إعادة فتح باب الطعون في نتائج الانتخابات العراقية

بحثا عن حل لأزمة القوى الخاسرة

جانب من احتجاجات أنصار القوى الخاسرة في الانتخابات عند أحد مداخل المنطقة الخضراء في بغداد (أ.ب)
جانب من احتجاجات أنصار القوى الخاسرة في الانتخابات عند أحد مداخل المنطقة الخضراء في بغداد (أ.ب)
TT

إعادة فتح باب الطعون في نتائج الانتخابات العراقية

جانب من احتجاجات أنصار القوى الخاسرة في الانتخابات عند أحد مداخل المنطقة الخضراء في بغداد (أ.ب)
جانب من احتجاجات أنصار القوى الخاسرة في الانتخابات عند أحد مداخل المنطقة الخضراء في بغداد (أ.ب)

رغم عدم توفر السند القانوني له فإن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق مضت بعيداً على صعيد إمكانية طمأنة القوى الخاسرة حين قررت فتح باب الطعون مجدداً أمامها. المفوضية وعلى لسان مدير الإعلام والاتصال الجماهيري حسن سلمان في بيان له أمس الثلاثاء قال إن «المفوضية فتحت باب الطعون مجدداً لتقديم الأدلة، حيث أحالت المفوضية الطعون بالانتخابات، وأوصت بهذه الإحالة، داعية الذين لديهم أدلة جديدة حول الطعون المقدمة، إلى تقديمها خلال ثلاثة أيام، كون أغلب الذين قدموا الطعون بلا أدلة»، مبيناً أن «المفوضية منحت فرصة ثلاثة أيام لتقديم الأدلة».
وأضاف سلمان أن «نتائج الانتخابات في أغلب المحطات كانت مطابقة، من خلال مراقبة شركاء العملية الانتخابية كون وكلاء الأحزاب وفرق المراقبة الدولية والمحلية شاهدوا العد والفرز اليدوي»، مؤكداً أن «أغلب نتائج المحطات الانتخابية كانت مطابقة». وأشار إلى أن «هنالك رأياً للقضاء حول الانتخابات والتغيرات واردة في كل وقت»، موضحاً أن «المصادقة على نتائج الانتخابات تكون بعد الانتهاء وختام كل الطعون المقدمة، بعد أخذ مداها من الهيئة القضائية للانتخابات، والتي من حقها النقض لمجلس مفوضين، ومن الممكن أن تصادق عليها جميعاً، وهي ليست مقيدة بوقت معين».
وأكد سلمان أنه «لا توجد مدة محددة للمصادقة على نتائج الانتخابات، إلى أن تستنزف كل الطعون، وبعدها تحال النتيجة لمجلس المفوضين، ليتم البت فيها، وتصفية أسماء الفائزين وهم 329 مرشحاً، ومن  ثم تحال للمحكمة الاتحادية للمصادقة على النتائج».
وفيما يبدو فتح باب الطعون مجدداً وفقاً لسياسي مطلع تحدث لـ«الشرق الأوسط» بأنه «عبارة عن باب أمل جديد لإمكانية تغيير ولو جزئياً في النتائج قد يرضي القوى الخاسرة»، لكنه من جانب آخر مخالف لقانون المفوضية الذي يلزمها عادة الالتزام بالسياقات القانونية التي تحدد مدداً محددة بدءاً من إعلان النتائج وتقديم الطعون ومن ثم تقديمها إلى الهيئة القضائية للبت فيها تمهيداً لإحالتها إلى المحكمة الاتحادية العليا للمصادقة عليها. ووفقاً للسياسي نفسه فإن «المفوضية وبرغم أن كل المؤشرات لا تؤيد حصول عمليات تزوير من جانبها في الانتخابات وجدت نفسها طرفاً في معادلة سياسية جديدة ومختلفة تماماً عن كل الانتخابات السابقة التي كانت تشهد وباعتراف الجميع تزويراً واسع النطاق».
ويضيف أن «المفوضيات السابقة التي كانت من أحزاب عملت على إرضاء الجميع تقريباً بالتساوي بينما هذه المفوضية التي هي من القضاة المستقلين حاولت إجراء انتخابات نزيهة بالمعايير الدولية للنزاهة بحيث تمت مراقبتها من قبل مجلس الأمن الدولي لكن ظهور نتائج متباينة وضعها في حرج شديد لا سيما أن التظاهرات المستمرة منذ نحو أسبوعين مقابل المنطقة الخضراء تتهم المفوضية بالتواطؤ أو الاختراق».
إلى ذلك، أكد النائب في البرلمان العراقي السابق والفائز في البرلمان الحالي حسين عرب لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض الكيانات السياسية التي كانت لا تملك أدلة واضحة بشأن ما تعتقد أنه غبن لحق بها استفادت من إعادة فتح باب الطعون مجدداً بتقديم أدلتها إلى المفوضية لعل هذه الأدلة الجديدة يمكن أن تعدل من النتائج وهو ما يمثل أملاً جديداً لا سيما أن المفوضية كانت تنتظر أدلة واقعية بشأن ما قيل إنها عمليات تزوير». وأضاف عرب: «هناك طعون على الصناديق التي يرى المتضررون منها أنها مطعون بنتائجها، وقد أظهرت النتيجة أنها مطابقة مائة في المائة وهو ما يعني أن هناك طرفاً تضرر من ذلك وهو ما يجعله يحتج، «مبينا أن «المفوضية العليا تفتح في هذه الحالة باب الطعن مجدداً للذين تضرروا ويعاد احتسابها مرة أخرى».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».