ملف التفاوض على الجنود اللبنانيين المخطوفين ينشط بعد استعادة جثة عسكري

«هيئة علماء القلمون» تنجح في أولى مبادراتها «بفضل أصولها»

ملف التفاوض على الجنود اللبنانيين المخطوفين ينشط بعد استعادة جثة عسكري
TT

ملف التفاوض على الجنود اللبنانيين المخطوفين ينشط بعد استعادة جثة عسكري

ملف التفاوض على الجنود اللبنانيين المخطوفين ينشط بعد استعادة جثة عسكري

برزت أمس جهة جديدة تنشط على خط التفاوض بين الحكومة اللبنانية والمجموعات المتشددة الخاطفة للعسكريين اللبنانيين، هي «هيئة علماء القلمون» التي استهلت مبادراتها بإقناع «جبهة النصرة» بتسليم جثة عسكري لبناني أعدمته قبل 4 أشهر، إلى الجيش اللبناني، وهو ما اعتبرته مصادر مواكبة لحركة التفاوض على العسكريين المخطوفين «مبادرة حسن نية» تمهيدا «لتفعيل حركة الاتصالات».
وتسلم الجيش اللبناني ظهر أمس، جثة العسكري في قوى الأمن الداخلي علي البزال، الذي أعدمه تنظيم «النصرة» في 5 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بعد أن تسلمته «هيئة علماء القلمون» من النصرة. ونقل الجيش اللبناني الجثة إلى المستشفى العسكري، بهدف إجراء فحوص الحمض النووي.
وكشفت مبادرة «هيئة علماء القلمون»، عن طرف جديد، دخل على خط التوسط بين مجموعة «جبهة النصرة» والحكومة اللبنانية، للتوصل إلى حل لملف العسكريين المخطوفين لدى التنظيم في المنطقة الحدودية مع سوريا، في وقت تتسم فيه المفاوضات مع تنظيم داعش بـ«البطء» و«العرقلة»، كما تقول مصادر مطلعة على ملف العسكريين المخطوفين لـ«الشرق الأوسط»، مشيرة إلى أن هذا الظهور الأول لـ«هيئة علماء القلمون»: «اتسم بالنجاح، ما يمهّد لإمكانية تفعيل المسعى وصولا إلى خاتمة سعيدة».
والهيئة «تتألف من علماء دين لبنانيين يتحدر قسم منهم من بلدة عرسال الحدودية مع سوريا، وسوريين يقيمون في عرسال، ويتحدرون من بلدات فليطا وعسال الورد وقارة في القلمون السورية». وأشارت المصادر، إلى أن «وجود سوريين بينهم، يسهل التواصل مع العناصر السورية في الجيش السوري الحر تربطها علاقة بجبهة النصرة في القلمون، ما يسهل التواصل بين الجانبيين»، لافتة إلى أنه «على النقيض، من الصعوبة التواصل مع مقاتلي داعش الذين يتحدر معظمهم من أصول غير سوريا».
وبينما يعد ظهور «هيئة علماء القلمون» هو الأول في وسائل الإعلام، ساهمت الهيئة في وقت سابق بمبادرات «ساعدت على إيقاف إعدامات محتملة بحق عسكريين مخطوفين» كانت هددت المجموعات الخاطفة بإعدامهم، كما قالت المصادر.
وينظر أهالي العسكريين المخطوفين اللبنانيين بتفاؤل إلى استعادة جثة العسكري علي البزال. ويقول الناطق باسمهم الشيخ عمر حيدر لـ«الشرق الأوسط» إن استعادة الجثمان «تعد بادرة لقرب حلحلة الملف»، وإنه «يريح الأهالي ويطمئنهم إلى أن المفاوضات تجددت»، مشيرا إلى أنه «يجب على الدولة اللبنانية بعد هذه المبادرة أن تتحمل مسؤوليتها في متابعة التفاوض مع الخاطفين».
وكانت المفاوضات توقفت أواخر شهر فبراير (شباط) الماضي، عقب توتر الأوضاع الأمنية في الجرود، إثر المعارك بين مسلحين متشددين والجيش اللبناني عقب مهاجمة مركز الجيش. وتشير استعادة الإفراج عن الجثة، إلى تجدد المفاوضات، مع «جبهة النصرة» على الأقل التي لا تزال تحتفظ بنحو 15 عسكريا لبنانيا مخطوفا لديها، بينما يحتفظ «داعش» بتسعة عسكريين مخطوفين لديه.
وقال حيدر إن «هيئة علماء القلمون» تولت التفاوض حول قضية استعادة الجثمان، و«يمكن أن تتطور لمبادرة كاملة، بعد النجاح في حلحلة أول عقدة»، مشددا على «إننا مع أي يد بيضاء تساهم في حلحلة هذا الملف».
في غضون ذلك، واصل الجيش اللبناني تعزيز تدابير في المنطقة الجردية الحدودية مع سوريا، وتصدى لمحاولة تسلل إلى داخل الأراضي اللبناني، عبر استهداف تحركاتهم وإطلاق النار باتجاهها.
وأعلنت قيادة الجيش، في بيان، أن قوة من الجيش «تصدت ليل الأربعاء الخميس، في أعالي منطقة وادي حميد - عرسال، لمجموعة إرهابية مسلحة، حاولت التسلل باتجاه البلدة، حيث اشتبكت مع أفرادها وأجبرتهم على الفرار باتجاه الجرود، موقعة في صفوفهم قتيلا وعددا من الجرحى، عرف منهم المدعو خالد أحمد الواوا الذي أوقفته قوى الجيش، ونقلته إلى أحد المستشفيات للمعالجة».
وفي سياق متصل بـملف أعضاء التنظيمات المتشددة الموقوفين لدى القضاء اللبناني، ادعى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، على الموقوفين بلال وعمر ميقاتي في جرم الانتماء إلى تنظيم داعش الإرهابي بهدف القيام بأعمال إرهابية. كما ادعى على عمر ميقاتي في 12 دعوى ملاحقا فيها، وبلال 4 دعاوى ملاحق فيها وهي في جرم القتل وقتل ومحاولة قتل عسكريين والاشتراك في القتال ضد الجيش في عرسال وطرابلس، وعلى الخطف وحيازة أسلحة ومتفجرات سندا إلى مواد تنص عقوبتها القصوى على الإعدام. وأحالهما تبعا إلى الدعاوى الملاحقين فيها.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.