تظهر البيانات، الصادرة عن مكتب الإحصاء الأوروبي يوم الثلاثاء الماضي التحسن في مؤشرات الاقتصاد الكلي للمنطقة، فيما بدا أنه جني ثمار لحزمة التحفيز التي أطلقها ماريو دراغي مطلع الشهر الماضي. وارتفع التضخم قليلا في دول المنطقة وإن كان لا يزال في النطاق السالب خلال شهر مارس (آذار) الماضي ليبلغ سالب 0.1 في المائة، مقارنة مع سالب 0.3 في المائة في الشهر الذي يسبقه، فيما سجلت معدلات البطالة لدول المنطقة أقل مستوى لها في نحو 33 شهرا منذ مايو (أيار) 2012.
وبلغت معدلات البطالة في دول منطقة العملة الموحدة، التي تضم 19 بلدا، 11.3 في المائة في فبراير (شباط) انخفاضا من قراءة سابقة بلغت 11.4 في المائة في يناير (كانون الثاني) الماضي.
وفي دول الاتحاد الأوروبي البالغة نحو 28 دولة بلغ معدل البطالة خلال فبراير الماضي 9.8 في المائة انخفاضا من قراءة في الشهر الذي يسبقه بلغت نحو 9.9 في المائة. ويبدأ البنك المركزي الأوروبي برنامج «تاريخي» لشراء السندات الحكومية في منطقة اليورو في مطلع مارس الماضي بقيمة 60 مليار يورو شهرياً لدعم معدل التضخم المتعثر ولكي يصل مجدداً إلى مشارف 2 في المائة في نهاية البرنامج. وتبلغ المدة الزمنية للبرنامج نحو 19 شهرا ليبلغ بذلك إجمالي مشتريات البنك خلال تلك الفترة نحو 1.2 تريليون يورو.
وقال محللون لـ«الشرق الأوسط» إن تحسن معدلات البطالة في دول منطقة اليورو هو انعكاس قوي لنمو أنشطة الشركات الأوروبية بفعل انخفاض أسعار النفط والذي انعكس إيجابا على انخفاض التكاليف للشركات وزيادة الإنفاق للأفراد، فيما أرجعوا تحسن مستوى التضخم إلى حزمة التحفيز الجديدة التي أطلقها المركزي الأوروبي مطلع الشهر الماضي.
وسجلت معدلات البطالة في ألمانيا أقل معدل بين دول منطقة اليورو خلال فبراير الماضي مع وقوفها عند مستوى 4.8 في المائة يليها النمسا التي بلغ المعدل بها 5.3 في المائة، فيما سجلت اليونان وإسبانيا أعلى معدلات بطالة بالمنطقة مع تسجيلها 26 في المائة و23.2 في المائة على التوالي.
وقال مارك هيفل، اقتصادي أول لدى مصرف «يو إس بي»: «تحسن معدلات البطالة يعكس بصورة واضحة نمو أنشطة الشركات في دول المنطقة مع هبوط التكلفة الإنتاجية جراء هبوط أسعار النفط وهو ما يصاحبه بالتبعية ارتفاع في الإنفاق الاستهلاكي».
وتتأرجح أسعار النفط صعودا وهبوطا منذ أواخر العام الماضي، ولكنها لا تزال قرب أدنى مستوياتها في عدة أعوام وسط تخمة في المعروض وتراجع على الطلب. وتشير بيانات مؤسسة «ماركتز» للأبحاث إلى نمو أنشطة الشركات الأوروبية إلى أفضل مستوياتها في نحو 7 أشهر خلال فبراير الماضي.
يتابع هيفل: «أضف إلى ذلك أيضا انخفاض قيمة العملة الموحدة الذي يعزز من جاذبية صادرات تلك الشركات إلى الشركاء في كل دول العالم». وبلغت قراءة مؤشر ماركتس لمديري المشتريات بمنطقة اليورو في فبراير الماضي 53.3 نقطة. وتراجع اليورو نحو 8 في المائة منذ مطلع العام مقابل الدولار، ونحو 20 في المائة منذ مايو الماضي.
وإلى معدلات التضخم في المنطقة، والتي تشير بيانات مكتب الإحصاء الأوروبي إلى تحسن قراءتها عند مستوى سالب 0.1 في المائة في مارس مقابل سالب 0.3 في المائة في فبراير وهو ما يعني انسحاب المنطقة تدريجيا من براثن الركود بعد حزمة التحفيز التي أطلقها «المركزي الأوروبي».
وقال هيفل: «بدأت آثار حزمة التحفيز التي أطلقها المركزي الأوروبي في الظهور وهو ما يبدد المخاوف بشأن انزلاق المنطقة في الركود العميق».
وبدء المركزي الأوروبي برنامجا لشراء سندات سيادية في منطقة اليورو بقيمة إجمالية تتجاوز تريليون يورو، لدعم ارتفاع التضخم والنمو الاقتصادي.
يتابع هيفل: «أعتقد أن مزيدا من التحسن سيطرأ على قراءة مؤشرات التضخم والبطالة لدول المنطقة خلال الشهور القليلة المقبلة. قد نرى المعدل يتحرك بقوة حول مستهدف البنك المركزي لتحفيز النمو».
ويستهدف البنك المركزي الأوروبي معدلات تضخم تحوم حول مستوى 2 في المائة. ومنذ أن أقر البنك برنامجه للتيسير الكمي، تظهر مؤشرات منطقة اليورو أداء جيدا فعلى سبيل المثال فإن مؤشر ثقة قطاع التصنيع خلال شهر مارس الماضي، ارتفعت إلى 52.2 نقطة بأعلى من القراءة السابقة عند 51.9 نقطة، وفقا لمؤشر ماركتس للأبحاث.
* الوحدة الاقتصادية بـ«الشرق الأوسط»