إسرائيل: حظر المنظمات الفلسطينية تم بمعطيات مضللة

الممولون الأوروبيون وجدوا الاتهامات غير صحيحة

مؤسسة «الحق» الفلسطينية في رام الله أثناء استقبال ممثلين عن منظمات إسرائيلية متضامنة معها (إ.ب.أ)
مؤسسة «الحق» الفلسطينية في رام الله أثناء استقبال ممثلين عن منظمات إسرائيلية متضامنة معها (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل: حظر المنظمات الفلسطينية تم بمعطيات مضللة

مؤسسة «الحق» الفلسطينية في رام الله أثناء استقبال ممثلين عن منظمات إسرائيلية متضامنة معها (إ.ب.أ)
مؤسسة «الحق» الفلسطينية في رام الله أثناء استقبال ممثلين عن منظمات إسرائيلية متضامنة معها (إ.ب.أ)

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب، الخميس، أن هناك أخطاء وقعت بها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية التي دفعت إلى قرار الحكومة حظر ست منظمات حقوقية ومدنية فلسطينية، وأن جهاز الأمن العام «الشاباك»، الذي صنف هذه المنظمات على أنها «تمول الإرهاب»، اعتمد على معلومات خاطئة، بعضها كيدية وبعضها مشوهة.
والأنكى من ذلك، أن جهات إسرائيلية رسمية كانت قد وضعت هذه المعطيات، في تقارير استخبارية سرية أمام دول الاتحاد الأوروبي التي تمول هذه المنظمات، الذي قام بإجراء تحقيقات خاصة به ثم أبلغ إسرائيل بأن اتهاماتها غير صحيحة.
وقال الناشط السياسي الإسرائيلي من أجل المساواة والعدالة الاجتماعية، يوفال ابراهام، إن الأوروبيين أخذوا الاتهامات الإسرائيلية في حينه بكل جدية، وأجروا تحقيقات مستقلة عميقة في حسابات الجمعيات الست، وغيرها مما تعرضت للاتهام الإسرائيلي بأنها تحولت إلى قناة لنقل الأموال إلى جهات تنشط في الإرهاب، وتتبعت أثر كل المصاريف فوجدت أنه لا يوجد أساس من الصحة للاتهامات. عندها أبلغت السلطات الإسرائيلية بنتائج التحقيقات، واستمرت في تمويل تلك المنظمات.
واتضح من تحقيق أجراه أبراهام لصالح الموقع اليساري «سيحا مكوميت» (محادثة محلية)، أن المخابرات الإسرائيلية، وعلى عكس ادعاءاتها، لم تجر تحقيقات معمقة قبل أن تصدر الاتهامات وتقود إلى قرار الحظر. وأنها اعتمدت على إفادة شخص فلسطيني، كان موظفا في إحدى المنظمات وطرد على خلفية شبهات ضده بالفساد. وقال أبراهام: «لم تحظ المنظمات الفلسطينية الست، التي قرر وزير الدفاع، بيني غانتس، أنها (منظمات إرهابية)، بمحاكمة، ولم تحصل على إمكانية الرد على الاتهامات القاسية التي وجهت ضدها. وتم حظرها، من خلال تخطي هذا الصداع، المسمى أدلة، وقضاة وجلسات استماع عادلة». وتابع كاتب التقرير «اتصلت بالمنظمات الست وتحدثت مع المديرين والإدارات التي تقودها. الواضح أن كل هذه المنظمات، قد تكون القوة الأكثر تقدما من النواحي السياسية الاقتصادية والجندرية في الضفة: نشطاء اليسار الذين ينتقدون بحدة أيضا النظام الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية. لكنهم جميعا أصبحوا الآن، بين ليلة وضحاها، نشطاء في (منظمة إرهابية)»، وفق اسرائيل.
وشدد على أنه وفق مصادر معنية ببعض مواصفات الملف القضائي، فإنها تستند إلى شهادة موظف وحيد تم فصله من إحدى المنظمات على خلفية الفساد. مضيفا أن هناك أدلة داحضة، فخلال السنوات الخمس الأخيرة، «أجرت حكومات أوروبية، عدة مرات، مراقبة للميزانية، لكل واحدة من المنظمات الست هذه، بعد ضغط إسرائيلي، ولم تجد شيئا».
في السياق، ذكرت صحيفة «هآرتس»، في تقرير لها، الخميس، أن الشابك قدم مذكرة إلى أعضاء في الكونغرس الأميركي لإقناعهم بصحة الاتهامات الإسرائيلية ضد المنظمات الست، وتبين أن التقرير يستند إلى إفادات من موظفين فلسطينيين سابقين في «لجان العمل الصحي»، وهي مؤسسة فلسطينية ليست مشمولة ضمن المنظمات الست، وأن هذين الموظفين، كانا قد فُصلا من العمل في هذه المؤسسة. ولذلك هناك مجال لاعتبار إفاداتهم كيدية وانتقامية، وليست بالضرورة صحيحة، وبالتأكيد لا تشكل وثيقة إدانة في المحكمة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.