تصعيد الانقلابيين العسكري ينذر بمستقبل مظلم لأطفال اليمن

«يونيسيف»: 4 ملايين تلميذ مهددون بوقف التعليم... و170 ألف معلم بلا رواتب

TT

تصعيد الانقلابيين العسكري ينذر بمستقبل مظلم لأطفال اليمن

في وقت لا يزال فيه آلاف الأطفال في اليمن معرضين للمخاطر وشتى أشكال العنف والانتهاكات بفعل هجمات الميليشيات الحوثية وتصعيدها العسكري الأخير ضد بعض المناطق اليمنية، اتهمت تقارير أممية الجماعة المدعومة من إيران بمواصلة ارتكاب سلسلة من الجرائم بحق صغار السن شمل بعضها الاستهداف بالقتل والإصابة والتجنيد القسري والإصابة بأمراض وأوبئة فتاكة، إضافة إلى تعرض آخرين مع أسرهم لموجات تشرد وحرمان من حق التعليم ومن أبسط الحقوق الأساسية.
وفي هذا السياق، قالت المديرة التنفيذية لمنظمة اليونيسيف، هنرييتا فور، إن الأطفال هم من يدفعون الثمن باهظاً كلما اشتعل الصراع في اليمن وتصاعد العنف، وأضافت «أن أعمال العنف المروعة تسببت في تمزيق العائلات ولا يمكن أن يظل الأطفال في اليمن ضحايا لهذا النزاع».
وأشارت إلى أن الارتفاع الأخير في العنف أدى إلى تفاقم الوضع اليائس بالفعل بالنسبة للأطفال والأسر. وقدرت عدد الأطفال المشردين داخلياً بنحو 1.7 مليون طفل، وأكثر من مليوني طفل خارج المدرسة.
وكشفت المنظمة الأممية المختصة بحماية الطفولة عن أن نحو 8 أطفال قتلوا وجرحوا؛ جراء تصاعد العنف في اليمن، خلال الأيام الأخيرة، حيث يستمر الصراع في التسبب في خسائر فادحة بين الأطفال والأسر.
وأوضحت أن هذه هي الحوادث التي تمكنت الأمم المتحدة من التحقق منها، مشيرة إلى احتمال أن يكون الرقم الحقيقي أعلى من ذلك بكثير.
ووفقاً للبيان الذي نشرته اليونيسيف عبر موقعها الإلكتروني، فإنه وخلال الشهر الماضي وحده قُتل أو شُوه 11 طفلاً في مأرب، في إشارة إلى الاعتداءات الحوثية الأخيرة على المحافظة.
وفي حين قالت إن الهجمات على المدنيين - بمن فيهم الأطفال - والأهداف المدنية يمكن أن تنتهك القانون الإنساني الدولي، دعت إلى حماية المدنيين وإعطاء الأولوية لسلامة الأطفال ووقف الهجمات على البنية التحتية المدنية وفي المناطق المكتظة بالسكان.
وأشارت إلى أن 2.3 مليون طفل يمني دون سن الخامسة لا يزالون يعانون من سوء التغذية الحاد. وقالت إن نحو 8.5 مليون طفل لا يحصلون على المياه الصالحة للشرب أو الصرف الصحي أو النظافة.
وفيما يتعلق بالتصعيد العسكري الحوثي الأخير ضد مدن يمنية عدة منها مأرب النفطية وما خلفه ذلك من موجة نزوح قسرية لآلاف الأطفال مع أسرهم، أكدت منظمة إنقاذ الطفولة أن مليوناً و700 ألف طفل نازح في اليمن مقطوعون عن الخدمات الأساسية، ونصف مليون منهم لا يحصلون على تعليم رسمي.
وأجبرت هجمات الميليشيات الحوثية ما يقرب من 4 ملايين يمني على النزوح من منازلهم إلى محافظات أخرى، وتضاعف هجماتها المتواصلة أعداد النازحين يومياً.
وأكدت المنظمة، في بيان أنه في عام 2020، أُجبر ما يقدر بنحو 115 ألف طفل على الفرار من منازلهم بسبب تصاعد العنف، لا سيما حول مناطق مأرب والحديدة وحجة وتعز، فيما اضطر نحو 25 ألف طفل وعائلاتهم إلى مغادرة منازلهم في النصف الأول من عام 2021.
وأشارت إلى أنه مع استمرار العنف في اليمن وإجبار الأطفال وعائلاتهم على ترك منازلهم، فإن 9 من كل 10 أطفال بمخيمات النازحين لا يتمتعون بإمكانية الوصول الكافي إلى الأساسيات مثل الطعام والمياه النظيفة والتعليم.
ودعت إلى الوصول الكامل إلى مجتمعات النازحين لتحسين الخدمات للأطفال في المخيمات، لافتة إلى أن الأطفال في المخيمات يضطرون إلى المشي لساعات للعثور على مياه شرب آمنة وحطب للطهي، وكثير منهم ليس لديهم خيار سوى العمل من أجل المساعدة في دخل الأسرة.
وقالت «إنقاذ الطفولة» في تقرير آخر لها إن 60 في المائة من أطفال اليمن لم يعودوا إلى الفصول الدراسية العام الماضي بعد أن تعرضت مدارسهم للهجوم.
وأضافت أنه في السنوات الخمس الماضية تعرضت أكثر من 460 مدرسة للهجوم، فيما تضررت أكثر من 2500 مدرسة، واستخدمت كملاجئ جماعية للعائلات النازحة، أو احتلتها الجماعات المسلحة، ما أدى إلى إجبار نحو 400 ألف طفل على ترك المدرسة.
وتأكيداً على ذلك، سبق لمنظمة الطفولة «يونيسيف» أن كشفت قبل فترة عن أن 4 ملايين طفل يمني يتهددهم خطر حرمان التعليم مع عدم تقاضي أكثر من 170 ألف معلم رواتبهم لأكثر من أربع سنوات على التوالي.
وأوضحت أن عدد الأطفال المنقطعين عن الدراسة في الوقت الراهن بلغ مليوني طفل من البنين والبنات ممن هم في سن التعليم بسبب الحرب التي تشهدها البلاد. وأشارت إلى تضرر قرابة 66 في المائة من مدارس البلاد، وتوقف نحو 2500 مدرسة بشكل كلي.
وأكدت أن هناك نحو 170 ألف معلم لم يتقاضوا رواتبهم لأكثر من أربعة أعوام، (أي ثلثي المعلمين في اليمن) ما قد يدفعهم إلى مغادرة مدارسهم للبحث عن فرص عمل بديلة لإعالة أسرهم، الأمر الذي يعرض قرابة نحو 4 ملايين طفل لخطر الانقطاع عن الدراسة.
وقالت إن الفقر والنزاع وانعدام الفرص كلها عوامل أحدثتها الحرب وتسببت في توقفهم عن الدراسة، حيث بلغ عدد الأطفال المنقطعين عن التعليم اليوم ضعف الرقم المسجل عام 2015 عندما اندلعت الحرب.
وعلى صعيد ما خلفه الانقلاب الحوثي من كوارث ومعاناة صحية بينها إصابة آلاف الأطفال بأمراض وأوبئة قاتلة. توقعت منظمة الصحة العالمية في أحدث تقرير صادر عنها أن يعاني نحو 2.25 مليون طفل يمني دون سن الخامسة خلال العام الحالي من سوء التغذية الحاد.
وأكدت المنظمة أن سوء التغذية الحاد لا يزال يبلغ مستويات قياسية في اليمن متسبباً بخسائر كارثية للأطفال دون الخامسة.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.