها عامر أنور بأنه سيطعن في الحكم أمام المحكمة البريطانية العليا، سارعت المحكمة العليا في اسكتلندا برفض طلب فريق الدفاع بإحالة ملف قضية "لوكربي" إلى المحكمة العليا في بريطانيا؛ وتعللت آنذاك وفقاً للفيتوري "بعدم الأحقية القانونية لوكيل عائلة المقرحي في رفع القضية أمام المحكمة العليا في لندن".
المنقوش تعيد {لوكربي} إلى الواجهة
أبدت استعدادها للتعاون مع واشنطن
المنقوش تعيد {لوكربي} إلى الواجهة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة