{العدل} العراقية: جهود لإعادة الأموال المهربة

السلطات تطيح مبتزاً كان ضمن لوائح المرشحين للانتخابات

TT

{العدل} العراقية: جهود لإعادة الأموال المهربة

بعيداً عن الصخب الانتخابي، وما تلاه من اعتراضات الكتل الخاسرة التي استمرت لثلاثة أسابيع، وما زال جزء منها متواصلاً، تجدد أمس الحديث عن مشكلة الفساد والأموال المنهوبة التي تعاني منها البلاد منذ سنوات طويلة. وعلى مستوى استعادة الأموال المهربة إلى خارج البلاد، كشفت وزارة العدل، أمس (السبت)، عن تحركات دبلوماسية لاستعادة الأموال والعقارات العراقية في الأردن وسويسرا ودول أخرى، ولخصت دورها في الحفاظ على عقارات المواطنين في المناطق المحررة.
وقال المتحدث باسم الوزارة، أحمد لعيبي، لوكالة الأنباء الرسمية إن الوزارة لديها كثير من التحركات الدبلوماسية لاستعادة الأموال والعقارات، ومنها الأردن وسويسرا وغيرها. وأضاف أن المؤتمر الذي نظمته وزارة العدل في سبتمبر (أيلول) الماضي لاسترداد الأموال المنهوبة أبرمت فيه عدة مذكرات تعاون واتفاقيات من أجل استعادة الأموال والعقارات في الخارج، وكذلك من خلال مكتب الدعاوى الخارجية.
وحول ما يشاع عن التجاوزات التي تحدث فيما بات يعرف في المناطق المحررة بـ«المحافظات التي احتلها (داعش) عام 2014»، ذكر لعيبي أن دور وزارة العدل في الحفاظ على عقارات المواطنين في المناطق المحررة كان يتمثل في نقل السجلات إلى مناطق آمنة في تلك الفترة، والرجوع إلى السجلات المركزية لإجراء أي عملية بيع أو شراء على هذه العقارات، إضافة إلى وضع إشارات حجز على بعضها لحين إثبات العائدية.
وكان رئيس الجمهورية برهم صالح قد قدم للبرلمان، في مايو (أيار) الماضي، نص مشروع قانون استعادة أموال الفساد المهربة خارج البلاد، لكن البرلمان لم يصادق عليه قبل انتهاء ولايته مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ويفترض أن يقوم بذلك البرلمان الجديد الذي سيجتمع بعد المصادقة المتوقعة لنتائج الانتخابات العامة من قبل المحكمة الاتحادية خلال الأسبوعين المقبلين.
وفي سبتمبر (أيلول)، رعت الحكومة العراقية وجامعة الدول العربية مؤتمراً في بغداد للمساعدة في تذليل العقبات القانونية والإجرائية التي تواجه العراق لاسترداد أموال الفساد المهربة. ومع ذلك، لم تحقق السلطات العراقية حتى الآن أي تطور نوعي في هذا الملف.
ومن ناحية أخرى، وفيما نشرت بعض المواقع الخبرية المحلية أخباراً عن استرداد لجنة مكافحة الفساد التي شكلها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي قبل أشهر أكثر من 8 تريليونات دينار عراقي (نحو 5 مليارات دولار)، نفى مصدر مطلع على بعض تفاصيل عمل اللجنة ذلك، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «أخشى أن الرقم مبالغ فيه جداً! نعم، استعادت اللجنة أموالاً غير قليلة، لكنها لا ترتقي لهذا المقدار»، وأضاف: «لا ننسى أن الضغوط الشديدة التي تمارسها القوى السياسية على اللجنة تحول دون ممارسة لمهامها بطريقة طبيعية».
وبدورها، أعلنت هيئة النزاهة، أمس، تفاصيل قضية المتهم بالابتزاز صباح الكناني. وقالت الهيئة، في بيان، إن دائرة التحقيقات في الهيئة تلقت شكوى تفيد بتعرض المشتكي لعمليات ابتزاز ومساومة أقدم عليها المدعو (صباح الكناني)، رئيس إحدى منظمات المجتمع المدني المرشح لعضوية مجلس النواب، مؤكدة تواصل رئيس هيئة النزاهة الاتحادية شخصياً مع قاضي محكمة تحقيق الرصافة المختصَّة بالنظر بقضايا النزاهة فيما يخصُّ الشكوى.
ودعت الهيئة المواطنين كافة والمقاولين ورجال الأعمال وأصحاب الشركات إلى التعاون معها من خلال الإبلاغ عن حالات الفساد والمساومة والابتزاز التي قد يتعرضون لها، وذلك عبر الاتصال بمنافذ الهيئة المخصَّصة لذلك.
وكان جهاز الأمن الوطني قد أعلن، الخميس الماضي، القبض على رئيس منظمة الإصلاح والتغيير صباح الكناني بتهمة الابتزاز. وذكر بيان للجهاز أنه تمكن من إلقاء القبض على المدعو صباح الكناني بتهمة الابتزاز والرشوة لأحد المديرين العامين في وزارة الصناعة والمعادن بمبلغ 30 ألف دولار وبالجرم المشهود.
ونشط الكناني في السنة الأخير بظهوره المتكرر عبر القنوات التلفزيونية للحديث عن كشف الفساد والفاسدين، وقام في معظم الأحيان بذكر أسماء صريحة يقول إنها فاسدة لمسؤولين في الدولة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.