تركيا تؤكد استمرار الحوار مع مصر

عقب جولتين من المحادثات «الاستكشافية»

TT

تركيا تؤكد استمرار الحوار مع مصر

فيما عده مراقبون بأنه «يأتي في إطار استمرار جهود إعادة تطبيع العلاقات بين مصر وتركيا»، أكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن «الحوار بين أنقرة والقاهرة مستمر منذ بدء المحادثات الثنائية بين البلدين». تصريح الوزير التركي عقب جولتين من المحادثات «الاستكشافية» التي جرت بين مصر وتركيا، الأولى كانت في القاهرة مايو (أيار) الماضي.
وقال ممثلو البلدين حينها في بيان، إن «المباحثات كانت (صريحة ومعمقة)، وإن الجانبين تناولا القضايا الثنائية، فضلاً عن عدد من القضايا الإقليمية». والثانية كانت في أنقرة الشهر الماضي. واتفق الطرفان على «مواصلة المشاورات والتأكيد على رغبتهما في تحقيق تقدم بالموضوعات محل النقاش». وقال أوغلو في تصريح عبر قناة «سي إن إن ترك» أوردته وكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء مساء أول من أمس، إن «الحوار بين أنقرة والقاهرة مستمر». لكنه ذكر أن «عملية التعيين المتبادل للسفراء مع القاهرة لم تبدأ بعد».
وتوترت العلاقات السياسية بين تركيا ومصر عام 2013، وتبادلا سحب السفراء؛ إلا أن سفارتي البلدين لم تغلقا أبوابهما، واستمرتا بالعمل على مستوى القائم بالأعمال وبمستوى تمثيل منخفض طوال الأعوام الثمانية الماضية، بسبب الموقف التركي من سقوط «حكم الإخوان» في مصر، وظلت العلاقات التجارية والاقتصادية بعيدة بدرجة كبيرة عن التجاذبات السياسية.
واتخذت تركيا خلال الأشهر الماضية، خطوات وصفتها القاهرة بـ«الإيجابية»، وتعلقت بتقييد عدد من القنوات الداعمة لـ«الإخوان»، التي كانت تبث من إسطنبول، وأوقفت هجومها على السلطات المصرية.
وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، لمح رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي إلى «إمكانية استئناف العلاقات الدبلوماسية مع تركيا العام الجاري»؛ لكن مدبولي ربط ذلك بـ«التغلب على (القضايا العالقة)». تصريحات رئيس الحكومة المصرية جاءت عقب تأكيد وزير الخارجية المصري سامح شكري، أن «بلاده (متحمسة) للوصول إلى حل وإلى صيغة ضرورية لاستعادة العلاقات الطبيعية بين البلدين». لكن شكري قال حينها إنه «ما زالت هناك أمور تحتاج لحل وتقييم».
وأكدت مصر وتركيا في بيان مشترك نشرته وزارتا الخارجية في كلا البلدين الشهر الماضي، «الحاجة إلى اتخاذ خطوات إضافية من الجانبين لتيسير تطبيع العلاقات بينهما».
وكانت تركيا قد لمحت أخيراً إلى قرب إعادة تبادل تعيين السفراء مع مصر بعد 8 سنوات من خفض التمثيل الدبلوماسي؛ إلا أن أوغلو أكد أن «عملية التعيين المتبادل للسفراء مع القاهرة لم تبدأ بعد». وذكر أوغلو في وقت سابق أن «تبادل السفراء مع مصر مرتبط باتخاذ قرار مشترك في الفترة المقبلة». وقال وزير الخارجية التركي مطلع الشهر الماضي، إن «بلاده مستعدة للبدء في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية وتحديد مناطق الصلاحية في شرق البحر المتوسط، إذا طلبت مصر».



الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.