طائرات التحالف تكثف طلعاتها في شمال شرقي سوريا

أهالي بلدة في ريف حلب يناشدون دمشق وموسكو حمايتهم من أنقرة

عربة أميركية قرب منشآت نفطية شمال شرقي سوريا في الأول من الشهر الجاري (أ.ف.ب)
عربة أميركية قرب منشآت نفطية شمال شرقي سوريا في الأول من الشهر الجاري (أ.ف.ب)
TT

طائرات التحالف تكثف طلعاتها في شمال شرقي سوريا

عربة أميركية قرب منشآت نفطية شمال شرقي سوريا في الأول من الشهر الجاري (أ.ف.ب)
عربة أميركية قرب منشآت نفطية شمال شرقي سوريا في الأول من الشهر الجاري (أ.ف.ب)

صعّدت طائرات التحالف الدولي والمروحيات الحربية الروسية والطيران التركي المسيّر «الدرون» من طلعاتها الجوية فوق سماء شمال شرقي سوريا، في ظل تحشيد الجهات المتحاربة والتحركات العسكرية التي تشهدها مناطق شرقي الفرت، وسط تهديد تركي بشن هجوم عسكري ضد مواقع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، وقالت مصادر متقاطعة وسكان من أبناء محافظة الحسكة إن طائرتين مروحيتين تتبعان التحالف الدولي حلّقتا في المجال الجوي للمدينة واستمرتا لأكثر من ساعتين.
في وقت واصلت المروحيات الروسية إجراء مناورات وتدريبات عسكرية بالطيران الحربي فوق قريتي الكنطري والعالية بريف بلدة تل تمر الغربي التابعة للحسكة، وانسحبت المناورات إلى قرية الجلبية وصوامع شركراك بريف بلدة عين عيسى بالرقة، وقال شهود عيان ومسؤول عسكري ميداني إن الطيران الروسي أجرى طلعات مكثفة ومناورات عسكرية بالأسلحة والذخيرة الحية وأطلقت بالونات حرارية وقنابل ضوئية.
ومنذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) تنفذ المروحيات الروسية مناورات وطلعات جوية لليوم الرابع وتدريبات بالذخيرة الحية بمشاركة القوات النظامية الموالية للأسد، شملت بلدات تل تمر بالحسكة وعين عيسى بالرقة ومدينة الباب بريف حلب الشمالي وتل رفعت بريفها الشمالي، وحلقت على ارتفاع منخفض فوق خطوط الجبهة الفاصلة بين القوات النظامية المنتشرة في المنطقة، وقوات «قسد» التي تسيطر على مناطق شرقي الفرات، وفصائل «الجيش الوطني السوري» الموالية لتركيا، وتنتشر الأخيرة في الجهة المقابلة الشمالية ضمن مناطق العمليات التركية «نبع السلام» و«درع الفرات» و«غصن الزيتون».
في السياق ذاته، حلقت طائرة تركية مسيّرة «الدرون» فوق سماء مدينة عين العرب (كوباني) بريف محافظة حلب الشرقي، في وقت حلّقت طائرات حربية تركية فوق ريف مدينة عفرين الكردية وبلدة تل رفعت بريف حلب الشمالي. وأفاد موقع «جسر» نقلاً عن مصادر ميدانية أنّ الطيران الحربي التركي استهدف ليلة الثلاثاء - الأربعاء بغارتين جويتين مواقع تابعة لقوات «قسد» في ريف الحسكة الشمالي، وقصفت موقعاً ثانياً في ريف بلدة تل أبيض بالرقة الشمالي.
وجددت المدفعية التركية قصفها على قرية الدردارة بريف تل تمر المطلة على الطريق الدولي السريع (إم 4) دون ورود معلومات عن خسائر مادية أو بشرية وتسجيل إصابات، كما قصفت المدفعية التركية والفصائل السورية الموالية مواقع «قسد» في محيط عين عيسى بالرقة.
إلى ذلك، نظم أهالي بلدة تل رفعت بريف حلب الشمالي ونازحون يتحدرون من مدينة عفرين الكردية على مدار اليومين الماضيين، وقفات احتجاجية ورفعوا العلم السوري والرايات الكردية مطالبين القوات النظامية والجيش الروسي بحماية المنطقة من الهجمات والتهديدات التركية، وناشد المتظاهرون موسكو ودمشق عدم السماح لتركيا باحتلال المزيد من الأراضي السورية وارتكاب الانتهاكات والمجازر، حسب الشعارات واللافتات التي رُفعت خلال الاحتجاجات، وطالبوا القوات النظامية القيام بواجبها وحماية سيادة المنطقة.
بدوره؛ استنكر مجلس ناحية تل رفعت استمرار التصعيد التركي بشن عملية عسكرية ضد مناطقها الإدارية، وأكدوا في بيان نُشر على صفحات أعضائها بأنهم يمتلكون خيار المقاومة لصد أي عدوان، وقال البيان: «تحت ذريعة حماية أمنها القومي تقوم تركيا باحتلال المزيد من الأراضي السورية في الوقت الذي تستمر فيه الجهود الدولية لحل الأزمة السورية»، وانتقد بيان المجلس صمت المجتمع الدولي والمنظمات والإنسانية، «كما ننتقد صمت الدولة السورية عن انتهاك سيادة أراضيها، وعدم اتخاذها مواقف حاسمة وجدية حيال هذه التهديدات».
ويقول الحاج نديم الصادق، عضو المجلس وهو أحد وجهاء عشيرة «الدملي» العربية ويتحدر من قرية «أم حوش» التابعة لتل رفعت، إن منزله يقع على بعد مئات الأمتار من الحدود العسكرية التي قسمت مسقط رأسه إضافةً لتعرضها للنيران والقصف بشكل شبه يومي: «سمعنا كثيراً مثل هذه التهديدات، سنحمي بلدنا ومناطقنا وسندافع عنها وهو حق مشروع، نحن جاهزون لأي معركة ولن نتخلى عن أراضينا وجذورنا وتاريخنا».
وأعربت المواطنة حياة، وهي سيدة أربعينية نازحة من مدينة عفرين وتقطن بلدة تل رفعت بريف حلب الشمالي منذ عامين ونصف، إنها وزوجها وعائلتها يخشون كثيراً من تنفيذ التهديدات التركية. وأضافت: «قصدنا تل رفعت سنة 2018 ولجوارها من عفرين هرباً من القصف التركي وخوفاً من انتهاكات الفصائل الموالية لها، أما اليوم فتتعرض المنطقة للتهديد مجدداً وإذا نفذت تركيا وعدها فإلى أين نهرب؟!»، وناشدت المجتمع الدولي والدول الفاعلة بالحرب السورية العمل على إعادتهم لديارهم: «نريد العودة ولا نريد حرباً جديدة، نحن هنا بشكل مؤقت إلى حين أن نتمكن من العودة بأمان إلى ممتلكاتنا وأراضينا».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.