لماذا ستوقف «فيسبوك» العمل بنظام التعرّف على الوجه؟

شعار تطبيق «فيسبوك» (أ.ف.ب)
شعار تطبيق «فيسبوك» (أ.ف.ب)
TT

لماذا ستوقف «فيسبوك» العمل بنظام التعرّف على الوجه؟

شعار تطبيق «فيسبوك» (أ.ف.ب)
شعار تطبيق «فيسبوك» (أ.ف.ب)

أعلنت شركة «فيسبوك» أنها ستحذف نحو مليار «بصمة وجه» استخدمتها كجزء من نظام التعرف على الوجه لوضع إشارات على الصور، مستشهدةً بمخاوف تتعلق بالتكنولوجيا، وفقاً لصحيفة «الغارديان».
وأعلنت «ميتا»، الشركة المعروفة رسمياً باسم «فيسبوك»، أمس (الثلاثاء)، أنها ستُنهي استخدامها لتقنية التعرف على الوجه في الأسابيع المقبلة. وقال جيروم بيسنتي، نائب رئيس شركة «ميتا» للذكاء الصناعي، إن ثلث مستخدمي «فيسبوك»، أو نحو مليار شخص، اختاروا الخدمة.
فهل الشركة مهتمة حقاً بخصوصية الأشخاص، أم أنها مجرد خطوة علاقات عامة؟
عندما اختار الأشخاص السماح باستخدام التعرف على الوجه، أجرى تطبيق «فيسبوك» مسحاً ضوئياً لـ«بصمة وجه» لهؤلاء المستخدمين، واستعملها للعثور على الصور ومقاطع الفيديو الخاصة بهم على النظام الأساسي، واقترح وضع إشارات عليها لتدل على المستخدمين (تاغ).
تم استخدام هذه التقنية أيضاً لتحديد ما إذا كان شخص آخر ينتحل شخصية مستخدم معين على «فيسبوك».

* لماذا توقف «فيسبوك» ذلك الآن؟
قال بيسنتي: «في حين أن تقنية التعرف على الوجه هي أداة قوية للتحقق من الهوية، إلا أنها تحتاج إلى ضوابط قوية للخصوصية والشفافية للسماح للأشخاص بالحد من كيفية استخدام وجوههم».
وأشار إلى أن هناك «العديد من المخاوف» بشأن مكانة تقنية التعرف على الوجه في المجتمع. وأضاف: «وسط حالة عدم اليقين المستمرة، نعتقد أن تقييد استخدام التعرف على الوجه يعد أمراً مناسباً».
وأوضح بيسنتي أن التعرف على الوجه كان أكثر قيمة عند التشغيل على جهاز الشخص فقط، مثل فتح أجهزة «آيفون» -بدلاً من الاتصال بخادم خارجي، كما كانت تقنية «فيسبوك» تعمل.
يأتي ذلك في وقت واجهت فيه «فيسبوك» انتقادات واسعة النطاق بشأن موقفها تجاه خصوصية المستخدم وسلامته، بعد إصدار عشرات الآلاف من الوثائق الداخلية من فرنسيس هوغن، المبلّغ عن المخالفات المرتبطة بـ«فيسبوك».

* ماذا سيحدث للإشارات والصور؟
قال متحدث باسم «فيسبوك» إنه لن يكون هناك أي تغيير على الصور أو مقاطع الفيديو التي تم وضع إشارات عليها باستخدام التكنولوجيا، لكن لن يكون هناك اقتراح للإشارة إلى الأشخاص بالصور في المستقبل.

* ماذا سيحدث لبصمة وجهي؟
تؤكد «فيسبوك» أنه سيتم حذف البصمة. إذا قمت بإلغاء الاشتراك في الخدمة قبل ذلك، أو قمت بحذف حسابك، فقد قالت الشركة إن بصمة الوجه لن يتم الاحتفاظ بها.

* هل سيتم استبدال شيء آخر بالتقنية؟
أوضح المتحدث الرسمي أن «ميتا» تعتقد أن هناك «عدداً من حالات الاستخدام الإيجابية المحتملة للتعرف على الوجه في المستقبل» وهذا شيء ستستكشفه الشركة، لكن الخصوصية والتحكم والشفافية ستكون في مقدمة الأولويات.
وتابع: «بالنسبة لكل تقنية وتطبيق مستقبلي محتمل، سنستمر في الإفصاح عن الاستخدام المقصود له، وكيف يمكن للأشخاص التحكم في هذه الأنظمة وبياناتهم الشخصية، وكيف نضمن التزام التكنولوجيا في إطار عمل الابتكار المسؤول لدينا».


مقالات ذات صلة

ترمب يتوعد مؤسس «فيسبوك» بالسجن إذا تدخل في الانتخابات

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (رويترز)

ترمب يتوعد مؤسس «فيسبوك» بالسجن إذا تدخل في الانتخابات

اتهم الرئيس الأميركي السابق، والمرشح الجمهوري الحالي في السباق الرئاسي دونالد ترمب، مؤسس «فيسبوك»، مارك زوكربيرغ، بتوجيه دفة الانتخابات ضده في عام 2020.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ قالت «ميتا» إن إدارة بايدن ضغطت عليها لحجب المحتوى في 2021 (أ.ف.ب)

زوكربرغ: إدارة بايدن ضغطت على «ميتا» لـ«تعزيز الرقابة» على الأميركيين خلال كوفيد

في رسالة صادمة، اعترف المدير التنفيذي لشركة «ميتا» مارك زوكربرغ بأن البيت الأبيض «ضغط» عليه لإزالة المحتوى المتعلق بكوفيد - 19 في العام 2021.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا» مارك زوكربيرغ (رويترز)

زوكربيرغ: البيت الأبيض ضغط على «فيسبوك» لفرض رقابة على محتوى «كورونا»

أقر الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا» مارك زوكربيرغ بقيام إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بالضغط على موقع «فيسبوك» لفرض رقابة على المحتوى المتعلق بجائحة كورونا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق تصفح مواقع التواصل الاجتماعي عندما نصاب بنوبات ملل يزيدها (رويترز)

دراسة: تصفح مواقع التواصل بدافع الملل يفاقمه

نتابع لقطات على مواقع التواصل الاجتماعي عندما نُصاب بنوبات ملل، فنتصفح المنصات المفضلة لدينا... لكن هذه العادة من المرجح أن تجعل مشكلة الملل أسوأ.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق مارك زوكربيرغ كشف عن تمثال ضخم لزوجته بريسيلا تشان باللون الأزرق الفيروزي (رويترز/إنستغرام)

زوكربيرغ يهدي زوجته تمثالاً ضخماً مُستلهم من التراث الروماني

كشف مؤسس شركة «ميتا» ورئيسها التنفيذي، مارك زوكربيرغ، عن تمثال ضخم لزوجته طبيبة الأطفال بريسيلا تشان باللون الأزرق الفيروزي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
TT

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

مع انتشار اختبار «اللهجة الفلاحي» عبر مواقع التواصل في مصر بشكل لافت خلال الساعات الماضية، وتندُّر كثيرين على مفردات الاختبار التي عدَّها البعض «غير مألوفة» وتحمل معاني متعدّدة؛ تطوّر هذا الاختبار إلى «وصم اجتماعي» بتحوّل ناجحين فيه إلى مادة للسخرية، بينما تباهى خاسرون بالنتيجة، وعدّوا أنفسهم من أبناء «الطبقة الراقية».

وكتبت صاحبة حساب باسم بسمة هاني بعد نشر نتيجة اختبارها «اللهجة الفلاحي»، 5/ 20، عبر «فيسبوك»: «يعني أنا طلعت من EGYPT»، مع تعبير «زغرودة» للدلالة إلى الفرح.

ونشر حساب باسم المهندس رامي صورة لرجل يركب حماراً ويجري بسرعة وفرح، معلّقاً أنه هكذا يرى مَن نجحوا في اختبار «اللهجة الفلاحي».

وكتب حساب باسم سعيد عوض البرقوقي عبر «فيسبوك»: «هذا اختبار اللهجة الفلاحي... هيا لنرى الفلاحين الموجودين هنا وأقصد فلاحي المكان وليس الفكر».

ورداً على موجة السخرية والتندُّر من هذا الاختبار، كتب صاحب حساب باسم محمد في «إكس»: «هناك فلاحون يرتدون جلباباً ثمنه ألف جنيه (الدولار يساوي 48.62 جنيه مصري) ويمتلك بيتاً من هذا الطراز – نشر صورة لبيت بتصميم فاخر – ويعرف الصح من الخطأ، ويعلم بالأصول وهو أهل للكرم، تحية لأهالينا في الأرياف».

وأمام التحذير من تعرّض المتفاعلين مع الاختبار إلى حملات اختراق، كتب الإعلامي الدكتور محمد ثروت على صفحته في «فيسبوك»: «اختبار اللهجة الفلاحي مجرّد (ترند) كوميدي وليس هاكرز، ويعبّر عن جهل شديد في أصولنا وعاداتنا المصرية القديمة». فيما كتب حساب باسم إبراهيم عبر «إكس»: «أخاف المشاركة في الاختبار والحصول على 10/ 20. أهلي في البلد سيغضبون مني».

وتضمّ مصر عدداً من اللهجات المحلّية، وهو ما يردُّه بعض الباحثين إلى اللغة المصرية القديمة التي تفاعلت مع اللغة العربية؛ منها اللهجة القاهرية، واللهجة الصعيدية (جنوب مصر)، واللهجة الفلاحي (دلتا مصر)، واللهجة الإسكندراني (شمال مصر)، واللهجة الساحلية واللهجة البدوية. ولمعظم هذه اللهجات اختبارات أيضاً عبر «فيسبوك».

اختبار «اللهجة الفلاحي» يغزو وسائل التواصل (فيسبوك)

في هذا السياق، يرى أستاذ الأدب والتراث الشعبي في جامعة القاهرة الدكتور خالد أبو الليل أنّ «هذا (الترند) دليل أصالة وليس وصمة اجتماعية»، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «إقبال البعض في وسائل التواصل على هذا الاختبار محاولة للعودة إلى الجذور».

ويُضيف: «صوَّر بعض الأعمال الدرامية أو السينمائية الفلاح في صورة متدنّية، فترسَّخت اجتماعياً بشكل مغاير للحقيقة، حتى إنّ أي شخص يمتهن سلوكاً غير مناسب في المدينة، يجد، حتى اليوم، مَن يقول له (أنت فلاح) بوصفها وصمة تحمل معاني سلبية، على عكس طبيعة الفلاح التي تعني الأصالة والعمل والفَلاح. محاولة تحميل الكلمة معاني سلبية لعلَّها رغبةُ البعض في التقليل من قيمة المجتمعات الزراعية لأغراض طبقية».

ويتابع: «مَن يخوض الاختبار يشاء استعادة المعاني التي تعبّر عن أصالته وجذوره، أما من يتندّرون ويسخرون من الفلاحين فهُم قاصرو التفكير. ومن يخسرون ويرون أنّ خسارتهم تضعهم في مرتبة اجتماعية أعلى، فهذا تبرير للفشل».

ويشير أبو الليل إلى دور إيجابي تؤدّيه أحياناً وسائل التواصل رغم الانتقادات الموجَّهة إليها، موضحاً: «أرى ذلك في هذا الاختبار الذي لا يخلو من طرافة، لكنه يحمل دلالة عميقة تردُّ الحسبان للفلاح رمزاً للأصالة والانتماء».

لقطة من فيلم «المواطن مصري» الذي تدور أحداثه في الريف (يوتيوب)

ويعيش في الريف نحو 57.8 في المائة من سكان مصر بعدد 45 مليوناً و558 ألف نسمة، وفق آخر إحصائية نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2022، بينما يبلغ سكان المدن نحو 40 مليوناً و240 ألف نسمة.

من جهتها، ترى أستاذة علم الاجتماع في جامعة بنها، الدكتورة هالة منصور، أنّ «الثقافة الشعبية المصرية لا تعدُّ وصف (الفلاح) أمراً سلبياً، بل تشير إليه على أنه (ابن أصول) وجذوره راسخة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يُسأل الوافدون إلى القاهرة أو المدن الكبرى عن أصولهم، فمَن لا ينتمي إلى قرية يُعدُّ غير أصيل».

وتُرجِع الوصم الاجتماعي الخاص بالفلاحين إلى «الهجرة الريفية الحضرية التي اتّسع نطاقها بدرجة كبيرة نظراً إلى ثورة الإعلام ومواقع التواصل التي رسَّخت سلوكيات كانت بعيدة عن أهل الريف».

وتشير إلى أنّ «السينما والدراما والأغنيات ترسّخ لهذا المنظور»، لافتة إلى أنه «من سلبيات ثورة 1952 التقليل من قيمة المهن الزراعية، والاعتماد على الصناعة بوصفها قاطرة الاقتصاد. وقد أصبحت تلك المهن في مرتبة متدنّية ليُشاع أنَّ مَن يعمل في الزراعة هو الفاشل في التعليم، وهذا لغط يتطلّب درجة من الوعي والانتباه لتصحيحه، فتعود القرية إلى دورها المركزي في الإنتاج، ومكانها الطبيعي في قمة الهرم الاجتماعي».

وعمَّن فشلوا في اختبار «اللهجة الفلاحي» وتفاخرهم بذلك بوصفهم ينتمون إلى طبقة اجتماعية راقية، تختم أستاذة علم الاجتماع: «هذه وصمة عار عليهم، وليست وسيلة للتباهي».