عادل عبد المهدي: نحن نميز بين موقفنا من الحرب في اليمن وعلاقاتنا مع السعودية

وزير النفط العراقي أكد أن «من مصلحتنا في وصول طهران ومجموعة الستة إلى اتفاق حول الملف النووي»

عادل عبد المهدي
عادل عبد المهدي
TT

عادل عبد المهدي: نحن نميز بين موقفنا من الحرب في اليمن وعلاقاتنا مع السعودية

عادل عبد المهدي
عادل عبد المهدي

فصل وزير النفط العراقي عادل عبد المهدي بين علاقات بلاده بالمملكة السعودية التي أكد أن بغداد تريد تطويرها وتمكينها وموقف الحكومة العراقية، كما عبر عنه وزير الخارجية إبراهيم الجعفري المعارض للتدخل العسكري في اليمن والمتحفظ على تشكيل قوة عربية مشتركة.
وقال عبد المهدي في لقاء صحافي ضيق في مقر السفارة العراقية في باريس على هامش زيارته للعاصمة الفرنسية بمعية وفد اقتصادي كبير للمشاركة في اجتماعات اللجنة المشتركة الفرنسية – العراقية، إن بغداد «تبنت موقفا رافضا للتدخل العسكري (في اليمن) لكن هذا الموقف لا علاقة له بالعلاقات الثنائية وحسن الجوار مع السعودية»، مضيفا أن بلاده «تتمنى الحوار بين كافة الأطراف اليمنية». أما بالنسبة للقوة العربية المشتركة التي أقرتها القمة العربية الأخيرة في شرم الشيخ، فإن بغداد «تحفظت عليها»، لأنها فهمت أن الغرض منها «مهاجمة اليمن وليس تحرير فلسطين ولذا نحن ضد ذلك وضد أن تستخدم لمهاجمة أية دولة عربية».
وشدد وزير النفط العراقي الذي شغل في السابق منصب نائب رئيس الجمهورية على حاجة العراق لعلاقات جيدة مع كافة الدول المحيطة. وأكد أن المسؤولين العراقيين يدافعون عن الحاجة لعلاقات جيدة مع إيران عندما يكونون في واشنطن وعن أهمية العلاقات الممتازة مع الولايات المتحدة عندما يكونون في طهران.
ويفهم من كلام عبد المهدي أن بغداد تراهن على توصل إيران ومجموعة الدول الست (الدول الخمس دائمة العضوية وألمانيا) إلى اتفاق حول الملف النووي الإيراني؛ إذ إن أمرا كهذا «سيكون شيئا مهما» بالنسبة للعراق لأنه عمليا سيحل إشكالية تموضع بغداد بين طرفين حليفين لها ولكنهما يتواجهان في العديد من المسائل الإقليمية فضلا عن الملف النووي. وعمليا، يعتبر عبد المهدي أن الاتفاق النووي إذا ما تم «سيخدم مصالح العراق». وأفاد المسؤول العراقي أن رئيس الوزراء حيدر العبادي سيقوم بزيارة إلى واشنطن هذا الشهر لبحث الوضع في العراق ولتقويم العلاقات الثنائية والأوضاع الإقليمية.
وعصر أمس التقى الوزير العراقي الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في قصر الإليزيه، وقال في لقائه الصحافي إنه يتوقع مناقشة كافة الملفات السياسية والأمنية (الحرب على الإرهاب، والتعاون الثنائي، والوضع الإقليمي) مع الرئيس الفرنسي الذي يبدي اهتماما كبيرا بالعراق وبالحرب على الإرهاب الدائرة على أرضه.
وكان هولاند زار بغداد وأربيل في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي كما كانت باريس أول من استجابت لدعوة الولايات المتحدة الأميركية لتشكيل التحالف الدولي ضد «داعش». بيد أن باريس التي توفر أكبر ثاني قوة جوية وعسكرية ترفض المشاركة في الحرب على «داعش» في سوريا.
ويبدي عادل عبد المهدي الكثير من التفاؤل في تقويم الحرب الدائرة بين القوات العراقية والقوات الشعبية الرديفة المدعومة من التحالف الدولي وتنظيم داعش. ويرى أن تحرير مدينة تكريت يوفر الدليل على أن استعادة المناطق التي وضعت «داعش» اليد عليها «يتم بأسرع مما كان متوقعا». ورغم تمنعه عن الخوض في تحديد تواريخ لمعركة الموصل، ثاني مدن العراق التي احتلها تنظيم داعش في يونيو (حزيران) من العام الماضي فإنه يرى أن الأمور يمكن أن تتسارع وأن معركتها «ستحصل قبل نهاية العام الحالي». وما يدفعه بهذا الاتجاه أنه يعتبر أن الموصل محاصرة، عمليا، من 3 جهات (الشرق والشمال والجنوب) من قوات البيشمركة والقوات العراقية. ويرى عبد المهدي أن استعادة تكريت أصابت معنويات «داعش» في الصميم، خصوصا لدى من انضم إليها بعد ما حققته من مكاسب العام الماضي. وفي أي حال، يراهن عبد المهدي على «الحالة» الجيدة في العراق وعلى التعاون القائم بين القوات الحكومية الرسمية وبين قوات الحشد الشعبي والبيشمركة والقوى الأخرى.
وردا على سؤال عن «التجاوزات» التي ارتكبتها الميليشيات في عدد من المناطق والتي نددت بها منظمات دولية، فإن عبد المهدي لم يسع للتهرب من السؤال بل إنه يعترف بوجودها لكنه يدعو إلى «عدم المبالغة». وقال: «سأكون كاذبا إذا نفيت ارتكاب جرائم من قبل بعض الأشخاص أو المجموعات؛ إذ إن هذا أمر لا يمكن أن ننفيه». لكنه يسارع لإضافة أن «المرجعية الشيعية كانت أول من أدانها وتتعين إدانتها»، مشيرا إلى قيام تحقيقات أمرت بها رئاسة الحكومة ووزارتا الداخلية والدفاع. وفي أي حال، لا يرى عبد المهدي أن «الحرب يمكن أن تكون نظيفة». لكن بالمقابل، يتعين «الابتعاد عن التعميم» لأن أكثر من 90 في المائة من الذين انضموا إلى قتال «داعش» لا علاقة لهم، وفق ما يؤكده، بهذه التجاوزات بل إنهم استجابوا لنداء التعبئة وهم يخاطرون بإهدار دمهم في هذه الحرب. ثم إن «الجميع ارتكب أخطاء بمن فيهم البيشمركة». وخلاصة الوزير العراقي أن الحكومة «لا تغلق أعينها على هذه التجاوزات». كما أنها تعتبر أن هناك حاجة لقوات الحشد الشعبي والقوات الأخرى، إلى جانب القوات الرسمية، ودعم التحالف الدولي للاستمرار في محاربة «داعش». اللافت في كلام الوزير العراقي كان التقليل من الدور الذي تقوم به إيران عسكريا في العراق إذ إنه أكد أن عديد ما أرسلته إلى العراق من عسكريين «لا يتجاوز المائة شخص» وهو أقل بكثير مما أرسلته القوات الأميركية مثلا.
أما في الموضوع السوري، فقد كرر الموقف الرسمي للحكومة العراقية القائل بأن موقفها يكمن في 3 نقاط؛ أولها أن المسألة السورية «تتجاوز» العراق وتدخل في سياق صراع إقليمي ودولي ومصلحة العراق هي في عودة الهدوء إلى سوريا وثانيها أنه من الضروري المحافظة على الدولة السورية ومؤسساتها.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».