واشنطن تتابع عن كثب أي تجاوزات محتملة للقوات العراقية في تكريت

«العفو الدولية» تحقق في خروقات للحشد الشعبي

واشنطن تتابع عن كثب أي تجاوزات محتملة للقوات العراقية في تكريت
TT

واشنطن تتابع عن كثب أي تجاوزات محتملة للقوات العراقية في تكريت

واشنطن تتابع عن كثب أي تجاوزات محتملة للقوات العراقية في تكريت

أعلن مسؤول كبير في البنتاغون، أول من أمس، أن الولايات المتحدة تتابع «من كثب» أي تجاوزات محتملة للقوات العراقية وحلفائها في تكريت؛ حيث أفادت معلومات أن هذه القوات ارتكبت انتهاكات لحقوق الإنسان خلال استعادتها السيطرة على المدينة من تنظيم داعش.
وقال المسؤول للصحافيين، طالبا عدم ذكر اسمه، إنه حتى الساعة «ليس واضحا» ما إذا تم ارتكاب تجاوزات «لكن هذا ما سنتابعه».
واستعادت القوات العراقية مدعومة بفصائل شيعية وغارات التحالف الدولي بقيادة أميركية، الثلاثاء الماضي، السيطرة على المدينة التي ظلت لنحو 10 شهور محتلة من مسلحي تنظيم داعش المتطرف.
واعتبرت هذه العملية اختبارا لقدرة فصائل المتطوعين وغالبية المنتمين إليها من الشيعة في استعادة مدينة سنية دون ارتكاب أعمال انتقامية ضد الأهالي.
وأول من أمس، قالت منظمة العفو الدولية إنها تحقق في انتهاكات لحقوق الإنسان، قد تكون ارتكبتها القوات العراقية والميليشيات الشيعية المتحالفة معها أثناء الهجوم لاستعادة المدينة السنية الواقعة شمال بغداد التي سيطر عليها التنظيم المتطرف لمدة 10 شهور.
وقالت دوناتيلا روفيرا، المسؤولة في المنظمة الحقوقية، لوكالة الصحافة الفرنسية: «نحن نحقق في معلومات أشارت إلى أن عددا كبيرا من السكان اعتقلوا مطلع مارس (آذار) الماضي، ولا توجد معلومات عنهم حتى الآن. كما أشارت معلومات أخرى إلى هجمات على منازل أو متاجر تم تدميرها بالمتفجرات أو حرقها بعد نهبها من قبل عناصر مسلحة». ووافقت الولايات المتحدة على تأمين غطاء جوي لدعم الهجوم من أجل استعادة تكريت بعد أن أكدت الحكومة العراقية أنها تسيطر بشكل كامل على كل القوات المشاركة في العملية، وكان ذلك معناه انسحاب فصائل شيعية مرتبطة بإيران من المعارك في وسط تكريت.
وتابع المسؤول العسكري أن قرار واشنطن شن غارات جوية، دليلا على دعمها للحكومة العراقية.
لكن المسؤول العسكري، الذي طلب عدم ذكر اسمه، قال إن العراقيين عليهم أن «يفهموا جيدا أنهم سيتحملون مسؤولية كل ما يمكن أن يحدث بعد عملية تكريت».
وأكد أن من واجب الحكومة العراقية التي يهيمن عليها الشيعة أن تحترم حقوق المواطنين السنة الذين يشكلون غالبية سكان تكريت، وأن تؤمن لهم على الفور مساعدات إنسانية وأن تسلم الأمن على الفور إلى الشرطة.
ومضى المسؤول يقول: «نحن نراقبهم من كثب، يجب على الحكومة المركزية أن تحترم تعهداتها حالما تصبح المدينة بالكامل تحت سيطرتها».
وحذرت الولايات المتحدة وجمعيات للدفاع عن حقوق الإنسان مرات عدة من أي تجاوزات طائفية ستؤدي إلى عنف في المستقبل وستخدم مصالح مسلحي تنظيم داعش. وتابع المسؤول أن القوات العراقية لا تزال تواجه «جيوبا» من المقاومة من قبل التنظيم المتطرف. وأضاف أنه وبمجرد إتمام العملية العسكرية في تكريت، فإن «المرحلة التالية هي بيجي». وتقع بيجي شمال تكريت على ضفاف نهر دجلة ولا تزال خاضعة لسيطرة تنظيم داعش.
وتابع المسؤول الأميركي أنها «المناورة العسكرية المهمة التالية، لأن مصفاة النفط في بيجي مهمة للاقتصاد العراقي».
وكانت القوات العراقية استعادت السيطرة على مصفاة بيجي العام الماضي إلا أن بغداد لا تزال بحاجة لطرد مسلحي «داعش» من المدينة والمناطق المحيطة بها.
ويعتبر الهجوم على بيجي خطوة ضرورية نحو عملية على نطاق واسع ممكنة لاستعادة الموصل ثاني كبرى مدن العراق والمعقل الرئيسي للتنظيم المتطرف.
إلا أن استعادة الموصل لا تزال بحاجة لعدة أشهر ولن تتم على الأرجح قبل الخريف، بحسب المسؤول نفسه.
وأشار إلى استبعاد أي عملية عسكرية في الموصل خلال رمضان الذي يصادف في أواسط يونيو (حزيران)، أو خلال أشهر الصيف حيث يعيق الحر الشديد أي عملية عسكرية على نطاق واسع. وتابع المسؤول أن أي هجوم محتمل من المرجح أن «يتم خلال الخريف بسبب الطقس وشهر رمضان».
وكان مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية توقع في فبراير (شباط)، أن يبدأ الهجوم لاستعادة الموصل في أبريل (نيسان) أو مايو (أيار)، إلا أن مسؤولين كبارا في البنتاغون استبعدوا ذلك لاحقا.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.