«منتدى أصيلة» يناقش قضايا السلم في المغرب العربي والساحل

محمد بن عيسى يلقي كلمة بمناسبة افتتاح فعاليات منتدى أصيلة مساء أول من أمس (الشرق الأوسط)
محمد بن عيسى يلقي كلمة بمناسبة افتتاح فعاليات منتدى أصيلة مساء أول من أمس (الشرق الأوسط)
TT

«منتدى أصيلة» يناقش قضايا السلم في المغرب العربي والساحل

محمد بن عيسى يلقي كلمة بمناسبة افتتاح فعاليات منتدى أصيلة مساء أول من أمس (الشرق الأوسط)
محمد بن عيسى يلقي كلمة بمناسبة افتتاح فعاليات منتدى أصيلة مساء أول من أمس (الشرق الأوسط)

قال محمد بن عيسى، أمين عام منتدى أصيلة، ووزير خارجية المغرب الأسبق، إن المنتدى اختار هذا العام مناقشة قضايا متصلة باستتباب «السلم والأمن والاستقرار إقليميا وقاريا».
وأشار بن عيسى، الذي كان يتحدث في الجلسة الافتتاحية للمنتدى، التي التأمت مساء أول من أمس، إلى أن ندوة «المغرب العربي والساحل: الشراكة الحتمية» تأتي ضمن هذا السياق، وأشار بهذا الخصوص إلى التحديات العويصة التي تواجه الساحل، والتي باتت «تحتاج إلى حلول مستعجلة». موضحا أن ندوة أصيلة الأولى تتأسس على فكرة «تداخل الحدود بين المجالين المغاربي وبلدان الساحل»، ومشيرا إلى أن المصاعب يجب ألا تمنع «إمكانيات التفاعل والاندماج». ودعا صناع القرار في الفضاءين: الساحل والمغرب العربي إلى التفكير استراتيجيا في تدبير الأزمات، التي تواجهها المنطقة الشاسعة، وتطال لقمة العيش والأمن والاستقرار.
وأشار بن عيسى إلى أن التحديات المطروحة تتمثل في التحدي الأمني، الناتج عن الإرهاب المسلح المهدد لبلدان الساحل، والثاني يتعلق بالوضع الاستراتيجي في الفضاء المغاربي والساحل. أما التحدي الثالث فيتعلق بمنظومة الحكم الرشيد، وبناء الدولة الوطنية. بينما يبقى التحدي الرابع اقتصاديا وبيئيا، يتمثل في نقص المياه، وزحف الرمال والجفاف. من جهته، قال محمد المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل المغربي، إن الأمن والاستقرار من التحديات التي تواجه حكومات العالم، لأن «تبعات التطرف والإرهاب» مسّت كل جوانب الحياة. ونوه في هذا السياق بحرص المنتدى على إبراز حتمية الشراكة والتكتل كمخرج لكل هذه التحديات، معتبرا أن ذلك ينسجم «مع توجهات وسياسات المغرب تحت قيادة الملك محمد السادس».
وأشاد بنسعيد بموسم أصيلة الثقافي الدولي الذي «راكم تجربة طويلة في مقاربة مواضيع السياسة والثقافة والاقتصاد»، وسعيه لتقديم الحلول ذات الأبعاد البيئية والإنسانية بعيدة المدى.
من جهة أخرى، ألقى محمد الصبيحي، مدير الشؤون الأفريقية في وزارة الخارجية المغربية، كلمة باسم وزير الخارجية ناصر بوريطة، قال فيها إن هناك اهتماما متزايدا بمنطقة الساحل على المستوى الدولي. موضحا أن هذه المنطقة تعد «من أفقر جهات العالم»، ومع ذلك تواجه تحديات كبيرة، سواء على مستوى التغيرات المناخية، أو النمو الديموغرافي، والأمن الغذائي، وتنامي النزعات الانفصالية والإرهاب، وزعزعة استقرار عدد من الدول، ومشكلة الهجرة.
وذكر بوريطة أن المغرب يتعامل مع الساحل من منطلق كونه «فضاء انتماء تاريخي وحضاري»، مشيرا إلى أن معالجة مشاكل الساحل لا تتم بالوسائل العسكرية فقط، بل أيضا بالتنمية. ومؤكدا أنه «لا يمكن على المدى البعيد وضع حلول خارجية للوقائع المحلية لمنطقة الساحل، مما جعل المغرب يدافع عن النهج القائم على بناء دينامية محلية، والمتجرد من الوصفات المستوردة».
وشدد بوريطة على القول إن الملك محمد السادس وضع أفريقيا في صميم الأولويات الدولية للمغرب، اقتناعا منه بأنه لا يوجد تضامن، أو التزام قائم، دون الاستثمار في العلاقات السياسية، مقترنة بشراكات اقتصادية مربحة للجميع، مع أثر اجتماعي ملموس في خدمة السكان.
وبعدما أكد أنه «لا يمكن لأفريقيا أن تكون فقط مرآة تعكس للعالم صورة التحديات التي يواجهها، بل يجب أن تكون انعكاسا لديناميته المستقبلية»، سجل بوريطة أنه «يتوجب على العالم التجرد من الطريقة التي ينظر بها إلى القارة، وخاصة منطقة الساحل، لنعتبرها مجالا للازدهار والإبداع والحيوية، لترسي بذلك أسس السلم والازدهار والتنمية».
من جهتها، سلطت راقية تالا ديارا، عضو المجلس الوطني الانتقالي بمالي، الضوء على سياسة الهجرة التي انتهجها المغرب، وجهود المملكة من أجل تسهيل اندماج المهاجرين، والذي يعتبر مثالا يحتذى بالنسبة للبلدان الأفريقية، مشيدة بالالتزام الثابت للمملكة لتقاسم خبرتها في مجال تدفق الهجرة مع بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، وتعزيز السلم والاستقرار في المغرب العربي ومنطقة الساحل.
وأشادت ديارا بريادة المغرب، تحت قيادة الملك محمد السادس، في إطار التعاون جنوب – جنوب، في مجال تنفيذ إصلاحات تروم تعزيز البلدان الأفريقية، لاسيما فيما يتعلق بالحكامة والشفافية والنهوض بالعنصر البشري، مسجلة أن العديد من البلدان الأفريقية استلهمت تجربة المغرب في عدة ميادين.
من جهته، أفاد الدبلوماسي المغربي فتح الله السجلماسي، الأمين العام السابق للاتحاد من أجل المتوسط، بأن منطقة المغرب العربي والساحل تواجه تحديات كبيرة، لاسيما الأمنية والاستراتيجية والمؤسساتية والاقتصادية، مسجلا أن منطقتي المغرب العربي والساحل مرتبطتان بشكل طبيعي وملموس بقضايا التنمية والسلم والاستقرار والأمن.
واعتبر السجلماسي أن الحل المناسب لهذه التحديات يتمثل في إبرام شراكة معززة جنوب – جنوب، مسجلا أن المغرب يضطلع بدور استباقي ملموس في مجال تكريس شراكة رابح - رابح، وذلك في إطار التعاون جنوب – جنوب.
أما محمد المدني الأزهري، الأمين العام السابق لتجمع دول الساحل والصحراء، فأكد من جانبه أن هذا المنتدى يشكل فضاء للتفكير في التحديات والرهانات الكبيرة، التي تواجهها المنطقة، من أجل النهوض بالاندماج الإقليمي، وتعزيز الاستقرار والأمن بمنطقتي الساحل والمغرب العربي.
وبعدما تطرق للتحدي الأمني، أبرز الأزهري الجهود المبذولة من قبل المغرب لتعزيز السلم بالمنطقة، مؤكدا على أهمية تفعيل نموذج ملائم للحكامة للدفع قدما بالتنمية السوسيو - اقتصادية بدول المغرب العربي ومنطقة الساحل.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).