المبعوث الأميركي يصل إلى أديس أبابا مع أنباء عن تقدم مقاتلي تيغراي نحوها

سباق محموم لوقف النار... وواشنطن تحذّر من «خطر متزايد» على وحدة إثيوبيا

حفل وداع المتطوعين في استاد في أديس أبابا قبل مغادرتهم للالتحاق بجبهات القتال مع اقتراب مقاتلي تيغراي من العاصمة (إ.ب.أ)
حفل وداع المتطوعين في استاد في أديس أبابا قبل مغادرتهم للالتحاق بجبهات القتال مع اقتراب مقاتلي تيغراي من العاصمة (إ.ب.أ)
TT

المبعوث الأميركي يصل إلى أديس أبابا مع أنباء عن تقدم مقاتلي تيغراي نحوها

حفل وداع المتطوعين في استاد في أديس أبابا قبل مغادرتهم للالتحاق بجبهات القتال مع اقتراب مقاتلي تيغراي من العاصمة (إ.ب.أ)
حفل وداع المتطوعين في استاد في أديس أبابا قبل مغادرتهم للالتحاق بجبهات القتال مع اقتراب مقاتلي تيغراي من العاصمة (إ.ب.أ)

باشر المبعوث الأميركي الخاص للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان، مهمة في أديس أبابا سعياً إلى وقف إطلاق النار «من دون شروط مسبقة» بين القوات الحكومية ومتمردي تيغراي الذين واصلوا زحفهم نحو العاصمة من الشرق والجنوب، في وقت عبّرت فيه واشنطن عن قلقها من «الخطر المتزايد» على وحدة إثيوبيا وسلامة أراضيها. وتكشفت هذه الجهود الأميركية العاجلة مع تصاعد الدعوات الأفريقية والأوروبية والدولية من أجل التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار في البلاد التي تشهد نزاعاً دامياً بدأ قبل عام. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس: «نحن قلقون للغاية من تصاعد العنف، وتوسع القتال الذي شهدناه في شمال إثيوبيا وفي مناطق في كل أنحاء البلاد»، مضيفاً: «نحن قلقون من الخطر المتزايد على وحدة الدولة الإثيوبية وسلامة أراضيها». وأكد أن سلامة المواطنين الأميركيين وموظفي الحكومة الأميركية وعائلاتهم وأمن المنشآت العائدة للولايات المتحدة «تبقى من أعلى أولوياتنا». وإذ أشار إلى إعلان مجلس الوزراء الإثيوبي حال الطوارئ، حض جميع الأطراف على «ممارسة ضبط النفس وإنهاء الأعمال العدائية، وضمان احترام المدنيين وحقوقهم». وكذلك عبّر برايس عن «القلق» من التقارير التي تفيد باستيلاء «الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي» على مدينتي ديسي وكومبولتشا، ونبه إلى أن «استمرار القتال لا يؤدي إلا إلى إطالة الأزمة الإنسانية التي يعانيها الكثيرون من الناس في إثيوبيا». وأكد أنه «يجب على جميع الأطراف وقف العمليات العسكرية والبدء في مفاوضات لوقف إطلاق النار من دون شروط مسبقة». وأشار إلى أن الولايات المتحدة تعمل مع شركاء دوليين لمعالجة الأزمة في إثيوبيا، بما في ذلك الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وهيئات أخرى. وقال: «نحن منزعجون بشكل متزايد من توسع العمليات القتالية والعنف الطائفي في أجزاء من إثيوبيا، ونحن نراقب الوضع عن كثب»، داعياً جميع الإثيوبيين إلى «التزام السلام وحل المظالم من خلال الحوار».
ومن المقرر أن يغادر فيلتمان أديس أبابا اليوم (الجمعة). ولم تشأ الناطقة باسم رئاسة الوزراء الإثيوبية بيلين سيوم، الإجابة عن سؤال عمّا إذا كان آبي أحمد سيلتقي فيلتمان، الذي أصر هذا الأسبوع على أن «هناك الكثير والكثير من الطرق لبدء محادثات سرّية». وفيما حذر الاتحاد الأوروبي من «التشرذم والصراع المسلح الواسع النطاق»، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أنه تحادث مع آبي أحمد «لعرض المساعي الحميدة لتهيئة الظروف للحوار حتى يتوقف القتال». وكذلك دعا الرئيس الأوغندي يوويري موسيفيني إلى عقد اجتماع لزعماء دول تكتل شرق أفريقيا في 16 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري لمناقشة النزاع في إثيوبيا، وفقاً لما أعلنه وزير الخارجية الأوغندي أوكيلو أوريم، الذي أضاف أن «الرئيس موسيفيني على اتصال برئيس الوزراء آبي أحمد حول الوضع الراهن في إثيوبيا»، معبّراً عن «قلقه من رفض جماعة تيغراي الانخراط في مفاوضات والتوصل لوقف لإطلاق النار. وقال الرئيس الكيني أوهورو كينياتا إن الافتقار إلى الحوار «كان مقلقاً بشكل خاص»، إذ إن الحرب التي قضى فيها آلاف الأشخاص وشرّدت الملايين منذ نوفمبر 2020 تهدد بابتلاع العاصمة أديس أبابا.
ولكن في الوقت ذاته، دعا آبي أحمد المواطنين الإثيوبيين مجدداً إلى الانتفاض و«دفن» قوات تيغراي التي هيمنت لفترة طويلة على الحكم في البلاد قبل أن يتولى هو السلطة. وفي إجراء نادر ضد رئيس دولة أو حكومة، أزالت شركة «فيسبوك» أول من أمس (الأربعاء)، منشوراً كتبه آبي بهذه اللغة، معتبرة أنه ينتهك سياسات مناهضة التحريض على العنف. وقالت وزارة الخارجية الكينية بشكل منفصل إنه «يجب نبذ» التصريحات التي تحرّض المواطنين العاديين على العنف. إلى ذلك، أفاد الناطق باسم قوات تيغراي غيتاتشو رضا، في تغريدة على «تويتر» بأن مقاتلي الجبهة «تعاونوا» مع «جيش تحرير أورومو» المسلح للاستيلاء على مدينة كيميس القريبة من العاصمة. وقال إن «العمليات المشتركة ستستمر في الأيام والأسابيع المقبلة». وأكد مصدر أمني أن الجماعتين تقاتلان معاً للسيطرة على كميس، مضيفاً أن قوات تيغراي تتقدم شرقاً وجنوباً في اتجاه أديس أبابا. ومع إعلان حال الطوارئ التي تسمح للقوى الأمنية بسلطات استثنائية جديدة، أخبر السكان من جماعة التيغراي العرقية في العاصمة أنهم يختبئون في منازلهم خوفاً من عمليات تفتيش من منزل إلى منزل، بالإضافة إلى توقيف الناس في الشوارع للتحقق من بطاقات الهوية التي يجب أن تُحمل الآن. وقدر أحد المحامين أن آلاف الأشخاص اعتُقلوا هذا الأسبوع، مستشهداً بمحادثات مع «الكثير من الأشخاص من جهات المدينة الأربع». ولفت إلى أن محامي التيغرانيين صاروا الآن عاجزين عن المساعدة بسبب عرقهم.
وأفادت امرأة شابة اسمها راحيل أن زوجها اعتُقل (الثلاثاء) في أثناء ذهابه للعمل كتاجر، من دون توجيه أي تهمة له. وقالت: «أملنا الوحيد الآن هو (قوات تيغراي)». وأبلغ شخص اسمه يارد أن شقيقه رجل أعمال واعتُقل (الاثنين)، مضيفاً أنه عندما ذهب إلى مركز الشرطة لزيارته رأى العشرات من التيغرانيين الآخرين.
- «فيسبوك» يحذف منشوراً لآبي أحمد
> حذف تطبيق «فيسبوك» منشوراً وضعه رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد على صفحته، وذلك «لانتهاكه السياسات المتعلقة بالتحريض على العنف». وكان المنشور قد دعا مواطني إثيوبيا، يوم الأحد الماضي، إلى استخدام «أي نوع من الأسلحة» لصد تقدم «الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي»، صوب العاصمة أديس أبابا.
ونقلت وكالة «بلومبرغ» للأنباء عن متحدث باسم شركة «ميتا بلاتفورمز»، الاسم الجديد لشركة «فيسبوك»، في ردٍّ عبر البريد الإلكتروني، القول: «علمنا بشأن منشور لرئيس وزراء إثيوبيا، وحذفناه بسبب انتهاكه سياساتنا المناهضة للتحريض على العنف ودعمه». وأعلنت الحكومة الإثيوبية حالة الطوارئ على مستوى البلاد (الثلاثاء)، وحثت سكان العاصمة على الدفاع عن مناطقهم.
وسيطرت جبهة تحرير تيغراي وجيش تحرير أورومو على بلدتي ديسي وكومبولتشا الرئيسيتين، في طريقهما إلى العاصمة، وأعلنتا (الأربعاء) السيطرة أيضاً على بلدة كيميس، التي تبعد 327 كيلومتراً إلى الشمال من أديس أبابا.



الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
TT

الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)

أطلق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا»، الأربعاء، نداء لجمع أكثر من 47 مليار دولار، لتوفير المساعدات الضرورية لنحو 190 مليون شخص خلال عام 2025، في وقتٍ تتنامى فيه الحاجات بسبب النزاعات والتغير المناخي.

وقال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، توم فليتشر، مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة عن العمل الإنساني لعام 2025»، إن الفئات الأكثر ضعفاً، بما في ذلك الأطفال والنساء والأشخاص ذوو الإعاقة والفقراء، يدفعون الثمن الأعلى «في عالم مشتعل».

سودانيون فارُّون من المعارك بمنطقة الجزيرة في مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)

وفي ظل النزاعات الدامية التي تشهدها مناطق عدة في العالم؛ خصوصاً غزة والسودان وأوكرانيا، والكلفة المتزايدة للتغير المناخي وظروف الطقس الحادة، تُقدِّر الأمم المتحدة أن 305 ملايين شخص في العالم سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية، العام المقبل.

أطفال يحملون أواني معدنية ويتزاحمون للحصول على الطعام من مطبخ يتبع الأعمال الخيرية في خان يونس بقطاع غزة (إ.ب.أ)

وأوضح «أوتشا»، في تقريره، أن التمويل المطلوب سيساعد الأمم المتحدة وشركاءها على دعم الناس في 33 دولة و9 مناطق تستضيف اللاجئين.

وقال فليتشر: «نتعامل حالياً مع أزمات متعددة... والفئات الأكثر ضعفاً في العالم هم الذين يدفعون الثمن»، مشيراً إلى أن اتساع الهوة على صعيد المساواة، إضافة إلى تداعيات النزاعات والتغير المناخي، كل ذلك أسهم في تشكُّل «عاصفة متكاملة» من الحاجات.

ويتعلق النداء بطلب جمع 47.4 مليار دولار لوكالات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإنسانية لسنة 2025، وهو أقل بقليل من نداء عام 2024.

وأقر المسؤول الأممي، الذي تولى منصبه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الأمم المتحدة وشركاءها لن يكون في مقدورهم توفير الدعم لكل المحتاجين.

أم أوكرانية تعانق ابنها بعد عودته من روسيا... الصورة في كييف يوم 8 أبريل 2023 (رويترز)

وأوضح: «ثمة 115 مليون شخص لن نتمكن من الوصول إليهم»، وفق هذه الخطة، مؤكداً أنه يشعر «بالعار والخوف والأمل» مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة»، للمرة الأولى من توليه منصبه.

وعَدَّ أن كل رقم في التقرير «يمثل حياة محطمة» بسبب النزاعات والمناخ «وتفكك أنظمتنا للتضامن الدولي».

وخفضت الأمم المتحدة مناشدتها لعام 2024 إلى 46 مليار دولار، من 56 ملياراً في العام السابق، مع تراجع إقبال المانحين على تقديم الأموال، لكنها لم تجمع إلا 43 في المائة من المبلغ المطلوب، وهي واحدة من أسوأ المعدلات في التاريخ. وقدمت واشنطن أكثر من 10 مليارات دولار؛ أي نحو نصف الأموال التي تلقتها. وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إن عمال الإغاثة اضطروا لاتخاذ خيارات صعبة، فخفّضوا المساعدات الغذائية 80 في المائة في سوريا، وخدمات المياه في اليمن المعرَّض للكوليرا. والمساعدات ليست سوى جزء واحد من إجمالي إنفاق الأمم المتحدة، التي لم تفلح لسنوات في تلبية احتياجات ميزانيتها الأساسية بسبب عدم سداد الدول مستحقاتها. وعلى الرغم من وقف الرئيس المنتخب دونالد ترمب بعض الإنفاق في إطار الأمم المتحدة، خلال ولايته الرئاسية الأولى، فإنه ترك ميزانيات المساعدات في الأمم المتحدة بلا تخفيض. لكن مسؤولين ودبلوماسيين يتوقعون تقليل الإنفاق في ولايته الجديدة، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

من جانبه، قال يان إيغلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين: «الولايات المتحدة علامة استفهام كبيرة... أخشى أننا ربما نتعرض لخيبة أمل مريرة؛ لأن المزاج العام العالمي والتطورات السياسية داخل الدول ليست في مصلحتنا». وكان إيغلاند قد تولّى منصب فليتشر نفسه من 2003 إلى 2006. والمشروع 2025، وهو مجموعة من المقترحات المثيرة للجدل التي وضعها بعض مستشاري ترمب، يستهدف «الزيادات المسرفة في الموازنة» من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. ولم تردَّ الإدارة التي يشكلها ترامب على طلب للتعليق. وأشار فليتشر إلى «انحلال أنظمتنا للتضامن الدولي»، ودعا إلى توسيع قاعدة المانحين. وعند سؤال فليتشر عن تأثير ترمب، أجاب: «لا أعتقد أنه لا توجد شفقة لدى هذه الحكومات المنتخبة». ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن أحد التحديات هو استمرار الأزمات لفترة أطول تبلغ عشر سنوات في المتوسط. وقال مايك رايان، المدير التنفيذي لبرنامج منظمة الصحة العالمية للطوارئ الصحية، إن بعض الدول تدخل في «حالة أزمة دائمة». وحلّت المفوضية الأوروبية، الهيئة التنفيذية في الاتحاد الأوروبي، وألمانيا في المركزين الثاني والثالث لأكبر المانحين لميزانيات الأمم المتحدة للمساعدات، هذا العام. وقالت شارلوت سلينتي، الأمين العام لمجلس اللاجئين الدنماركي، إن إسهامات أوروبا محل شك أيضاً في ظل تحويل التمويل إلى الدفاع. وأضافت: «إنه عالم أكثر هشاشة وعدم قابلية على التنبؤ (مما كان عليه في ولاية ترمب الأولى)، مع وجود أزمات أكثر، وإذا كانت إدارة الولايات المتحدة ستُخفض تمويلها الإنساني، فقد يكون سد فجوة الاحتياجات المتنامية أكثر تعقيداً».