حزب الله «يتحكّم» بموقف قرداحي وخيار استقالة الحكومة «غير وارد»

TT

حزب الله «يتحكّم» بموقف قرداحي وخيار استقالة الحكومة «غير وارد»

أكد وزير الإعلام جورج قرداحي أن استقالته من الحكومة غير واردة فيما بدت واضحة الضغوط التي يمارسها حزب الله لجهة رفضه هذه الاستقالة وهو الخيار المستبعد بالنسبة إلى الحكومة مجتمعة حتى الساعة مع تكثيف الاتصالات الخارجية على أكثر من خط لإيجاد حل للأزمة بين لبنان ودول الخليج التي سيكون لها تداعيات سلبية على مختلف الصعد في لبنان.
وفيما قالت مصادر في «الحزب التقدمي الاشتراكي» لـ«الشرق الأوسط» إن موقف حزب الله هو الذي يتحكم بقرار قرداحي لجهة الاستقالة من عدمها، أكدت مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط» أنه يتم العمل على إيجاد حل من المرجح أن يكون أساسه استقالة قرداحي، ولفتت في الوقت عينه إلى أنه ليس هناك أي توجه لاستقالة الحكومة حتى الآن لا سيما أن المجتمع الدولي غير مشجع للخطوة لما لها من آثار سلبية على البلد.
وأمس أعلن قرداحي لقناة «الجديد» أن استقالته من الحكومة غير واردة وهو موقف تزامن مع تصعيد من قبل النائب في حزب الله حسن فضل الله ووزير الأشغال المحسوب على الحزب علي حمية الذي دعا إلى «شد الأحزمة وعدم الخضوع للابتزاز».
وقال حمية في تغريدة له: «السيادة الوطنية واستقلالية القرار وكرامة لبنان، تسمو على كل اعتبار».
من جهته كان واضحاً النائب فضل الله برفض ما قال إنها ضغوط تمارس على قرداحي، موضحاً «نرفض الضغوط التي تمارس على وزير الإعلام، سواء جاءت من جهات في الحكومة أو من جهات خارجية، وأي موافقة على سياسة الإذعان هي مزيد من الخضوع والإهانة وعدم الشعور بالكرامة...»
مع العلم أن رئيس تيار المردة، سليمان فرنجية (المحسوب عليه الوزير قرداحي وحليف حزب الله)، كان قد أعلن بعد لقائه البطريرك الراعي يوم أول من أمس، أن وزير الإعلام عرض عليه تقديم استقالته من بكركي أو إلى رئيس الجمهورية لكنه رفض.
وفي هذا الإطار، يقول نائب رئيس تيار المستقبل، النائب السابق مصطفى علوش لـ«الشرق الأوسط»: «لا أستبعد أن يكون حزب الله هو من شجع قرداحي على عدم الاستقالة بحيث إنه كلما زادت القطيعة والتباعد بين لبنان ودول الخليج سيكون هو مرتاحاً ويستفيد أكثر انطلاقاً من أن هذا الأمر يخلق فراغاً يعتقد أنه (حزب الله) يعمل هو وإيران على سده إضافة إلى تفاقم ردود الفعل الشعبية».
من جهته، قال الوزير السابق بطرس حرب: «الجميع يحمل الحكومة مسؤولية هذه الأزمة، وينتظر منها خطوات تسهم في ترطيب الأجواء وحلها»، سائلاً: «لكن هل ستسمح إيران وحزبها بذلك، أم ستستمر في التهديد بالانسحاب من الحكومة، وبالتالي تعطيلها نهائياً وتفجيرها من الداخل، وما سيكون موقف رئيس الجمهورية وحزبه من هذا الأمر؟».
ورفض حرب في بيان له «أي مس بالمملكة، ونرفض تعريض اللبنانيين لمخاطر تعطيل علاقات لبنان بها وانعكاس ذلك على المصلحة الوطنية العليا، كما إعطاء أي مبرر لتغطية خطأ الإساءة إليها وعدم اتخاذ الموقف الملائم لمعالجة الأزمة السياسية التي نشأت...»، مضيفاً «ارتكب أحد الوزراء خطأً جسيماً أدى إلى خلق الأزمة في العلاقات اللبنانية - السعودية، والجميع يعلم أن من مصلحة لبنان إيجاد مخرج منها، وأن رفض الوزير المعني الاعتذار من المملكة أو الاستقالة من الحكومة، لرفع الضرر عن لبنان، عمق الأزمة وأدى إلى تعليق العلاقات الدبلوماسية وسحب السفراء. الجميع يحمل الحكومة مسؤولية هذه الأزمة، وينتظر منها خطوات تسهم في ترطيب الأجواء وحلها، لكن السؤال الكبير، هل ستسمح إيران وحزبها بذلك، أم ستستمر في التهديد بالانسحاب من الحكومة، وبالتالي تعطيلها نهائيا وتفجيرها من الداخل، وما سيكون موقف رئيس الجمهورية وحزبه من هذا الأمر؟».
وختم: «جاءت هذه الحادثة لتؤكد ما نطالب به منذ زمن بعيد، من أن لا قيامة لدولة لبنان ما دام في يد حزب الله سلاح غير شرعي متحكم بالقرارات السياسية للدولة ومصادر للقرار الوطني، وما دام مسؤولوها، من أعلى الهرم إلى أسفله، خاضعين للوصاية الإيرانية وقابلين بمصادرة رأيهم، رغم كل الأضرار والمصائب التي تترتب على ذلك».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.