مقتل متظاهرَين في الخرطوم مع تظاهر عشرات الآلاف رفضاً للحكم العسكري (صور)

سودانيون مناهضون للانقلاب في أم درمان (أ.ف.ب)
سودانيون مناهضون للانقلاب في أم درمان (أ.ف.ب)
TT
20

مقتل متظاهرَين في الخرطوم مع تظاهر عشرات الآلاف رفضاً للحكم العسكري (صور)

سودانيون مناهضون للانقلاب في أم درمان (أ.ف.ب)
سودانيون مناهضون للانقلاب في أم درمان (أ.ف.ب)

قُتل متظاهران، اليوم السبت، في الخرطوم حيث اجتاح عشرات الآلاف من السودانيين الشوارع للمطالبة بحكومة مدنية وبـ«إسقاط حكم العسكر» بعد ستة أيام من إطاحة قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان شركاءه المدنيين في المؤسسات السياسية لمرحلة انتقالية كان يفترض أن تتيح للسودان التحول إلى الديمقراطية عام 2023 بعد 30 عاماً من حكم عمر البشير.

وقالت لجنة الأطباء المركزية السودانية في بيان نقلته وكالة الصحافة الفرنسية إن سودانيين اثنين «قتلا برصاص المجلس العسكري الانقلابي». وأضافت اللجنة أن المتظاهرين، اللذين قتلا في منطقة أم درمان بشمال غربي الخرطوم، «أصيب أحدهما بطلق ناري في الرأس والآخر بالبطن»، وبذلك ترتفع حصيلة القمع الدامي للاحتجاجات خلال الأيّام الأخيرة.
وهتف المتظاهرون في جميع أحياء العاصمة السودانية «المدنية خيارنا»، ورددوا مجدداً العديد من شعارات انتفاضتهم التي أسقطت البشير في أبريل (نيسان) 2019 مثل «حرية، سلام، عدالة» و«ثوار، أحرار حنكمل المشوار»، فيما كان بعضهم يرفع صور رئيس وزراء السودان المقال عبد الله حمدوك الذي وُضع قيد الإقامة الجبرية في منزله بالخرطوم.
ويراقب العالم رد فعل العسكريين على هذه المظاهرات التي وعد منظّموها بأن تكون «مليونيّة». وتعالت الأصوات عشيّة الاحتجاجات، محذّرة السلطات العسكريّة من استخدام العنف ضدّ المتظاهرين.

وذكر شهود ومراسلو وكالة الصحافة الفرنسية أن المظاهرات بدأت بعيد الظهر في ضاحية أم درمان بشمال غربي الخرطوم وامتدت سريعاً إلى جميع أحياء الخرطوم، كما انطلقت مظاهرات في مدينتي بورتسودان وكسلا بشرق السودان.
وقال هيثم الطيب أحد المتظاهرين في جنوب الخرطوم: «نريد حكماً مدنياً وهذه المرة لن نقبل تقاسم السلطة مع العسكريين... ينبغي أن تكون مدنية مائة في المائة». وقالت الناشطة من أجل الديمقراطيّة تهاني عباس إن «العسكريين لن يحكموننا، هذه هي رسالتنا»، مشددة على أن هذه المظاهرة «المليونيّة» ليست «إلا خطوة أولى».
وحلّ البرهان (الاثنين) كلّ مؤسّسات الحكم في البلاد واعتقل غالبيّة المسؤولين المدنيين، ليستأثر العسكريّون بالسلطة. وصباح (السبت) كانت خطوط الهواتف مقطوعة في الخرطوم مع إمكان الاتصال من الخارج فقط بالهواتف السودانية. كذلك، كانت شبكة الإنترنت مقطوعة.

وانتشرت قوات الأمن بكثافة في شوارع الخرطوم صباح (السبت) وأغلقت الجسور المقامة على النيل التي تربط مناطق الخرطوم ببعضها. وأقامت هذه القوات أيضاً نقاط مراقبة في الشوارع الرئيسية حيث تقوم بتفتيش عشوائي للمارة والسيارات.
وفور إطاحة البرهان المدنيين (الاثنين)، دخل السودانيّون في «عصيان مدني» وأقاموا متاريس في الشوارع لشلّ الحركة في البلاد. وفي مواجهتهم، انهمر الرصاص الحّي والمطاط والقنابل المسيلة للدموع، مما أسفر عن سقوط تسعة قتلى بين المتظاهرين، حسب لجنة الأطباء المركزية السودانية.
وحذرت منظمة العفو الدولية «القادة العسكريين من الحسابات الخاطئة»، مؤكّدة أنّ «العالم يتابعهم ولن يسمح بمزيد من الدماء». وحضّت الولايات المتحدة (الجمعة) الجيش السوداني على عدم قمع المظاهرات. كذلك، حضّ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الجيش السوداني على «ضبط النفس» خلال مظاهرات (السبت).



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.