عمليات السرقة وحرق المنازل تحجب أضواء الانتصار في تكريت

نائب عن صلاح الدين لـ {الشرق الأوسط}: لا أحد ينفذ أوامر العبادي باعتقال «المندسين»

3 من متطوعي الحشد الشعبي يقودون دراجات هوائية وسط تكريت بعد يومين من إعلان تحريرها من تنظيم داعش (أ.ب)
3 من متطوعي الحشد الشعبي يقودون دراجات هوائية وسط تكريت بعد يومين من إعلان تحريرها من تنظيم داعش (أ.ب)
TT

عمليات السرقة وحرق المنازل تحجب أضواء الانتصار في تكريت

3 من متطوعي الحشد الشعبي يقودون دراجات هوائية وسط تكريت بعد يومين من إعلان تحريرها من تنظيم داعش (أ.ب)
3 من متطوعي الحشد الشعبي يقودون دراجات هوائية وسط تكريت بعد يومين من إعلان تحريرها من تنظيم داعش (أ.ب)

فيما بارك المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني عملية تحرير مدينة تكريت (160 كلم شمال بغداد) من تنظيم داعش، فقد حذر مرجع ديني شيعي آخر مما سماه «فتنة» النصر التي تسببت بحصول أعمال غير منضبطة، فقد تعهد رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي من جانبه «بالضرب بيد من حديد تجاه كل من يقوم بتجاوزات ضد أموال المواطنين وممتلكاتهم من أبناء المناطق المحررة».
ودعا ممثل المرجعية الدينية العليا في كربلاء عبد المهدي الكربلائي، خلال صلاة الجمعة «الجيش والحشد الشعبي من المتطوعين وأبناء العشائر إلى الاهتمام البالغ بحفظ وحراسة ممتلكات المواطنين في المناطق التي يتم تحريرها وعدم السماح بالاقتراب منها لأي كان». وطالب «الحكومة المركزية بالاهتمام بالمتطوعين من أبناء العشائر ممن يوثق بمواقفهم الوطنية وتزويدهم بالسلاح والذخيرة والمؤونة لتحقيق الأمن في المناطق المحررة».
لكن مرجعا شيعيا بارزا آخر حذر من مغبة استمرار الممارسات غير المقبولة التي تقوم بها عناصر غير منضبطة من الحشد الشعبي ضد أبناء المناطق المحررة.
وقال المرجع الشيعي آية الله محمد تقي المدرسي في بيان له أمس بأن «على الشعب العراقي والمسؤولين في الحكومة والقوات الأمنية أن ينتبهوا جيدا إلى فتنة النصر والالتزام بالقيم وعدم المساس بأهالي تكريت واحترامهم»، وشدد على ضرورة أن «لا تصدر من مقاتلي الجيش والحشد الشعبي وفصائل المقاومة أي تصرف غير مسؤول أو كلمة نابية فرحا بالنصر».
وفي السياق نفسه دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر من سماهم «إخوته من داخل المذهب» إلى تصحيح مسارهم والالتفات إلى دينهم قبل عقيدتهم، مضيفا في بيان له على هامش تواتر الأنباء بشأن عمليات الحرق والسلب للمنازل في تكريت أن «على كل من أذنب منهم وأساء وعصى أن يبادر إلى التوبة ويتدارك خطاياه أمام الله وأمام أسياده المعصومين، فإنه لن تنفعه شفاعتهم من دون ذلك».
من جانبه، رأى عضو البرلمان العراقي عن محافظة صلاح الدين وأحد شيوخ عشائرها شعلان الكريم في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الأولوية كانت وما زالت بالنسبة لنا هي محاربة تنظيم داعش؛ لأنه أمر لا بد منه، لكن مما يثير الحزن أن الشعوب عادة حين تحقق النصر تحتفل بهذا النصر، وما آثره كجزء من استحقاق وطني، بينما نحن نعمل العكس تماما»، مؤكدا أن «ما حصل في تكريت مهزلة ومسخرة وخرق لكل حقوق الإنسان، والأمر ليس وليد هذا اليوم الذي تم فيه تحرير تكريت، بل أستطيع القول إن الممارسات غير المسؤولة وغير المنضبطة بدأت تحصل منذ دخول الحشد الشعبي، حيث دخلت معهم عناصر غير منضبطة، وهو ما يتطلب من قيادات الحشد والحكومة العراقية توضيح ذلك؛ لأن من الصعب فك الارتباط والاستمرار بالتعامل مع نظرية المندسين».
وأوضح الكريم أن «التجاوزات تعدت بيوت المواطنين من سرقة وحرق وبلغت نحو 500 منزل بل امتدت هذه التجاوزات ضد المسؤولين في الحكومة المحلية في صلاح الدين، بل وضد القيادات العسكرية». وأشار إلى أن «الطرف الأول في التجاوزات هي الشرطة الاتحادية، وبالذات فوج الطوارئ ومعه عناصر من الحشد الشعبي، وأنا مسؤول عن كلامي هذا».
وتابع الكريم أن «المشكلة أن أحدا لا ينفذ أوامر العبادي، وهذه قضية خطيرة، لذلك نحن نناشد الأمم المتحدة والتحالف الدولي التدخل لمنع هذه التجاوزات الخطيرة».
من جهته، أكد الناشط السياسي في تكريت أحمد الحرباوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المواطنين الذين تم اعتقالهم بعد تحرير قضاء الدور وعددهم 125 مواطنا لم يتم إطلاق سراحهم حتى الآن، رغم أن الحجة كانت التحقيق معهم، وبالتالي فإن اختفاءهم حتى هذه اللحظة أمر بات يثير الاستغراب رغم المناشدات والتدخلات».
وأضاف الحرباوي أن «الخطورة تكمن في تعدد المستويات والمسؤوليات، حيث لا يوجد رأس يمكن التفاهم معه وإمكانية الوصول إلى حل، بل هناك فوضى، ويبدو أنها فوضى منظمة حتى تضيع الحقائق وتقيد الممارسات الخاطئة ضد مجهولين، أو من باتوا يسمون (المندسين)».
وكان مكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي أعلن أمس أن الأخير أمر القوات الأمنية في مدينة تكريت بالتصدي لحالات التخريب التي تمارسها «عصابات تريد الإساءة إلى بطولات القوات المشتركة».
وقال بيان صادر عن مكتب العبادي ونشر على الموقع الرسمي لرئاسة الوزراء إن «العبادي دعا القوات المتواجدة في تكريت إلى اعتقال كل شخص يقوم بمثل هذه الأعمال، والحفاظ على الممتلكات والمنشآت في محافظة صلاح الدين من أجل توجيه الجهود الخدمية إليها لإعادة الحياة للمحافظة وإعادة أهلها وتسليم أمنها للشرطة المحلية».
وأعلنت منظمة العفو الدولية أول من أمس، أنها تحقق في انتهاكات لحقوق الإنسان قد تكون ارتكبتها القوات العراقية وحلفاؤها أثناء الهجوم لاستعادة مدينة تكريت.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.