أظهرت نتائج الانتخابات الجزئية المتفرقة في عدد كبير من الولايات والمدن الأميركية، التي جرت الثلاثاء، أن الأميركيين وجهوا صفعة مدوية لخطاب اليسار الديمقراطي وللحزب عموماً، وعاقبوا الرئيس الأميركي جو بايدن بعد نحو عام من عهده، في ظل تراجع شعبيته بعد عودة انتشار الوباء، والصعوبات الاقتصادية، والانسحاب الفوضوي من أفغانستان. وفشلت ادعاءاته أنه صانع سلام ومفاوض ماهر وباني تحالفات وحلال للمشكلات، في إقناع حزبه الديمقراطي على الأقل بتمرير أجندته الاقتصادية والاجتماعية، في ظل استطلاعات الرأي التي أظهرت رفض الأغلبية أداءه رئيساً.
غير أن اللافت، بحسب استراتيجيين جمهوريين على الأقل، أن نجاح الجمهوريين في تحقيق نتائج جيدة في تلك الانتخابات، جاء بعدما حافظ مرشحو الحزب على مسافة معقولة بعيداً عن ترمب، رغم تأييده لهم. وبدا واضحاً أن غيابه عن قائمة المرشحين، ساهم في دفع عدد كبير من الناخبين الجمهوريين للمشاركة، مقابل إحجام الديمقراطيين وجمهورهم عن الاندفاع للاستفتاء ضده، كما حدث العام الماضي. وهو ما أفقد الديمقراطيين سلاحاً عولوا عليه كثيراً، مما يفرض عليهم تغيير خطابهم التحريضي القائم على «فزاعة» ترمب.
وتمكن الجمهوريون من الفوز في انتخابات حاكم ولاية فيرجينيا؛ أهم الولايات المحاذية للعاصمة واشنطن، مما شكل ضربة سياسية كبيرة للديمقراطيين الذين تمكنوا من تحويلها إلى ولاية زرقاء منذ انتخاب باراك أوباما. ولم يكتف الجمهوريون بهذا الفوز؛ إذ إن ما كان من المفترض أن تكون محاولة إعادة انتخاب عادية للحاكم الديمقراطي، فيل مورفي، في ولاية نيوجيرزي «الزرقاء»، مقابل منافسه الجمهوري جاك سياتاريلي، تحولت إلى إحراج وجرس إنذار كبير للديمقراطيين، قبل سنة من انتخابات التجديد النصفي. وحتى كتابة هذا النص، كان سياتاريلي متقدماً بأكثر من ألف ومائتي صوت؛ أي 49.7 في المائة مقابل 49.6 في المائة لمورفي.
وسجل الجمهوريون أيضاً عدداً من النتائج الرئيسية في ولاية فيرجينيا. فقد هزمت الجمهورية وينسوم سيرز، الديمقراطية هيا أيالا، لتصبح أول امرأة سوداء نائبة للحاكم في تاريخ الولاية. كما هزم الجمهوري جيسون مياريس، الديمقراطي مارك هيرينج، المدعي العام الحالي للولاية لفترتين. وقلب الحزب أيضاً ما لا يقل عن 5 مقاعد في مجلس نواب الولاية في فرجينيا، وهو على وشك الفوز بمقعد سادس، والذي من شأنه أن يمنح الجمهوريين الأغلبية في مجلس الولاية. وعلى الفور؛ ترددت أصداء نتائج فرجينيا في الفضاء السياسي؛ خصوصاً في مبنى «الكابيتول»، حيث لم يتوصل المشرعون الديمقراطيون بعد إلى اتفاق بشأن إقرار أجندة إعادة البناء بقيمة تصل إلى تريليوني دولار، وسط تبادل الاتهامات بين التقدميين والوسطيين. وهو ما ترك الديمقراطيون يتساءلون عن التأثير الذي سيحدثه فوز يونغ كين، مع اقتراب المفاوضات الجارية بين التيارين من خط النهاية.
وساهم فوز الجمهوريين في تعزيز الروح المعنوية المرتفعة بالفعل، قبل عام من انتخابات التجديد النصفي لعام 2022، مما منحهم دليلاً على أن استعادة الضواحي أمر ممكن، خصوصاً دون ترمب على رأس القائمة. ولا يفصل الجمهوريين عن استعادتهم السيطرة على مجلس النواب سوى 5 مقاعد، فيما يحتاجون إلى مقعد واحد لكسر التعادل 50 - 50 في مجلس الشيوخ، رغم الخريطة المعقدة نسبياً في هذا المجال. ونقلت صحيفة «مورنينغ ريبورت» عن أحد المحللين الاستراتيجيين في الحزب الجمهوري قوله: «انتصار يونغ كين في فرجينيا يجب أن يكون جرس إنذار للديمقراطيين في كل مكان بأن هناك موجة كبيرة في الطريق». وأضاف: «نحن ننظر إلى موجة يمكن أن تعيد مجموعة كبيرة من الجمهوريين إلى مناصبهم». وقبل يوم واحد من الانتخابات؛ قال غالبية ناخبي فرجينيا إن لديهم وجهة نظر غير مواتية لترمب، لكن يونغ كين كان في وضع جيد، وفقاً لاستطلاع أجرته وكالة «أسوشييتد برس» مع مؤسسة «فوت كاست».
وقال نحو نصفهم إن لديهم رأياً إيجابياً بالمرشح الجمهوري، فيما احتل الاقتصاد المرتبة الأولى في قائمة القضايا التي تواجه ولاية فرجينيا، مع تصاعد انتشار وباء فيروس «كورونا» وقضايا التعليم. كما انقسم الناخبون في فرجينيا في رأيهم بشأن أداء بايدن.
ورغم النتائج السيئة للديمقراطيين، فإنهم قد تمكنوا من الفوز في انتخابات عدد من المدن الأخرى. فقد فاز الديمقراطي إريك آدامز بسهولة على منافسه الجمهوري كورتيس سليو، الذي لا يزال يعتمر قبعة حمراء، وأنشأ عام 1979 نوعاً من الميليشيا باسم «الملائكة الحراس» كانت تسيّر دوريات طوعاً للتصدي للاعتداءات في الشوارع، إلى جانب الشرطة، برئاسة بلدية مدينة نيويورك.
وذكرت تقارير أن الديمقراطي بيل دي بلاسيو، عمدة مدينة نيويورك المنتهية ولايته، قدم الأسبوع الماضي أوراق ترشحه لمنصب الحاكم، خلفاً لآندرو كومو، الذي استقال على خلفية فضيحة تحرش جنسي. كما فازت الديمقراطية ميشيل وو برئاسة بلدية مدينة بوسطن، لتصبح أول امرأة وأول شخص غير أبيض يفوز بهذا المنصب في المدينة، بعدما تغلبت على منافستها أنيسة الصيبي جورج، وهي أيضاً من أصول مهاجرة، فوالدها من أصل تونسي ووالدتها من أصل بولندي.
وفاز المرشح الديمقراطي، عبد الله حمود، على الجمهوري غاري ورونشاك ممثل الولاية السابق والمفوض السابق لمقاطعة واين، بنسبة 54.6 في المائة من الأصوات مقابل 45 في المائة، بمنصب رئيس بلدية مدينة ديربورن في ولاية ميتشغان. وبات حمود أول شخص من أصول عربية (والداه من أصل لبناني)، يتبوأ منصب رئاسة بلدية ديربورن، المدينة البالغ عدد سكانها 110 آلاف نسمة. كما فاز الديمقراطي أمير غالب بمنصب رئيس بلدية مدينة هامترامك في ولاية ميتشغان، على الجمهورية كارين ماجوسكيو، بعد حصوله على 68 في المائة من الأصوات، مقابل 31 في المائة لمنافسته.
وبات غالب، البالغ من العمر 42 عاماً، أول أميركي من أصول يمنية يصل إلى هذا المستوى من التمثيل السياسي في المدينة، التي يبلغ تعداد سكانها 22 ألف نسمة؛ منهم 22 في المائة من أصول يمنية. كما يعد أول عربي مسلم يتبوأ منصب رئاسة بلدية المدينة. وفاز المرشح الديمقراطي إد غايني، على الجمهوري توني مورينو، في انتخابات رئاسة بلدية مدينة بيتسبرغ في ولاية بنسلفانيا، وهو أول أسود يتولى هذا المنصب، بعدما حصل على أكثر من 67 في المائة من الأصوات. في المقابل؛ رفض الناخبون في مينيابوليس اقتراحاً باستبدال إدارة جديدة للسلامة العامة بالشرطة؛ في هزيمة لاقتراح «ديمقراطي» رداً على مقتل الرجل الأسود جورج فلويد على يد شرطي أبيض العام الماضي.
هزيمة للديمقراطيين ولبايدن قبل انتخابات التجديد النصفي
الجمهوريون يستعدون للعودة إلى السلطة... وفيرجينيا عادت للون الأحمر
هزيمة للديمقراطيين ولبايدن قبل انتخابات التجديد النصفي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة