السلطات الجزائرية تشن حملة اعتقالات خوفاً من عودة الحراك

تزامناً مع مطالب بالإفراج عن مناضل مسجون منذ حكم بوتفليقة

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (غيتي)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (غيتي)
TT

السلطات الجزائرية تشن حملة اعتقالات خوفاً من عودة الحراك

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (غيتي)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (غيتي)

أفرجت قوات الأمن الجزائرية، أمس، عن كثير من نشطاء الحراك بعد اعتقالهم، فيما أبقت على آخرين في الحجز تحت النظر، على أثر محاولتهم تنظيم مظاهرات أول من أمس، بمناسبة الاحتفالات بمرور 67 سنة على ثورة التحرير. وفي غضون ذلك، حذر محامون من تدهور صحة المناضل عبد الله بن نعوم بسبب قيامه بإضراب عن الطعام منذ 63 يوماً في السجن الذي دخله في فترة حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
وأكدت «اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين» التي تضم نشطاء بالحراك، في حسابها بشبكة التواصل الاجتماعي، أمس، أن الشرطة اعتقلت 14 ناشطاً بمنطقة صادوق بمحافظة بجاية في القبائل (250 كلم شرق) في الأول من الشهر الحالي، موضحة أنهم سيحالون اليوم على النيابة بالمحكمة المحلية.
وخرج الناشطون الشباب بصادوق في مظاهرات، موازاة مع احتفال السلطات المحلية بذكرى الثورة، مرددين شعارات الحراك المعادية للسلطة، مطالبين بـ«دولة مدنية». غير أن قوات الأمن سارعت إلى وقف المظاهرة مخافة تعاظمها، واعتقلت بعض المتظاهرين، بينما تمكن العشرات من الإفلات من التوقيف.
وفي تيزي وزو، كبرى مدن القبائل، أفرجت الشرطة عن 10 متظاهرين بعد احتجازهم بضعة ساعات بمقراتها. كما جرت محاولات محتشمة للاحتجاج بالعاصمة يوم الاثنين الماضي، لكن التعزيزات الأمنية الكبيرة بساحات الحراك الشعبي أثنت النشطاء عن التظاهر.
وتشهد بعض المدن، خاصة العاصمة، انتشاراً أمنياً لافتاً منذ أن منعت السلطات الحراك بالقوة في مايو (أيار) الماضي. وعلى الرغم من توقف المظاهرات، تواصلت الاعتقالات في الأشهر الأخيرة، وطالت عشرات الأشخاص بسبب نشاطهم المعارض للسلطة عبر شبكات التواصل الاجتماعي. ويشكل احتمال عودة الحراك إلى الشارع هاجساً كبيراً للسلطة، ولذلك تحرص بشدة على مراقبة أي حركة غير عادية في شوارع العاصمة، ومدن القبائل والمناطق الحضرية الكبرى بالغرب كوهران، والشرق كقسنطينة وعنابة.
وفي سياق ذي صلة، غادر معتقل الرأي توفيق بوراس، أمس، سجنه بغرادية (600 كلم جنوب)، بعد أن استنفد عقوبة السجن لستة أشهر مع التنفيذ. واتهمت النيابة بوراس بـ«التحريض على التجمهر، وإهانة هيئة نظامية، ونشر أخبار مغرضة بين الجمهور من شأنها المساس بالنظام والأمن العموميين». وحسب تقارير «لجنة الإفراج عن المعتقلين»، يوجد في السجن أكثر من 250 شخصاً ينتمون للحراك، أغلبهم دخله بناء على تهم تخص نشاطهم السياسي المكفول دستورياً عندما يتم في إطار سلمي.
وفي الشهرين الماضيين، وجه القضاء تهماً جديدة للناشطين، تتمثل في الانتماء لتنظيمين صنفتهما السلطة السياسية «إرهابيين» في مايو (أيار) الماضي، وهما: «حركة استقلال القبائل» و«تنظيم رشاد». ومن أبرز المتهمين بدعم الحركتين الصحافيين حسان بوراس ومحمد مولوج. كما أن العشرات من الناشطين يترقبون المساءلة أمام النيابة بعد أن وصلتهم استدعاءات بهذا الخصوص.
وفي سياق ذلك، طالب محامون وحقوقيون بالإفراج «فوراً» عن المناضل عبد الله بن نعوم الذي يشن إضراباً عن الطعام في زنزانته في غرب البلاد منذ أكثر من شهرين احتجاجاً على سجنه الذي يعود إلى ما قبل تنحي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عن الحكم (2 أبريل/ نيسان 2019). وعرف في الفترة السابقة بتصريحاته ومواقفه المعارضة لاستمرار بوتفليقة في الحكم وهو عاجز بدنياً بسبب المرض. وصرح محاميه، عبد الغني بادي، لوسائل الإعلام بأن حالته الصحية حرجة، و«تتطلب تدخلاً إنسانياً وعقلانياً».
إلى ذلك، احتج علي بن حاج، نائب رئيس «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظورة، بشدة عبر صفحته بـ«فيسبوك» على منعه من زيارة أحياء بالعاصمة عاشت أحداثاً كبيرة أيام ثورة الاستقلال. وقال إن رجال الأمن الذين يراقبون تنقلاته منذ 18 سنة أبلغوه بأن سبب المنع «أوامر فوقية».
وأشار بن حاج إلى أن «احتكار الاحتفالات من طرف السلطات السياسية والعسكرية، ومن سراق الثورات والمتاجرين بها، وحرمان الشعب من حق التظاهر، يدل دلالة قاطعة على ظلم هذه السلطة».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.