رحيل عبد الهادي التازي «فقيه» المؤرخين والدبلوماسيين المغاربة

عرف بشغفه بابن بطوطة.. وبالتاريخ الدبلوماسي لبلده

عبد الهادي التازي
عبد الهادي التازي
TT

رحيل عبد الهادي التازي «فقيه» المؤرخين والدبلوماسيين المغاربة

عبد الهادي التازي
عبد الهادي التازي

شيع أمس جثمان الدكتور عبد الهادي التازي الدبلوماسي والمؤرخ المغربي وعضو أكاديمية المملكة المغربية عن سن 94 عاما، وذلك بضريح أبي بكر بن العربي بمدينة فاس، مسقط رأسه. وبرحيل التازي يفقد المغرب والعالم العربي هرما فكريا شامخا، ظل عطاؤه متواصلا لأكثر من 8 عقود، واستحق بذلك الكثير من الألقاب والصفات العلمية، فهو الأديب الشاعر، والمترجم المحقق، والفقيه المؤرخ، والرحالة والدبلوماسي، والأكاديمي المشارك، وعميد المؤرخين المغاربة، و«المؤرخ الفريد».
وشغل الراحل عدة مناصب علمية ودبلوماسية رفيعة، إذ عين سنة 1974 مديرا للمعهد الجامعي للبحث العلمي، وسفيرا للمغرب لدى عدد من البلدان، ويعد التازي الرئيس المؤسس لنادي الدبلوماسيين المغاربة (1990)، كما عين رئيسا للمؤتمر العالمي السادس للأسماء الجغرافية بنيويورك. وشغل الراحل أيضا عضوية عدد من المجامع العلمية منها المجمع العلمي العراقي، ومجمع اللغة العربية بالقاهرة، والمعهد العربي الأرجنتيني، ومؤسسة آل البيت، ومجمع اللغة العربية بالأردن، ومجمع اللغة العربية بدمشق. وجرى توشيحه بعدد من الأوسمة الرفيعة داخل وخارج المغرب.
وصدر للفقيد مجموعة من الكتب عبارة عن ترجمات وأبحاث بالعربية والفرنسية والإنجليزية، بالإضافة إلى نشره الكثير من المقالات، ومن بين أعماله «الموجز في تاريخ العلاقات الدولية للمملكة المغربية» و«تاريخ العلاقات المغربية الأميركية» و«الرموز السرية في المراسلات المغربية عبر التاريخ»، و«التاريخ الدبلوماسي للمغرب»، و«دفاعا عن الوحدة الترابية» و«رحلة الرحلات..مكة في مائة رحلة مغربية ورحلة» كما قام بتحقيق كتاب «تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار» للرحالة ابن بطوطة.
في حوار سابق مع «الشرق الأوسط» عام 2010. عبر التازي عن شغفه بالقراءة بالقول إن مكتبته التي أهداها إلى خزانة جامعة القرويين بفاس، كانت تضم 7 آلاف كتاب. وفعل ذلك «رغم معزة الكتاب لدي، ورغم أني اكتسبت باحتضاني هذه المؤلفات في مكتبتي رحما بيني وبينها»، ويضيف التازي قائلا عن ارتباطه بالقراءة «أنا الرجل الذي لا يمكن أن تراه من دون كتاب في يده، سواء كنت في السفر أو الحضر، وسواء أكان سفري برا أم بحرا أم جوا».
بدأ التازي يهتم بالقراءة في سن الشباب والمراهقة: «عندما كانت شراييني تعيش مع 18 و19 و20 من العمر، حينها أدركت أهمية قراءة الكتب والمجلات، كما أدركت أن تعلم اللغات الأخرى غير اللغة العربية ضروري للحياة، واستطعت أن أغتنم الفرصة وأنا في السجن (اعتقل بسبب نشاطه في الحركة الوطنية المناهضة للاستعمار) لكي أتعلم اللغة الفرنسية وأنال بعد خروجي من السجن شهادة أكاديمية بها، كما حصلت على شهادة في اللغة الإنجليزية من معهد اللغات ببغداد عام 1966 عندما كنت سفيرا للمغرب في بغداد، حيث ترجمت الكثير من الكتب بعد ذلك من الإنجليزية إلى العربية». ولذلك، يضيف التازي: «أنا أقرأ الكتب والمجلات باللغات الثلاث العربية والفرنسية والإنجليزية، وما زلت أتطلع لمعرفة عدد أكبر من اللغات حتى لا أبقى معاقا».
لا تقتصر قراءات التازي على مجالات بعينها، فهو يقول إن «زمن التخصصات قد ولى وانتهى، فقراءاتي تشمل كل شيء، من مجال العلاقات الدولية ماضيا وحاضرا، إلى ما ينبغي أن نأكل ونشرب»، ويضيف: «على الفقيه أن يقرأ ما يكتبه الفلكي، وعلى الفلكي أن يقرأ ما يكتبه الفقيه، فأنا من الذين يقولون إن على الشخص ألا يغتر بالمعلومات التي لديه ويكتفي بها، فلن يكون الشخص ناجحا إلا إذا اهتم بالمائدة، واللباس، والجو، والزراعة، والماء». وأوضح التازي قائلا: «إنني أتناول غذائي والكتاب أمام عيني وأستحم والكتاب أيضا أمام عيني».



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.