مريم المهدي: حمدوك لن يكون جزءاً من مهزلة الانقلابيين

وزيرة الخارجية السودانية المقالة مريم الصادق المهدي (أ.ف.ب)
وزيرة الخارجية السودانية المقالة مريم الصادق المهدي (أ.ف.ب)
TT

مريم المهدي: حمدوك لن يكون جزءاً من مهزلة الانقلابيين

وزيرة الخارجية السودانية المقالة مريم الصادق المهدي (أ.ف.ب)
وزيرة الخارجية السودانية المقالة مريم الصادق المهدي (أ.ف.ب)

أكدت وزيرة الخارجية السودانية المقالة مريم الصادق المهدي، اليوم (السبت)، أن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الموضوع قيد الإقامة الجبرية «لن يكون جزءاً من مهزلة الانقلابيين» ودعت إلى «إبطال كل الإجراءات» التي أنهت الشراكة مع المدنيين.
وأوضحت المهدي، في مقابلة أجرتها معها وكالة الصحافة الفرنسية عبر الهاتف من القاهرة، أنه لا أساس من الصحة للتقارير الصحافية التي تتحدث عن إمكانية تعاون جديد بين حمدوك وقائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان الذي أطاح، الاثنين، بشركائه المدنيين في مؤسسات الحكم الانتقالي التي شُكّلت عقب إسقاط عمر البشير في عام 2019.
وقالت: «الدكتور حمدوك رجل وطني، مثقف، سياسي، ولن يكون جزءاً من المهزلة والخيانة التي قام بها الانقلابيون».
واعتبرت المهدي، التي عارضت الانقلاب منذ البداية، أن الشعب السوداني «كله معتقل» في الوقت الراهن بسبب انقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت.
وقالت: «نحن بهذا الشكل كلنا شعب معتقل لأننا غير قادرين على أن نتواصل مع بعضنا»، مشيرة إلى أن ما يحدث هو أن «يقوم شخص من خارج البلاد بالاتصال صدفة، فنطلب منه الاطمئنان إلى الآخرين باتصالات مماثلة».
ولا يستطيع السودانيون إجراء أو استقبال مكالمات هاتفية محلية، والأمر الوحيد المتاح هو استقبال اتصالات من خارج البلاد.
وفجر الاثنين، اعتقلت قوات من الجيش حمدوك والعديد من الوزراء والسياسيين، قبل أن يعلن البرهان، في بيان، حل مؤسسات الحكم الانتقالي واستئثار الجيش بالسلطة، مطيحاً بذلك بالتحول الديمقراطي الذي كان يتطلع إليه السودانيون في بلد تولى العسكريون الحكم فيه بشكل شبه مستمر منذ استقلاله عام 1956.
وعاد حمدوك إلى منزله، الثلاثاء، إلا أنه لا يتمتع بحرية الحركة ويخضع لحراسة مشددة من قوات الأمن السودانية.
وأكدت المهدي: «بكل انضباط وطني نقول إن إبطال هذه الإجراءات (التي اتخذها البرهان) والعودة إلى الوثيقة الدستورية وإطلاق المعتقلين السياسيين كلهم... هو الحل الوحيد المتاح».
ونزل عشرات الآلاف من السودانيين، السبت، إلى شوارع الخرطوم للاحتجاج على انقلاب البرهان، وطالبوا بـ«إسقاط حكم العسكر» ونقل السلطة إلى حكومة مدنية.
وفي أغسطس (آب) 2019، اتفق العسكريون الذين تولوا السلطة بعد الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير إثر حركة احتجاجات شعبية عارمة غير مسبوقة، والمدنيون الذين قادوا تلك الاحتجاجات، على تقاسم السلطة، من خلال وثيقة دستورية، لمرحلة انتقالية يتم في نهايتها تسليم الحكم إلى حكومة مدنية منتخبة ديمقراطياً.
وأضافت الوزيرة السودانية المقالة، التي تعد من الوزراء المدنيين القلائل الذين لم يتم توقيفهم، رداً على سؤال حول ما إذا كان العسكريون سعوا إلى التفاوض معها: «لا لا أبداً ويستحيل. ولم أجلس مع أحد منهم».
وتابعت: «اخترت ألا أصدق ما قاموا به في 25 أكتوبر (تشرين الأول)، وقلت لا يمكن أن يقوموا بهذه الخيانة لكن للأسف الشديد قاموا بها».
ومن بين السياسيين الذين أوقفتهم السلطات خلال الأيام الماضية، صديق الصادق المهدي، نائب حزب الأمة، أبرز الأحزاب السياسية في البلاد، وشقيق الوزيرة السودانية.
مريم وصديق هما نجلا الزعيم السياسي السوداني الراحل ورئيس حزب الأمة، الصادق المهدي، الذي أطاح به البشير بانقلاب في عام 1989 وكان آنذاك رئيساً للوزراء منتخباً ديمقراطياً.
وأكدت المهدي أنها في منزلها ولم تشارك في المظاهرات، بحسب «الاتفاق بين كل القيادات» على عدم النزول إلى الشارع والمتابعة من خلال المحتجين في الميدان.
ولم يردع القمع الدامي للاحتجاجات خلال الأيام الستة الأخيرة، السودانيين عن مواصلة تصديهم للانقلاب.
وقالت الوزيرة المقالة: «نحن لا نريد إراقة دماء، واعتداء العسكر كان في لحظة انفعال غير منطقي وغير مسؤول... الأمر ليس ضد أفراد ولا ضد حزب ولا حتى مجموعة أحزاب وإنما الأمر ضد إرادة الشعب السوداني الغلبان»، وأضافت بحماسة: «لا نريد حكم العسكر... حكم العسكر ما بتشكر... هذا هو هتاف الناس».
وكان الانقلاب العسكري دفع دبلوماسيين عديدين إلى الانشقاق ودعم المتظاهرين، ورد البرهان بإقالة ستة من سفراء البلاد، بينهم سفراء الولايات المتحدة والصين وفرنسا وسويسرا وقطر.
ونقلت صفحة وزارة الثقافة والإعلام المقالة بياناً لوزارة الخارجية، أكدت فيه المهدي: «أفتخر بسفراء السودان الذين أتوا من رحم ثورة الشعب المجيدة وصمودها الباسل وكل سفير حر رفض الانقلاب نصراً للثورة».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.