ميانمار تتحدى الضغوط الدولية وترفض زيارة مبعوث «آسيان»

رئيس المجلس الإداري لميانمار الجنرال مين أون هلاينغ (وسط) لدى استقباله بيل ريتشاردسون السفير الأميركي السابق لدى ميانمار (الرابع من اليسار) والوفد المرافق له أول من أمس (أ.ب)
رئيس المجلس الإداري لميانمار الجنرال مين أون هلاينغ (وسط) لدى استقباله بيل ريتشاردسون السفير الأميركي السابق لدى ميانمار (الرابع من اليسار) والوفد المرافق له أول من أمس (أ.ب)
TT

ميانمار تتحدى الضغوط الدولية وترفض زيارة مبعوث «آسيان»

رئيس المجلس الإداري لميانمار الجنرال مين أون هلاينغ (وسط) لدى استقباله بيل ريتشاردسون السفير الأميركي السابق لدى ميانمار (الرابع من اليسار) والوفد المرافق له أول من أمس (أ.ب)
رئيس المجلس الإداري لميانمار الجنرال مين أون هلاينغ (وسط) لدى استقباله بيل ريتشاردسون السفير الأميركي السابق لدى ميانمار (الرابع من اليسار) والوفد المرافق له أول من أمس (أ.ب)

بعد يوم من إجراء السفير الأميركي السابق لميانمار بيل ريتشاردسون مباحثات مع رئيس المجلس العسكري الحاكم في ميانمار مين أونج هلاينج، رفض الجيش السماح لمبعوث رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) بلقاء مع الزعيمة المعزولة أون سان سو تشي. وقال سو وين، الرجل الثاني في قيادة المجلس العسكري الذي استولى على السلطة وأطاح بحكومة سو تشي المنتخبة، إن السماح بزيارة أي أجنبي لشخص متهم بجرائم أمر يتنافى مع القوانين المحلية.
وقال «لن يتم السماح لأي منظمة بلقاء شخص يخضع للمحاكمة. أعتقد أنه لا توجد دولة سوف تسمح لأي شخص بتخطي القانون الحالي هكذا». جاءت تصريحاته في أعقاب قمة عبر الإنترنت في الأسبوع الماضي لقادة «آسيان» لم تحضرها ميانمار احتجاجاً على استبعاد قائد المجلس العسكري مين أونج هلاينج لعدم التزامه باتفاق السلام.
ووصفت ميانمار ذلك بأنه انتهاك لميثاق «آسيان» الذي يقضي بالتوافق وعدم التدخل، ورفضت إرسال ممثل أقل مكانة. وبُثت تصريحات سو وين، خلال اجتماع عبر الإنترنت لـ«آسيان» الثلاثاء. ويشير المسؤول بذلك إلى اريوان يوسف، الذي عيّنته «آسيان» مبعوثاً خاصاً لميانمار مطلع هذا العام. وتمسك الجيش الذي يحكم البلاد في ميانمار بقراره، أمس (الأربعاء)، ورفض زيارة المبعوث لزعيمة البلاد السابقة المحتجزة في مقاومة لضغوط دولية متزايدة للامتثال لخطة سلام إقليمية جرى الاتفاق عليها في أبريل (نيسان) الماضي. وقالت شبكة «إم أر تي في» الإعلامية التي تخضع لسيطرة الحكم العسكري، إن مين أونج وريتشاردسون ناقشا الوضع الوبائي لفيروس كورونا في ميانمار وفتح المدارس وإرسال أميركا لقاحات لميانمار.
وكان قد تم إلقاء القبض على أون سان سو تشي، 76 عاماً، قبل ساعات من الانقلاب الذي وقع في الأول من فبراير (شباط) الماضي، حيث أطاح الجيش بالقادة المدنيين، وأخضع البلاد مجدداً للنظام العسكري. وتشهد ميانمار فوضى وأعمال عنف منذ وقوع الانقلاب. وقمع الجيش كل المقاومة باستخدام القوة المفرطة.
وتشهد ميانمار احتجاجات وإضرابات وموجة عنف منذ الانقلاب العسكري، إذ يواجه المجلس العسكري صعوبات في حكم البلاد، ومقاومة مسلحة من جماعات ومتمردين من أقليات عرقية متحالفين مع حكومة ظل. وقتلت قوات الأمن أكثر من 1200 مدني، وفقاً لما ذكرته الأمم المتحدة نقلاً عن جماعة مراقبة محلية.



كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.