كرة القدم الصينية تفقد جاذبيتها والأندية الغنية تنهار

الأجانب يغادرون... والفرق تعلن إفلاسها... وحلم الوصول لكأس العالم يتلاشى

غوانغجو أشهر أندية الصين والفائز باللقب ثماني مرات انفصل عن مدربه كانافارو وبات يواجه الانهيار
غوانغجو أشهر أندية الصين والفائز باللقب ثماني مرات انفصل عن مدربه كانافارو وبات يواجه الانهيار
TT

كرة القدم الصينية تفقد جاذبيتها والأندية الغنية تنهار

غوانغجو أشهر أندية الصين والفائز باللقب ثماني مرات انفصل عن مدربه كانافارو وبات يواجه الانهيار
غوانغجو أشهر أندية الصين والفائز باللقب ثماني مرات انفصل عن مدربه كانافارو وبات يواجه الانهيار

لم يمر مرور الكرام في الصين مشاهدة المدرب رافائيل بينيتيز وهو يقود إيفرتون ويحقق نجاحات ولو بسيطة إلى الآن في الدوري الإنجليزي، وكذلك رؤية نادي رين الفرنسي يتقدم بنجاح بقيادة برونو غينيسيو متغلباً على باريس سان جيرمان في الدوري الفرنسي الممتاز.
في يناير (كانون الثاني) الماضي، كان كل من بينيتيز وغينيسيو يعملان في الدوري الصيني الممتاز، لكن بالنظر إلى ما حدث في البلد الآسيوي الكبير هذا العام، بدا الأمر وكأن ذلك كان منذ أمد بعيداً للغاية!
سيكون من المفاجئ أن يشعر أي من المديرين الفنيين الأوروبيين بالأسف على رحيلهما من الصين؛ نظراً لأن كرة القدم في البلد الآسيوي تمر بأوقات عصيبة في الوقت الحالي وتكاد تكون وصلت لمرحلة الانهيار. لقد كان المدير الفني الإيطالي، أنطونيو كونتي، محقاً تماماً عندما وصف ما كان يحدث في كرة القدم الصينية بأنه «خطير» على عالم كرة القدم ككل – حينما كان تشيلسي يستعد لبيع النجم البرازيلي أوسكار إلى نادي شنغهاي الصيني مقابل 50 مليون جنيه إسترليني في ديسمبر (كانون الأول) 2016، من بين الصفقات العديدة التي كانت تعني أن أندية الدوري الصيني الممتاز قد أنفقت أكثر من 300 مليون جنيه إسترليني في فترة الانتقالات الشتوية آنذاك، ليصبح واحداً من أكثر الدوريات التي يتم الحديث عنها في عالم اللعبة الشعبية الأولى.
لا يزال أوسكار يلعب هناك، لكن جميع النجوم والمديرين الفنيين ذوي الأسماء الكبيرة قد رحلوا تقريباً. وفرضت السلطات، التي شعرت بالقلق إزاء الأموال التي تغادر البلاد، «ضرائب على التعاقدات»، كما فرضت حدوداً قصوى على الرواتب. لكن ذلك لم يكن كافياً لإنقاذ بعض الأندية.
لقد فاز نادي جيانغسو بلقب الدوري الصيني الممتاز للمرة الأولى في تاريخه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لكنه أعلن إيقاف نشاطه بعد ثلاثة أشهر فقط، بعدما أعلنت الشركة المالكة للنادي، «سانينغ»، التي تمتلك أيضاً نادي إنتر ميلان الإيطالي، توقفها عن دعم النادي. وخلال العام الماضي، أعلن نادي تيانجين تيانهاي إفلاسه وتوقفه عن النشاط الرياضي.
والأكثر خطورة من ذلك، أن هناك مشكلة كبيرة في نادي غوانغجو، الفائز بلقب الدوري الصيني الممتاز ثماني مرات خلال العقد الماضي والنادي الذي بدأ هذا الإنفاق الكبير على التعاقد مع اللاعبين البارزين قبل عقد من الزمن. ووصلت ديون شركة «إيفرغراند»، التي تملك حصة الأغلبية في النادي، إلى 225 مليار جنيه إسترليني، وهو رقم مذهل بكل تأكيد! وخلال الأسبوع الماضي، رحل المدير الفني الإيطالي فابيو كانافارو.
وإذا تعرض بطل المسابقة للإفلاس، وإذ كان أكبر نادٍ في الصين، وربما في آسيا، يتأرجح على حافة الهاوية، فهذا يعني أن جميع الأندية الصينية تعاني أيضاً. وبالتالي، هناك توقعات بأن الأمور سوف تزداد سوءاً.
كان رحيل كانافارو عن الفريق الصيني متوقعاً بعد فشله في قيادته الموسم الماضي إلى لقبه التاسع في الدوري السوبر الصيني. وتضيف حالة عدم اليقين التي يعيشها النادي الأكثر نجاحاً في تاريخ الدوري السوبر الصيني، المزيد من الاضطرابات في كرة القدم الصينية وتسلط مزيداً من الضوء على الأوضاع المالية غير المستقرة التي تهز هذه الرياضة في البلاد. لقد شنّت السلطات حملة على الرواتب المرتفعة التي اجتذبت في السابق العديد من كبار اللاعبين الأجانب؛ ما دفع البعض منهم إلى الرحيل في نهاية الموسم الماضي، بينهم البرازيليون هالك وأليكس تيكسيرا وباولينيو، والإيطاليان غراتسيانو بيلي وستيفان الشعراوي.
لقد أكد كانافارو، أن صورة الدوري الصيني قد تغيرت وبدأت المسابقة تفقد جاذبيتها بسبب بعض القواعد التي «عقّدت» الأمور على المدربين، وقال عقب رحيله «كان يُنظر إلى الدوري الصيني الممتاز كمسابقة جذابة وعالية الجودة في 2017 – 2018، لكن الأمور تغيرت. أصبح يُطلب من الأندية الدفع بمزيد من اللاعبين الشبان في الملعب وبعضهم لا يتحلى بالكفاءة الكافية للعب. كان يجب على المدربين وضعهم في المباريات حتى ولو لدقائق قليلة؛ لأن هذا من قواعد الدوري». وتابع «ازدادت القواعد تعقيداً في وقت لاحق بسبب القيود المالية».
وعلى المستوى الدولي، هناك حالة من الهوس لدى المنتخب الوطني والاتحاد الصيني لكرة القدم من أجل العودة للمشاركة في نهائيات كأس العالم مرة أخرى منذ الظهور الأول في المونديال عام 2002. لقد قام الاتحاد الصيني بتعليق نشاط الدوري الممتاز خلال الفترة من أغسطس (آب) وحتى ديسمبر (كانون الأول) لمنح المنتخب الوطني أفضل فرصة ممكنة للاستعداد للتصفيات المؤهلة لكأس العالم 2022.
وفي ظل عدم وجود مباريات أو إيرادات أو تغطية إعلامية، فإن الدوري الصيني الممتاز يواجه حالة من عدم الاستقرار. وإذا كان تعليق نشاط الدوري الصيني الممتاز سيؤدي إلى صعود المنتخب الصيني إلى نهائيات كأس العالم، فإن الجماهير الصينية لن تبالي بذلك، لكن الحقيقة أن الحال ليس كذلك على الإطلاق، حيث إن المنتخب الوطني نفسه يعاني من صعوبات هائلة.
لقد بدأت الجولة النهائية من التصفيات المؤهلة لكأس العالم في سبتمبر (أيلول) الماضي، وتم تقسيم اثني عشر فريقاً إلى مجموعتين، تضم كل منها ستة منتخبات، حيث يتأهل أول فريقين في كل مجموعة إلى المونديال مباشرة. وبعد مرور جولتين من التصفيات، لم يحصل المنتخب الصيني على أي نقطة ولم يسجل أي هدف. لكن المنتخب الصيني استعاد توازنه بعض الشيء ونجح في تحقيق الفوز على فيتنام بثلاثة أهداف مقابل هدفين، لكنه خسر مجدداً أمام السعودية بعد ذلك بخمسة أيام 2 – 3، وتوقف رصيده عند ثلاث نقاط في المركز الخامس قبل الأخير لمجموعته.
ويجب الإشارة إلى أن الصين ليست جيدة بما يكفي لتتخطى اليابان أو أن تحول تأخرها بست نقاط عن السعودية أو أستراليا. ولا يتوقع أيضاً أن بقدرة الفريق الصيني إنهاء المجموعة في المركز الثالث وخوض مباراتين فاصلتين - أولاً في آسيا، ثم ضد فريق من قارة أخرى، غالباً من الكونكاكاف – على بطاقة أخيرة مؤهلة لمونديال 2022.
إنها قصة مألوفة ومحبطة للجماهير الصينية، لكن الوضع هذه المرة يبدو مختلفاً بعض الشيء. وفي ظل التوقعات بألا يؤتي الاستثمار في تنمية الشباب ثماره حتى نهاية العقد الحالي على الأقل، فقد تم الاعتماد على أساليب قصيرة الأجل، والدليل على ذلك أن ثلاثة لاعبين من المنتخب الصيني حالياً وُلدوا في البرازيل، حيث تم منح الجنسية لإلكيسون، المعروف الآن باسم آي كيسين، وآلان كارفاليو، ألوسيو، وتمت الاستعانة بهم في المراكز التي تعاني فيها الصين دائماً: التسجيل والإبداع وصناعة اللعب (قد يكون السبب في هذه المشكلة هو أن الأندية غالباً ما تستعين بلاعبين أجانب في هذه المراكز). لكن حتى هؤلاء اللاعبين الثلاثة لم يقدموا الإضافة المتوقعة.
هؤلاء اللاعبون المجنّسون، بالإضافة إلى لاعب رابع هو مدافع إيفرتون السابق تياس براوننغ، ذو الأصل الصيني، يلعبون في نادي في غوانزو (عندما قال النادي، وهو يملك عدداً كبيراً من النجوم الأجانب، قبل بضع سنوات، إنه يريد فريقاً من الصينيين بالكامل بحلول عام 2020) شكك كثيرون في ذلك، لكن الأمر أصبح حقيقة، لكن من خلال تجنيس اللاعبين، وليس من خلال الاعتماد على اللاعبين الصينيين حقاً!
ودائماً ما كانت مشاركة شركة «إيفرغراند» في كرة القدم مشروعاً سياسياً، وقام النادي، من بين أمور أخرى، بتمويل فترة الإيطالي مارسيلو ليبي كمدير فني للمنتخب الصيني خلال الفترة بين عامي 2016 و2019. ويتولى لي تاي، وهو لاعب سابق بإيفرتون أيضاً، قيادة المنتخب الصيني الآن. لقد أحرز لي تاي بعض التقدم في محاولته لخلق عقلية شبيهة بعقلية الأندية، لكن تصريحاته بعد الخسارة أمام اليابان في سبتمبر الماضي كان من الممكن أن يدلي بها أي مدير فني صيني في السنوات الأخيرة، حيث قال «لدينا الآن فهم أوضح لموقف فريقنا في آسيا. آمل أن يتعامل كل لاعبي المنتخب الصيني مع كل مباراة من مباريات التصفيات المؤهلة لكأس العالم وكأنها آخر مباراة في مسيرتهم الكروية. ويجب أن يتحلوا بالعقلية نفسها عندما يلعبون المباريات المتبقية بالتصفيات».
وأضاف «الفجوة بيننا وبين المنتخبات الآسيوية الكبرى، خاصة من حيث السرعة، واضحة، ونحن الآن أكثر تركيزاً على الأشياء التي نحتاج إلى تحسينها». في الحقيقة، هناك الكثير من الأمور التي يتعين تحسينها في المنتخب الصيني، وما زال يتعين القيام بالكثير هناك إذا أرادت البلاد كرة قدم حقيقة.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».