عودة الاغتيالات إلى درعا والسويداء

بعد تراجعها قبل شهرين

TT

عودة الاغتيالات إلى درعا والسويداء

تشير التقارير والتوثيقات المحلية الصادرة من جنوب سوريا درعا والسويداء، إلى استمرار معاناة المواطنين المدنيين والعسكريين من عمليات الانفلات الأمني التي تضفي بظلالها منذ سنوات على المنطقة رغم ما حلّ بها من تغيرات مناخية على طبيعة القوة المسيطرة وسياسة تعامل النظام السوري معها. وكان آخرها قد وقع صباح الثلاثاء، حيث اغتال مجهولون أحد أعضاء لجنة المصالحة في بلدة ناحتة بريف درعا الشرقي.
وبحسب إحصائية قدمها «مكتب توثيق الشهداء» في درعا المهتم بتقديم إحصائيات محلية لعدد الضحايا في كل شهر، فإن شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي شهد عودة وارتفاع في عمليات ومحاولات الاغتيال في محافظة درعا، حيث وثّق قسم الجنايات والجرائم في مكتب توثيق الشهداء في درعا 33 عملية ومحاولة اغتيال، استهدفت 13 مقاتلاً في صفوف فصائل المعارضة سابقا، بينهم 6 من الذين التحقوا بصفوف قوات النظام بعد سيطرته على محافظة درعا. ووثق المكتب 20 عملية اغتيال تمت بواسطة إطلاق النار المباشر و2 من عمليات الإعدام الميداني بعد اختطاف الضحية، وسجل مقتل 22 شخصاً، وإصابة 8 آخرين، بينما نجا 3 أشخاص من محاولة اغتيالهم.
وتوزعت الإحصائية لشهر أكتوبر الماضي 2021 على مناطق محافظة درعا، حيث سُجل 22 عملية ومحاولة اغتيال في ريف درعا الغربي، و10 عملية ومحاولة اغتيال في ريف درعا الشرقي، وعملية واحدة في مدينة درعا. ولا تشمل الإحصائية التي قدمها مكتب توثيق الشهداء في درعا عناصر قوات النظام الذين قضوا مؤخراً في درعا. في حين سجلت إحصائية لشبكة «درعا 24» عددهم بخمسة عناصر منهم من قوات الشرطة المدنية التابعة لجهاز الأمن الداخلي، حيث تم اغتيال شرطيين بالقرب من مجمع الغزالي على أوتوستراد دمشق - درعا، تم استهدافهما بإطلاق نار مباشر من قبل مسلحين مجهولين، أحدهما من مدينة ازرع والآخر من محافظة حماة.
بينما قُتل اثنان من الجيش والأمن أحدهما في قرية الشيخ سعد في ريف درعا الغربي، والآخر عسكري من عناصر حاجز الرادار التابع للأمن العسكري في ريف درعا الشرقي بالقرب من بلدة النعيمة. كذلك قُتل مواطن من بلدة الشجرة في منطقة حوض اليرموك في الريف الغربي، جراء إطلاق نار مباشر وهو متقاعد من عمله، بعد أن كان متطوعاً في فرع أمن الدولة.
وتعرّض ضابط وأربعة عناصر من وحدات الهندسة لعملية استهداف بالقرب من جسر بلدة أم المياذن على الأوتوستراد الدولي درعا – دمشق، وذلك أثناء توجههم إلى معبر نصيب. حيث تم استهداف سيارتهم بعبوة ناسفة
كما جرح اثنان من عناصر الشرطة العسكرية الروسية بعد استهداف دورية للشرطة الروسية بعبوة ناسفة أثناء مرورها على الطريق الدولية دمشق - عمان عند جسر بلدة أم المياذن.
وقتل شاب من بلدة حيط بريف درعا الغربي تحت التعذيب بعد احتجازه لأيام في مفرزة عسكرية تابعة لجهاز الأمن العسكري في بلدة سحم الجولان نتيجة اتهامه بعمليات سرقة في البلدة.
أما في السويداء ذات الغالبية الدرزية المحاذية لمحافظة درعا، فقد سجلت إحصائيات محلية لشبكة «السويداء 24» مقتل 11 شخصاً وإصابة 10 آخرين بجروح خلال شهر أكتوبر الفائت. القتلى الذين وثّقتهم الشبكة، كانوا جميعهم من المدنيين، 8 ذكور قتل منهم 5 في جرائم جنائية، ومدنيان اثنان إثر أخطاء في استخدام السلاح، وسجلت حادثة قتل واحدة ضد مجهولين، و3 أطفال راحوا ضحية انفجار جسم من مخلفات الحرب شمال شرقي المحافظة. أما المصابون العشرة من حوادث العنف، كانوا 6 مدنيين، منهم 3 أطفال، بالإضافة إلى 4 عناصر يتبعون للجيش والقوى الأمنية.
وقال ناشطون إن معدلات الجريمة التي تشمل عمليات الاغتيال والقتل والخطف عادت إلى التصاعد خلال أكتوبر الماضي، بعد أن شهدت انخفاض ملحوظ في سبتمبر (أيلول) السابق، وبذلك يكون قد لقي ما لا يقل عن 51 شخصاً مصرعهم منذ بدء عملية التسوية الجديدة في درعا في أغسطس (آب) 2021، أكثرهم كان بحسب ما ورد في الإحصائيات إما مدنيين أو من الخاضعين للتسويات الذين أنظموا لتشكيلات ومجموعات تابعة للنظام السوري مثل الفيلق الخامس والأمن العسكري، وقُتل معظمهم بإطلاق نار مباشر وعمليات استهداف مباشرة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».