مصر تدعو لتعزيز الحوار السياسي والدبلوماسي بشأن إدارة المياه

«أسبوع القاهرة» يوصي بإطار لزيادة التعاون ومنع «الصراعات»

وزير الري يكرم عدداً من المزارعين والباحثين في ختام «أسبوع القاهرة للمياه» (من صفحة مجلس الوزراء المصري على «فيسبوك»)
وزير الري يكرم عدداً من المزارعين والباحثين في ختام «أسبوع القاهرة للمياه» (من صفحة مجلس الوزراء المصري على «فيسبوك»)
TT

مصر تدعو لتعزيز الحوار السياسي والدبلوماسي بشأن إدارة المياه

وزير الري يكرم عدداً من المزارعين والباحثين في ختام «أسبوع القاهرة للمياه» (من صفحة مجلس الوزراء المصري على «فيسبوك»)
وزير الري يكرم عدداً من المزارعين والباحثين في ختام «أسبوع القاهرة للمياه» (من صفحة مجلس الوزراء المصري على «فيسبوك»)

دعت مصر إلى «تعزيز الحوار السياسي و(دبلوماسية المياه) والتعاون الفني فيما يتعلق بإدارة الموارد المائية المشتركة»، بالتزامن مع استمرار «التعثر» في مفاوضات «سد النهضة» الإثيوبي، فيما أوصى «أسبوع القاهرة للمياه» بـ«وضع إطار لزيادة التعاون بين الدول ومنع (الصراعات)، وضرورة تبادل البيانات والمعلومات والرصد والتنبؤ والإنذار المبكر وبناء القدرات». وتطالب مصر والسودان بإبرام اتفاقية ملزمة تحدد آلية تشغيل وملء «السد». وفي منتصف الشهر الماضي اعتمد مجلس الأمن الدولي بياناً رئاسياً يشجع مصر والسودان وإثيوبيا على استئناف المفاوضات، برعاية الاتحاد الأفريقي، بهدف الوصول إلى اتفاق مُلزم «خلال فترة زمنية معقولة». كما دعا الاتحاد الأوروبي أول من أمس، مصر والسودان وإثيوبيا لاستئناف المفاوضات. وتخشى دولتا المصب (مصر والسودان)، من تأثير «السد» سلبياً على إمداداتهما من المياه، فضلاً عن تأثيرات بيئية واجتماعية أخرى، مع احتمالية انهياره. ووفق بيان لـ«مجلس الوزراء المصري» أمس فإن «أسبوع القاهرة للمياه» أكد في توصياته أن «الماء حق إنساني وينبغي إعطاء اهتمام خاص للمجتمعات الأكثر عرضة للخطر ولا سيما المجتمعات الريفية، مع ضرورة توفير خدمات المياه النقية والصرف الصحي للحفاظ على الصحة العامة فيروس (كورونا)، والتأكيد على أهمية التوسع في استخدام طرق الري الحديث والذكية، مع العمل على جذب القطاع الخاص للاستثمار في نظم الري الحديث، ووضع أطر مؤسسية لتنظيم مشاركة المزارعين ورفع القدرات للتعامل مع التقنيات الحديثة، وتطوير تقنيات منخفضة التكاليف لتحلية مياه البحرـ مما يسهم بشكل مستدام في مواجهة أزمة ندرة المياه».
وتضمنت فعاليات «أسبوع القاهرة» تنظيم العديد من الجلسات رفيعة المستوى. وقالت رئيس اللجنة المنظمة لـ«أسبوع القاهرة للمياه» إيمان سيد أمس إن «الأسبوع شمل عقد 7 فعاليات رفيعة المستوى، و5 جلسات عامة، و70 جلسة فنية، و5 ورش عمل، و8 أحداث جانبية عقدتها أكثر من 50 منظمة دولية وإقليمية ووطنية، كما شارك بالأسبوع أكثر من 300 متحدث دولي وإقليمي، وقرابة 1000 مشارك من جميع أنحاء العالم».
وبحسب بيان لـ«مجلس الوزراء المصري» فقد أكدت توصيات «أسبوع المياه» على «أهمية الاعتماد على التقنيات الذكية التي تدعمها تكنولوجيا المعلومات لتحسين إدارة المياه بشكل فعال، وضرورة التوسع في استخدام تقنيات الاستشعار عن بُعد مما يساعد في الحصول على البيانات التي قد يصعب الحصول عليها أو التي تتطلب تكلفة كبيرة للحصول عليها، بالإضافة لرقمنة قطاع المياه». وكذا «التأكيد على أهمية العمل على معالجة العوامل المؤثرة على مستقبل قطاع المياه (وهي الزيادة السكانية، والتغيرات المناخية)، مع وضع قطاع المياه كأحد أكثر القطاعات تأثراً بالتغيرات المناخية على رأس الأجندة الدولية للتكيف مع التغيرات المناخية. وخلال حفل ختام «أسبوع القاهرة للمياه» مساء أول من أمس قام وزير الري المصري محمد عبد العاطي بـ«تكريم عدد المزارعين، والباحثين، وقيادات وزارة الري السابقين».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.