مرجعية النجف ترفض زج السيستاني في مفاوضات تشكيل الحكومة

جولة استكشافية لوفد كردي في بغداد

متظاهرون بمدينة الناصرية لإحياء ذكرى الحراك في 25 أكتوبر (تشرين الأول) (أ.ف.ب)
متظاهرون بمدينة الناصرية لإحياء ذكرى الحراك في 25 أكتوبر (تشرين الأول) (أ.ف.ب)
TT

مرجعية النجف ترفض زج السيستاني في مفاوضات تشكيل الحكومة

متظاهرون بمدينة الناصرية لإحياء ذكرى الحراك في 25 أكتوبر (تشرين الأول) (أ.ف.ب)
متظاهرون بمدينة الناصرية لإحياء ذكرى الحراك في 25 أكتوبر (تشرين الأول) (أ.ف.ب)

قطعت المرجعية العليا في النجف، ممثلة بالمرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني، أي أمل في إمكانية زجها كطرف في المباحثات الصعبة حول تشكيل الحكومة العراقية المقبلة.
وقال حامد الخفاف، مدير مكتب السيستاني، في بيان له مساء أول من أمس، إن «المرجعية الدينية العليا ليست طرفاً في أي اجتماعات أو مباحثات أو اتصالات أو استشارات بشأن عقد التحالفات السياسية وتشكيل الحكومة القادمة».
وأضاف البيان: «لا أساس من الصحة بتاتاً لأي من الأخبار التي تروج بخلاف ذلك من قبل بعض الأطراف والجهات في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي». وفيما تستمر الأزمة السياسية في البلاد نتيجة رفض القوى الخاسرة في الانتخابات الاعتراف بالنتائج التي أعلنتها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، فإن الأطراف السياسية المختلفة، لا سيما الشيعية منها، بدأت تسرب أخباراً تبدو المرجعية العليا طرفاً فيها. فعلى مدى الأيام الماضية جرى تداول بيانات منسوبة أو تسريبات بشأن كيفية تشكيل الحكومة القادمة وحول من يتولى منصب رئيس الوزراء، كما تم تسريب أخبار تقول إن المرجعية لا تؤيد عودة الرئاسات الثلاث (الجمهورية، والوزراء، والبرلمان).
وفي الوقت الذي يراد من هذه الأخبار خلط الأوراق أو الترويج لصالح طرف على حساب طرف آخر، أو الإيحاء بأن للمرجعية رأي بهذا المفصل أو ذاك، فإن نفي المرجعية مثل هذه الأخبار قطع الطريق أمام أي محاولات استغلال قادمة، سواءً لاسم المرجع الأعلى علي السيستاني أو بعنوان المرجعية.
ويرى مراقبون سياسيون في العراق أن بيان المرجعية أكد حياديتها تماماً حيال ما يجري، وهو ما يعني عدم رضاها عن المسار الذي تلا الانتخابات البرلمانية الأخيرة.
ويرى سياسي عراقي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، طالباً عدم الإشارة إلى اسمه أو عنوانه، أن «المرجعية باتت تشعر بأن النهج لن يتغير في الحكومة القادمة، وبالتالي فإنها تريد النأي بنفسها عن أي اتفاق سياسي»، مشيراً إلى أن «المرجعية كانت دعت إلى المشاركة الواسعة في الانتخابات الأخيرة، لكن نسبة المشاركة لم تكن بمستوى الطموح، وهو ما يعني أن الجمهور لم يعد يثق بالأحزاب الإسلامية.
إلى ذلك، وطبقاً لمعلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصدر مطلع، فإن «وفداً من الأحزاب الكردية سوف يزور العاصمة العراقية بغداد اليوم للقاء القيادات السياسية»، مشيراً إلى أن «الزيارة لن تكون لغرض إجراء مباحثات بقدر ما هي زيارة استكشافية للاطلاع على آخر التطورات في المشهد السياسي».
ورغم عدم الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات أو المصادقة عليها من قبل المحكمة الاتحادية العليا، فإن القوى السياسية العراقية، سواءً الفائزة منها بالانتخابات أو الخاسرة، تعمل على ترتيب أوراقها لجهة جمع ما يكفي من مقاعد من أجل تشكيل الكتلة البرلمانية الأكثر عدداً.
فالكتلة الصدرية التي حصلت على 74 مقعداً في الانتخابات تتحدث عن انضمام نواب آخرين إليها، ما رفع رصيدها إلى ما هو أعلى من الرقم الرسمي الذي حصلت عليه. من جهته، فإن ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي رئيس الوزراء الأسبق، يتحدث عن جمع نحو 85 مقعداً، بينما حصل المالكي على 37 مقعداً في الانتخابات.
وفي هذا السياق، يقول السياسي العراقي عزت الشابندر في بيان أرسل نسخة منه إلى «الشرق الأوسط»، إن «مشروع الأغلبية السياسية أو الوطنية أو الكتلة الأكبر هو النتاج الطبيعي لأي نظام ديمقراطي في العالم، وبدونه ليس هناك حاجة للانتخابات وتكاليفها أصلاً». ويضيف الشابندر أنه «ينبغي ألا يفوتنا بأن هذا المشروع (الأغلبية الحاكمة والأخرى المعارضة) مرتبط بشكل وثيق بالواقع الانتخابي ونتائجه التي تحدد الكتلة الأكبر من غيرها، بمعنى أن الانتخابات الشفّافة والخالية من الطعون الكبيرة في إدارتها أو نزاهتها هي المدخل الطبيعي لأحقيّة الكتلة في تشكيل الحكومة وإدارتها».
وأوضح الشابندر أن «ما ورد على انتخابات العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) 2021، من إشكالات حقيقية وطعون كبيرة وكثيرة وتساؤلات تبدأ من طبيعة الأجهزة الإلكترونية وأماكن إدارتها، ولا تنتهي في عشرات الأسئلة التي عجزت المفوضية عن إجابتها، يمكن أن يحقق مناخاً طبيعياً للركون إلى النتائج التي تحدد من هي الكتلة الأكبر وصاحبة الحق الحصري في تشكيل الحكومة»، مؤكداً أن «هذه بحد ذاتها مشكلة حقيقية يجب على المعنيين التوقف عندها لإيجاد حل يُخرج البلاد من أزمة قد تتسبب بانسداد سياسي يعرض البلاد إلى مشاكل لا تُحمد عُقباها».
ويرى الشابندر أن «الحل للخروج من المأزق الراهن يتمثل بالتوافق بين القوتين الشيعيتين الرئيسيتين: الكتلة الصدرية والإطار التنسيقي، لاختيار رئيس وزراء مستقل، بينما تتوزع المناصب الوزارية وفقاً للاستحقاق الانتخابي، بحيث تكون الوزارة منصباً قيادياً وسياسياً بعيداً عن قضية الوزير المستقل أو التكنوقراط».



اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
TT

اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)

كشف تقرير أممي حديث عن أن حالات الكوليرا في اليمن ارتفعت إلى نحو 219 ألف حالة منذ مطلع العام الحالي، أغلب هذه الحالات تم تسجيلها في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في حين استفاد أكثر من مليون شخص من خدمات توفير مياه الشرب النظيفة وخدمات الصرف الصحي المقدمة من الأمم المتحدة.

وأظهر تقرير مشترك صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة وكتلة المياه والصرف الصحي في اليمن، أنه تم الإبلاغ عن أكثر من 219 ألف حالة اشتباه بالإسهال المائي الحاد والكوليرا في معظم أنحاء البلاد خلال الفترة من 1 يناير (كانون الثاني) وحتى 20 أكتوبر (تشرين الأول)، وكانت أغلب هذه الحالات في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وتشكل ما نسبته أكثر من 80 في المائة من إجمالي الحالات المُبلَّغ عنها.

الحوثيون يواصلون التكتم على أعداد المصابين بالكوليرا (إعلام محلي)

وطبقاً لهذه البيانات، احتلت محافظة حجة قائمة المحافظات اليمنية في معدل حالات الإصابة بالوباء، حيث سُجل فيها نحو 35 ألف حالة، تلتها محافظة الحديدة بنحو 24 ألف حالة، ثم محافظة عمران التي سجلت 19 ألف حالة إصابة، ومن بعدها محافظتا إب وذمار بنحو 16 ألف حالة في كل واحدة منهما.

كما سجلت محافظة تعز 15 ألف حالة إصابة مشتبه بها، والعاصمة المختطفة صنعاء ومحافظتا الضالع والبيضاء بواقع 14 ألف إصابة في كل واحدة منها، في حين سجلت محافظة ريف صنعاء أكثر من 12 ألف إصابة، وسجلت محافظة صعدة المعقل الرئيسي للحوثيين 11 ألف إصابة، ومثل هذا العدد سُجل في محافظة المحويت الواقعة إلى الغرب من صنعاء، في حين سجلت بقية المحافظات 5 آلاف حالة.

وأظهر التقرير المشترك أن شركاء العمل الإنساني، وضمن جهود الاستجابة المشتركة لمواجهة تفشي وباء الكوليرا، تمكّنوا من الوصول إلى أكثر من مليون شخص بخدمات توفير المياه النظيفة والصرف الصحي ومستلزمات النظافة في 141 منطقة و128 موقعاً للنزوح الداخلي، منذ بداية العام.

شريان حياة

في تقرير آخر، أكد مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع أن الأحداث المناخية المتطرفة في اليمن خلقت عواقب مدمرة على المجتمعات الحضرية والريفية على حد سواء، وأن الطرق المقاومة للمناخ أصبحت شريان حياة للسكان، الذين يعانون بالفعل أزمة إنسانية مدمرة، حيث أدى مناخ البلاد شبه الجاف، إلى جانب الأحداث المناخية المتطرفة، إلى تفاقم نقاط الضعف القائمة.

وبيَّن المكتب أن تطوير البنية الأساسية المستدامة والمقاومة للمناخ والتي يمكنها تحمل الصدمات والضغوط المستقبلية بات أمراً ضرورياً لمعالجة الاحتياجات الهائلة للمجتمعات في جميع أنحاء البلاد.

الفيضانات ضاعفت معاناة سكان الريف في اليمن ودمَّرت طرقات وممتلكات (الأمم المتحدة)

وأوضح التقرير أنه من خلال مشروعين ممولين من قِبل مؤسسة التنمية الدولية التابعة للبنك الدولي، استجاب للتحديات الملحة المتمثلة في الأحداث المناخية المتطرفة المتزايدة الناجمة عن تغير المناخ في كل من المناطق الريفية والحضرية.

وذكر أن كثيراً من اليمنيين الذين يعتمدون على الزراعة في معيشتهم ومصدر غذائهم، أصبحوا أكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ، بما في ذلك ندرة المياه وأنماط هطول الأمطار غير المتوقعة وتآكل التربة، كما أن الفيضانات يمكن أن تقطع المجتمعات الريفية عن الخدمات الأساسية وتجعل من الصعب على المزارعين نقل منتجاتهم إلى الأسواق.

ولأن هذا المزيج، بحسب مكتب مشاريع الأمم المتحدة، أدى إلى انعدام الأمن الغذائي الشديد؛ فإن مكونات المشروع تستهدف إعادة تأهيل وتطوير 150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية، وبناء جسرين نموذجيين في مواقع استراتيجية ودعم صيانة 60 كيلومتراً من طرق الوصول إلى القرى و150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية من أجل ضمان الوصول الآمن والموثوق به إلى الأسواق والخدمات الاجتماعية والخدمات الأساسية للمجتمعات الريفية.

مشاريع الطرقات وفَّرت فرص عمل لعشرات الآلاف من اليمنيين (الأمم المتحدة)

ويركز المشروع على ترقية أسطح الطرق وتحسين الصرف واستخدام المواد الصديقة للمناخ، وإنشاء شبكة طرق يمكنها تحمُّل آثار تغير المناخ. بالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام تقنيات تثبيت المنحدرات لمنع التآكل وحماية الطرق من الانهيارات الأرضية؛ مما يعزز مرونة البنية الأساسية الريفية.

ولتعزيز الاستدامة بشكل أكبر؛ يؤكد المكتب الأممي أنه يتم تنفيذ الأعمال من قِبل أكثر من 40 شركة محلية، وأن التدريب في بناء القدرات ونقل المعرفة ساعد حتى الآن في إيجاد نحو 400 ألف فرصة عمل، بما في ذلك 39 ألف فرصة للنساء.