أحاطت أجواء الجدل باحتفالات تركيا بذكرى تأسيس الجمهورية التي توافق الثلاثين من أكتوبر (تشرين الأول) والتي شهدت عدم توجيه الدعوة إلى سفراء 10 دول غربية، بينها أميركا، بسبب الأزمة التي نتجت عن إصدارهم بياناً مشتركاً طالبوا فيه أنقرة بالامتثال لقرارات محكمة حقوق الإنسان الأوروبية بالإفراج عن الناشط في مجال الحقوق المدنية عثمان كافالا المحتجز بتهم تتعلق بالتجسس ودعم محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في 15 يوليو (تموز) 2016.
كما واجهت حكومة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان انتقادات حادة بسبب وضع قائمة بأسماء وسائل الإعلام المسموح لها بحضور مراسم إحياء الذكرى 98 لتأسيس الجمهورية، والتي خلت من الصحف والقنوات غير الموالية له. في الوقت الذي أثار فيه تجنب رئيس هيئة الشؤون الدينية علي أرباش ذكر اسم مؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك في خطبة الجمعة أول من أمس جدلاً واسعاً وعرضه لهجوم وانتقادات.
وأقيمت الاحتفالات ومراسم تقديم التهاني لإردوغان بذكرى تأسيس الجمهورية في القصر الرئاسي بأنقرة، أول من أمس، بمشاركة أعضاء الحكومة ونواب في البرلمان ومسؤولين رفيعي المستوى وممثلين عن دوائر الأعمال ودبلوماسيين، ولم يتم توجيه دعوات لحضور المراسم إلى سفراء كل من الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا والدنمارك والنرويج وهولندا والسويد وفنلندا وكندا ونيوزيلندا، الذين سبق وهدد إردوغان الأسبوع الماضي بإعلانهم أشخاصاً غير مرغوب فيهم، بعد البيان المشترك الذي أصدروه في 18 أكتوبر، وطالبوا فيه بالإفراج عن كافالا معتبرين أن استمرار حبسه احتياطياً لأربع سنوات وتغيير الاتهامات الموجهة إليه بعد تبرئته من اتهامات، معتبرين أن اعتقاله يلقي بظلال على احترام الديمقراطية وسيادة القانون في تركيا.
وتسببت دائرة الاتصال برئاسة الجمهورية في أزمة أخرى، حيث وضعت، في ممارسة غير مسبوقة، قائمة بأسماء الصحف والقنوات المسموح لها بحضور مراسم أحياء ذكرى تأسيس الجمهورية، بدءاً من المراسم الرسمية في قبر أتاتورك حيث لم يسمح لممثلي أي صحيفة أو قناة تنتقد إردوغان بالمشاركة في تغطية الاحتفالات.
من جانبه، هاجم إردوغان المعارضة التركية، خلال افتتاحه ليل الجمعة - السبت، «مركز أتاتورك الثقافي» بمدينة إسطنبول بعد إعادة بنائه، في إطار الاحتفالات، قائلاً في كلمة خلال الافتتاح، إن حكومته تعمل منذ سنوات لإعادة بناء مركز أتاتورك الثقافي الذي أنشئ قبل 75 عاماً، ويعتبر واحداً من رموز مدينة إسطنبول، إلا أنها واجهت العراقيل في كل خطوة تتخذها بسبب الحملات التي أطلقتها المعارضة قبل سنوات من أجل عدم هدم المبنى القديم المهترئ، رغم إعلان الحكومة أنها ستبني مركزاً ثقافياً جديداً أجمل وأحدث.
وأضاف أن حكومته تخطت جميع العراقيل المصطنعة ووضعت حجر الأساس لمركز أتاتورك الثقافي الجديد في نهاية المطاف عام 2019. لافتاً إلى أن المساحة الإجمالية للمركز تبلغ 95 ألف متر مربع، وتم تشييده خلال فترة قياسية تبلغ عامين ونصف العام فقط.
في المقابل، هنأ رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كليتشدار أوغلو، وهو الحزب الذي أسسه مصطفى كمال أتاتورك مؤسس الجمهورية التركية، الشعب التركي بمناسبة الذكرى 98 لإعلان الجمهورية، مشدداً على ضرورة أن تسير الدولة بالمبادئ التي أرساها أتاتورك.
وقال كليتشدار في بيان نشره عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «أؤكد ضرورة أن تتبع الدولة، التي تمر بأزمات اقتصادية وسياسية، مبادئ أتاتورك، حيث بنى الدولة لمن ليس لهم أحد»، مؤكداً أن أول هدف لحزبه هو التغلب على الشتاء القارس باحتضان الشعب حتى لا يترك أي شخص في العراء، وتتويج الجمهورية بالديمقراطية.
وأقيمت الاحتفالات وسط أجواء سياسية ساخنة، حيت تطالب المعارضة بانتخابات مبكرة والعودة إلى النظام البرلماني بديلاً عن النظام الرئاسي الذي أقر في استفتاء شعبي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2017. وبدأ العمل به في 2918. والذي تقول المعارضة إنه تسبب في أزمات سياسية واقتصادية كبرى للبلاد بسبب تركيز جميع السلطات في يد الرئيس وحوله إلى ديكتاتور، بينما يسعى إردوغان إلى إقرار دستور جديد لتعزيز النظام الرئاسي وإطالة فترة بقائه في السلطة.
إلى ذلك شنت صحف وقنوات معارضة، أمس السبت، هجوماً على هيئة الشؤون الدينية برئاسة، علي أرباش، لتجنبه ذكر أتاتورك، في خطبة الجمعة أول من أمس تزامناً مع احتفالات ذكرى تأسيس الجمهورية، ولفتت إلى أن الشؤون الدينية أحيت «عيد الجمهورية» وأهمية هذا اليوم في 3 عبارات فقط، غير أنها تجاهلت ذكر أتاتورك، إضافة إلى عدم حضور أرباش مراسم حفل التهنئة الرسمية بالقصر الرئاسي.
على صعيد آخر، طالب رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، الاتحاد الأوروبي باتخاذ إجراءات صارمة تجاه تركيا، لافتاً إلى أن بلاده ترغب في الاتفاق مع تركيا على ترسيم مناطقهما الاقتصادية في شرق البحر المتوسط، وحث الجانب التركي على خفض التوترات التي تعرقل علاقات أنقرة مع التكتل.
وقال ميتسوتاكيس، خلال مؤتمر صحافي مشترك، مساء أول من أمس، مع المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، التي قامت بزيارة وداعية لأثينا: «يبدو أن الاعتدال الغربي يشجع السلوك التعسفي لتركيا». وأشار إلى أن بلاده تريد علاقات جيدة مع الجيران على أساس القانون الدولي لكنها لن تتسامح مع تحديات تواجه حقوقها السيادية».
وأضاف ميتسوتاكيس، رداً على دعوة ميركل للحوار مع تركيا، قائلاً إن «بابي مفتوح دائماً، لكن هذا الحوار يستلزم مسبقاً خفض أي توترات غير ضرورية... نؤيد الحوار، لكنْ للصبر حدود، لا سيما أن تركيا تتجاوز الحدود على نحو متكرر وترفض التخلي عن عنجهيتها».
وأشارت ميركل إلى ضرورة التعاون مع تركيا على الأقل فيما يتعلق بمكافحة الهجرة غير الشرعية، مؤكدة ضرورة الإبقاء على الحوار، حتى لو استغرق وقتاً أطول في بعض الأحيان.
أجواء الجدل سيطرت على احتفالات تركيا بالذكرى 98 لتأسيس الجمهورية
غياب سفراء الدول العشر ومنع الإعلام المعارض لإردوغان وتجاهل أتاتورك
أجواء الجدل سيطرت على احتفالات تركيا بالذكرى 98 لتأسيس الجمهورية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة