(تحليل إخباري) : هل تتدخل الجهوية والمال لحسم الفوز في الانتخابات الليبية؟

سياسيون يرون أن شرط التزكية «أمر تعجيزي» لكثير من الكفاءات

TT

(تحليل إخباري) : هل تتدخل الجهوية والمال لحسم الفوز في الانتخابات الليبية؟

منذ إعلان رئيس المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا، عماد السائح، عن قرب فتح باب الترشح للاستحقاق المرتقب، لم تتوقف إعلانات الترشح لخوض الماراثون الرئاسي والبرلماني، من قبل سياسيين ووزراء ودبلوماسيين سابقين، فضلاً عن شخصيات أخرى لا تتمتع بتجربة سياسية.
وعبر عدد من الليبيين والمواطنين عن مخاوفهم من إمكانية احتماء بعض المرشحين للظفر بلقب رئيس ليبيا بالجهوية، أو استغلال النفوذ والمال السياسي في مسعاهم للحصول على خمسة آلاف تزكية مطلوبة من كل مرشح للرئاسة.
ورأى الناشط السياسي والحقوقي، بشير العموري، أن شرط حصول المرشح على 5 آلاف تزكية من الناخبين «يعد تعجيزيا» للكثير من الكفاءات الحقيقية، وخاصة بالنسبة لعدد من المفكرين وأساتذة الجامعات، وذلك «رغم امتلاكهم مشاريع حقيقية للتنمية والنهوض بالبلاد».
وقال العموري لـ«الشرق الأوسط» إن الحصول على هذه التزكيات «لن يكون عسيراً على من يملك المال أو على أصحاب المناصب والسياسيين المعروفين إعلاميا، أو من يتمتعون بدعم قبلي، لكنه يعد صعباً أمام الكفاءات العلمية والفكرية، التي تملك معايير القيادة، غير أنها قد تفتقر للمال والنفوذ».
وطالب العموري، مسؤول قسم القانون الدولي باللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، «بالسماح لكل مرشح بنشر وعرض مشروعه الانتخابي أولاً، قبل مرحلة البدء في جمع التزكيات من الناخبين»، وقال بهذا الخصوص: «عند هذه النقطة ستتمكن الشخصيات التي تملك معايير القيادة، سواء مفكرين أو أساتذة الجامعات والمثقفين، من حصد آلاف التزكيات، وذلك لاقتناع كثير من الليبيين بجدوى ما يطرحون وفائدته للبلاد».
لكن عضو مجلس النواب الليبي، عبد المنعم بالكور، يختلف مع الطرح السابق، وقال إنه لا يتوقع «وجود عقبات أمام أي مرشح جاد ومؤهل لخوض الاستحقاق الرئاسي في الحصول على العدد المطلوب من التزكيات، عبر التنقل وزيارة الدوائر الانتخابية»، وأضاف مستدركاً: «بالتأكيد سيلعب المال السياسي دورا كبيرا في ترجيح كفة بعض المرشحين، لكن في النهاية سيبقى البرنامج الانتخابي للمرشح وشخصيته، وقدرته على إقناع الناخبين، هو العامل الأساسي في ترجيح كفته على بقية المتنافسين».
ولم يبتعد زميله النائب حسن الزرقاء عن الطرح السابق، بالقول إن خفض عدد التزكيات لأقل من الرقم الراهن «سيعني تزايد أعداد المرشحين للرئاسة على نحو كبير جداً». موضحاً أن «الكثير من الشخصيات التي أعلنت الترشح، أو تعتزم ذلك، يمكنها الحصول على ذلك بسهولة، بفضل ما تملك من قاعدة شعبية في أنحاء البلاد».
وتابع حسن الزرقاء موضحاً: «بالطبع هناك احتمال أن يستغل البعض المال أو نفوذه، خاصة أن عملية المراقبة تتم من قبل المفوضية مع بدء العملية الانتخابية، وليس خلال عملية جمع التزكيات».
وحدّد القانون الصادر عن مجلس النواب شروطاً عدة يستوجب توافرها في المرشح لمنصب رئيس البلاد، ومنها أن يقدم للمفوضية ما يفيد تزكيته بعدد خمسة آلاف ناخب، مصادق عليهم من محرر عقود معتمد.
أما عضو ملتقى الحوار السياسي، أحمد الشركسي، فاعتبر أن أجواء التوتر المشحون بخلفية النزاع المسلح، ومناخ عدم الثقة المتبادل بين مختلف الأطراف، ألقت بظلالها على المشرّع وصانع القرار، عند وضع شروط الترشح للانتخابات المقبلة. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لو كانت الأجواء عادية لكان من المفترض فلترة المرشحين عبر شروط أكثر شدة، لتضمن اختيار أفضل العناصر، التي ستتأهل لخوض السباق الانتخابي، بحيث يتم استبعاد كل من تحوم حوله شبهات قوية لارتباكه أي جريمة فساد، لا الصادر بحقهم أحكام نهائية فقط. كما يفترض أن توضع شروط لضمان ألا تكون الشخصية، التي ستمثل ليبيا وأهلها دولياً، منتهكة لحقوق الإنسان، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر».
ويرى الشركسي أنه في ظل تعنت ورفض أطراف بالسلطة الذهاب للانتخابات، ومحاولة عرقلتها بأي شكل «باتت خيارات الليبيين ضئيلة، والاعتماد والرهان الأكبر على وعي الشعب في تأكيد الذهاب نحو الانتخابات كحل رئيسي لاستبدال تلك الطبقة الفاسدة، مع العمل على استمرار توعيته لتدقيق خياراته».
وانتهى الشركسي قائلاً: «نعم سيكون هناك دور للمال السياسي، وغيرها من الظواهر الانتخابية السلبية من جهوية وقبلية واستخدام نفوذ»، ولكن «هذا لا ينطبق على جميع المرشحين، فهناك شخصيات وطنية ومحترمة ستخوض المعركة بكل شرف ويمكنها الحصول على التزكيات، وفيما بعد أصوات الناخبين بسهولة لما تتمتع به من شعبية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».