مصدر مقرب من رؤساء الحكومات السابقين: عون غير قادر على لعب دور إيجابي في الأزمة مع الخليج

الرئيس اللبناني ميشال عون (أ.ف.ب)
الرئيس اللبناني ميشال عون (أ.ف.ب)
TT

مصدر مقرب من رؤساء الحكومات السابقين: عون غير قادر على لعب دور إيجابي في الأزمة مع الخليج

الرئيس اللبناني ميشال عون (أ.ف.ب)
الرئيس اللبناني ميشال عون (أ.ف.ب)

يقول مصدر مقرب من رؤساء الحكومات السابقين إن لبنان الرسمي لن يسترد بسهولة التأشيرة السياسية التي تتيح له إعادة تصويب العلاقات اللبنانية - الخليجية وتنقيتها من الشوائب التي أدت إلى تدهورها بالبيانات الإنشائية والإعلامية خصوصاً تلك التي صدرت أخيراً عن رئيس الجمهورية ميشال عون، أو بالاستقواء بالرافعة الفرنسية والأميركية لقطع الطريق على استقالة الحكومة الميقاتية ومنع الانهيار الشامل، وإنما بوضع خطة متكاملة أمنية وسياسية لإعادة الروح إلى هذه العلاقات التي تمر في أزمة عمرها أكثر من عشر سنوات.
ويؤكد المصدر المقرب من رؤساء الحكومات السابقين لـ«الشرق الأوسط» أن ما قاله وزير الإعلام جورج قرداحي وشكل إساءة للعلاقات اللبنانية الخليجية لم يكن السبب الأول والوحيد الذي كان وراء تدهورها وإنما كان نتيجة تراكمات لم يبادر أهل السلطة إلى تداركها بوضع مقاربة شاملة تضع يدها على الجروح التي أدمتها بدءاً بتحرير الدولة من الخطف المزمن الذي أدى حكماً إلى وجود دويلة أقوى من الدولة المركزية التي تخلت عن واجباتها في إشارة مباشرة، كما يقول رئيس حكومة سابق، إلى «حزب الله» الذي لا يزال يُطبق سيطرته عليها.
ولفت المصدر نفسه إلى أنه كان يفضل أن يبادر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى الاعتذار بالنيابة عن الدولة للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة من إساءة قرداحي لها بدلاً من أن يكتفي بالشراكة مع عون من التنصل من أقواله المسيئة، خصوصاً أن لبنان الرسمي منذ أن انتخب الأخير رئيساً للجمهورية هو الذي أطاح بهذه العلاقات بعد أن أبقى على النأي بلبنان عن الحروب المشتعلة في المنطقة حبراً على ورق وأتاح لوريثه السياسي رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل أثناء توليه وزارة الخارجية التمادي في جنوح السياسة الخارجية للبنان نحو محور الممانعة بقيادة إيران.
وتوقف المصدر نفسه أمام الأسباب الكامنة وراء استقالة وزير الخارجية آنذاك ناصيف حتي من حكومة الرئيس حسان دياب، وقال إنه باستقالته أطلق صفارة الإنذار بأن ترميم العلاقات اللبنانية - العربية وتحديداً الخليجية منها يواجه صعوبة من «أهل البيت» المحسوب على عون، وأكد أن الأخير لم يأخذ بإنذاره على محمل الجد عندما أفسح في المجال أمام باسيل لتعيين السفير شربل وهبة خلفاً له الذي كان وراء تعميق الهوة بين لبنان ودول الخليج العربي وعلى رأسها السعودية بدلاً من أن يعمل على ردمها، واكتفى بالضغط عليه للاستقالة.
وسأل المصدر عما إذا كان بمقدور عون بأن يشكل بالتعاون مع ميقاتي رأس حربة لوقف تدهور العلاقات اللبنانية - الخليجية بدءاً بإعادة ترميمها، فيما يُنظر إليه من قبل دول الخليج، بحسب ما يقول أحد السفراء العرب لعدد من رؤساء الحكومات السابقين، بأنه يتحمل مسؤولية كبرى حيال تدهورها بدلاً من أن يعمل لتوفير الحماية لها وتحصينها في وجه الحملات التي تستهدفها من قبل «حزب الله»؟
ورأى أن عون الذي كان أطلق يد باسيل في مضيه بانحراف السياسة الخارجية للبنان هو من يتحمل المسؤولية حيال تدهور العلاقات بعد أن أصبح طرفاً في المشكلة، وبالتالي لا يمكن أن يكون شريكاً في إيجاد الحلول لوقف تدهورها غير المسبوق ما لم يراجع مواقفه ويدقق في حساباته أكانت محلية أو خارجية وصولاً إلى ابتداع الحلول قبل فوات الأوان مع دخوله أمس في العام الأخير من ولايته الرئاسية التي لن تكون أحسن حالاً من السنوات الخمس التي أمضاها في سدة الرئاسة الأولى.
وأكد المصدر نفسه أنه لا يتحامل على عون بتحميله مسؤولية تدهور العلاقات اللبنانية - الخليجية من باب الدخول معه في تصفية الحسابات وإنما لأنه لم يوفر شبكة الأمان السياسية والأمنية لحمايتها وتطويرها، وقال إن السعودية كانت أول من استقبله بعد انتخابه رئيساً للجمهورية رغبة منها بفتح صفحة جديدة بخلاف تلك التي حملها الجانب اللبناني جرعات من الأثقال السياسية بانحيازه لمحور الممانعة الذي يقوده «حزب الله» بدعم مباشر من إيران، وقال إن عون هو من يتحمل مسؤولية حيال التقصير في إعطاء الأولوية لإعادة ترميم العلاقات العربية - الخليجية ورد السبب إلى إطلاق يد «حزب الله» في تحويل لبنان إلى منصة سياسية خصصها لاستهداف السعودية بدلاً من أن يبادر إلى ضبط إيقاعه بالتزامه بسياسة النأي بلبنان عن الصراعات في المنطقة وتحييده عن المحاور التي تتحكم بها».
وسأل المصدر: كيف يمكن لعون الذي لم يعد له من حليف سوى «حزب الله» بعد أن اشتبك سياسياً مع القوى السياسية الأخرى الفاعلة ولم يترك معهم للصلح مكاناً ما أدى إلى تزايد نفوذ «حزب الله» وتمدده في كل المجالات بأن يكون على رأس الفريق اللبناني الرسمي لإعادة التهدئة إلى علاقات لبنان الخارجية فيما لا تمسك الدولة بقرار الحرب والسلم وتتعايش بين سلاحين؟
ورأى المصدر أنه من غير الجائز الرهان على تدخل واشنطن وباريس للإبقاء على الحكومة مع أنها ترزح تحت وطأة تصريف الأعمال، وقال إنه لا مصلحة للاستقواء بهما بدلاً من وضع اليد على الجرح لوقف تدحرج هذه العلاقات، خصوصاً أن الأزمة تخطت قرداحي إلى ما هو أبعد منه بدخول «حزب الله» على خط التصعيد بتوفيره الغطاء السياسي لوزير الإعلام لمنعه من الاستقالة.
وعليه، فإن أزمة الثقة بلغت ذروتها وإن استعادتها بحسب المصدر لن تقوم بـ«تطريز» مواقف إعلامية وإنشائية لا تُصرف في معالجة الخلل الذي يهددها ما دام الحزب يتمادى في تصعيده بعد أن أحيلت «خلية الأزمة» إلى التقاعد واقتصر دورها على لقاء يتيم، ويبقى التريث بانتظار عودة الرئيس ميقاتي من قمة المناخ في اسكوتلندا للوقوف على ماذا سيقول وأي موقف سيتخذه خصوصاً أن عامل الوقت بدأ يضيق ولا يمكن تمديده.



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.