سينما اليوم: نساء من حديد ورجال من ورق

المراحل الزمنية تختلف ومعاني أفلامها أيضًا

المرأة المقاتلة.. سكارلت جوهانسن في «المنتقمون»  -   وورن بيتي.. الصحافي الباحث عن الحقيقة في «ذا بارالاكس فيو»
المرأة المقاتلة.. سكارلت جوهانسن في «المنتقمون» - وورن بيتي.. الصحافي الباحث عن الحقيقة في «ذا بارالاكس فيو»
TT

سينما اليوم: نساء من حديد ورجال من ورق

المرأة المقاتلة.. سكارلت جوهانسن في «المنتقمون»  -   وورن بيتي.. الصحافي الباحث عن الحقيقة في «ذا بارالاكس فيو»
المرأة المقاتلة.. سكارلت جوهانسن في «المنتقمون» - وورن بيتي.. الصحافي الباحث عن الحقيقة في «ذا بارالاكس فيو»

في عدد من مسرحيات ويليام شكسبير، هناك ذلك المهرّج الذي يداوم الظهور. إنه هناك كمصدر لتعليق إضافي فوق ما يتولاه نص الأديب من تعليق وتعبير. شاهد ساخر له دور في التركيبة الملحمية الجارية يبدو، مع تكراره، كما لو كان خارج الزمن. في الوقت ذاته، هو شخصية واحدة لكنّ لها جانبا مختلفا في كل فيلم.
وابنة إيثان هوك، الممثل الرائع الذي نراه عادة في أفلام ريتشارد لينكلاتر وآخرها «بويهود»، قالت له ذات مرة بعدما شاهدت كل أفلامه: «أبي، تمثل كل شخصياتك كما أنت في الواقع»، أجابها: «لكن هل كل هذه الشخصيات متشابهة؟».
المعنى الكامن هنا هو أن الشخصيات «الواحدة» قد تتشابه وقد تختلف. أدوار شارلي شابلن وإسماعيل ياسين تتشابه ولا تختلف. أدوار وورن بيتي وجاك نيكولسون وإيثان هوك تتشابه، لكنها تختلف. ثم يأتيك الاختلاف الأكبر بعد ذلك: الفترة الزمنية التي تنجب الفيلم ومن فيه. هنا يكمن الفارق الأول لا بين أفلام الأمس التي عادة ما ننظر إليها - وعن حق – على أنها أفلام الفترة الذهبية، وبين أفلام اليوم.
وفي حين أنه يمكن رصد فوارق عدة ومن جوانب كثيرة، فإن الممثل في أفلام الأمس وأفلام اليوم يعبّر عن هذه الفوارق أفضل تعبير.
لن نرى، على الأرجح، صورة للرجل الذي يفضّـل الحياة كموقع للعيش على النحو الذي يريد. ذلك الذي يزدري المصالح المادية للحياة ويتجنّب المفهوم المعتنق من قِبل الغالبية حولها. سنرى، ورأينا منذ عقود، البطل الذي يحب الحياة للذّتها ويقبل على ما هو نافع ماديا ويتأقلم تماما مع كل وضع بالاستسلام إليه.
ومن غير المتوقع، أيضا، أن نشاهد صور المرأة المؤمنة بدورها الاجتماعي الثابت. تلك التي ترعى زوجها والأولاد وتقف إلى جانبه. أو صورة المرأة العاملة التي تجهد في سبيل غاية نموذجية مثل العناية بأمها أو شقيقها المقعدين أو دفع فواتير الحياة وتأمين مستقبل ابنتها الصغيرة.

* شرير صغير وشرير كبير
سنرى المرأة التي تخطط لإرسال زوجها إلى السجن («فتاة ذهبت»)، أو لتلك التي تضرب كالرجال وتحارب كالوحوش («المنتقمون»)، أو هذه التي تدير خططا إجرامية تشمل قتل أبرياء أو مطاردة من يريدون العيش بسلام بمنأى عن ماضيهم («هوية بورن»).
بغياب ذلك الرجل وتلك المرأة تم تبادل أدوار على نحو شبه خفي. لكن السينما لم تفعل ذلك بمحض إرادتها، بل الزمن الذي نعيش هو من فعل ذلك. لقد دجّن الزمن الإنسان الغربي وجعله خاضعا لمعايير مختلفة. بما أن الجمهور مكون من هذا الإنسان، فإنه ما عاد يطلب أو يوافق على صورة البطل كما عرفناه في الأربعينات والخمسينات، ولا حتى على صورته المعدلة في الستينات والسبعينات.
الفيلم الحديث الذي يمثّل ذلك خير تمثيل هو «فوكاس» كما يؤدي بطولته كل من ول سميث ومارغوت روبي. هو فيلم عن محتالين بارعين يتعاونان للإيقاع ببعض الأثرياء الكبار. ليس في موقفهما من الحياة ما يعبّر عن قيمة أخلاقية أو اجتماعية. لكنهما بطلا الفيلم المصنوعان لا لقيادته فحسب بل لجذب الجمهور الموافق، مبدئيا، على تجاهل تلك القيم والاصطفاف إلى جانب الشرير الأصغر ضد الشرير الأكبر. الشرير الأصغر يمثله بطلا الفيلم لكونهما لا يؤذيان إلا الأثرياء الكبار، الشرير الأكبر هو ذلك الثري الذي لديه عصابة أو زمرة أو تجارة أكثر إجراما من عمل بطلي الفيلم كمحتالين ظريفين.
قبله، هناك، من بين العديد جدا من الأمثلة، «سبايدر مان العجيب» حيث بطله الشاب (الذي يستطيع التحوّل من رجل عادي إلى رجل عنكبوت بقدرات خارقة) يبكي أمام حبيبته ويأسف لمتاهته العاطفية. يبدو، كلما كان في الوضع الآدمي الطبيعي، أكثر قلقا وأقل ثباتا و..رجولة. والفارق واضح في معاملة السينما لشخصية «سوبرمان» في السبعينات، ومعاملتها للشخصية ذاتها عندما عادت إليها في منتصف العقد الأول من هذا القرن. محارب من أجل القيم في نسختي ريتشارد ليستر وريتشارد دونر، ومحارب واقع تحت تأثيرات عاطفية شتى حسب كتابة وإخراج نسخة برايان سنجر.

* خطر التدخين؟
والحال ذاته، وربما أفدح، في صنف أفلام الرسوم المتحركة الحديثة. معظم أفلام اليوم من هذا النوع المتوجهة إلى الأطفال تعمد إلى استبدال الحقائق والمفاهيم الماضية بأخرى جديدة. فالثعبان الذي كان رمزا للخبث والغدر بات صديقا والتنين الذي لا قلب له أو عاطفة بات صديقا للإنسان وكذلك حيوانات الغابة المعروفة بشراستها ووحشيتها (الضباع والثعالب والذئاب) تحوّلت أيضا إلى أشكال كوميدية آمنة. والجرذان التي هي مصدر آفات وأمراض وبائية قاتلة باتت جديرة بالحماية والإعجاب.
وبينما كان الخيال يطابق الواقع بالنسبة للطفل فيعلم أن الجرذ والثعبان والثعالب أعداء طبيعيون للإنسان، باتت زيارته لحديقة حيوان ومشاهدته لها محجوزة خوفا على الإنسان منها.. تناقض ما يطالعه على الشاشة يضعه في التباس.
الصورة الغائبة أساسا هي صورة الرجولة الباحثة عن معنى الحياة كتلك التي كان جاك نيكولسون ما زال قادرا على التعبير عنها في السبعينات. في «خمس مقطوعات سهلة» (لبوب رافلسن، 1970) هو المتطلع إلى قيمة مختلفة عما يؤمن به الآخرون، ذلك في مقابل غياب النقد للشخصية التي لعبها ليوناردو ديكابريو في «ذئب وول ستريت». أو تلك التي ألّبت على كلينت ايستوود اليسار الأميركي لأنه قرر الوقوف وراء شخصية رجل بوليس صامد وقت يخذل القانون الضحايا وذلك في سلسلة «ديرتي هاري».. وورن بيتي في دور الباحث عن الحقيقة من دون وجل في «بارالاكس فيو» (آلان ج. باكولا، 1974).. واختفت أيضا نهايات من نوع موت البطل في سبيل ما يؤمن به!
خلال ذلك اختفت السيجارة التي كانت تميّز البطل عن سواه. تلك التي منحته بعد الممعن في الحاضر والحالي والحاسم، وكونت له الجانب الرومانسي الذي لم تكن شخصيته الواثقة من نفسها تحويه. قيل إنها تعلم النشء على التدخين؟ البديل؟ عشرات الأفلام التي نرى الرجال والنساء يشمّون فيها الكوكايين.
عالم مغلوط؟ بالتأكيد. لكن إذا ما كانت تلك الشخصيات وتلك الأفلام وليدة فترتها الزمنية الأكثر إنسانية، فإن شخصيات وأفلام اليوم هي أيضا وليدة الفترة الزمنية التي نعيش. ولا عجب إذن أن الماضي أجمل من الحاضر.. شاهد فيلما قديما وتأكد بنفسك.



نجم بوليوود عامر خان يصرف النظر عن الاعتزال ويواصل التمثيل والإنتاج

نجم بوليوود عامر خان (أ.ف.ب)
نجم بوليوود عامر خان (أ.ف.ب)
TT

نجم بوليوود عامر خان يصرف النظر عن الاعتزال ويواصل التمثيل والإنتاج

نجم بوليوود عامر خان (أ.ف.ب)
نجم بوليوود عامر خان (أ.ف.ب)

خطرت فكرة اعتزال السينما في بال نجم بوليوود، عامر خان، في خضمّ فترة التأمل التي أمضاها خلال جائحة كوفيد-19، لكنّ الممثل والمنتج الهندي بدّل رأيه مذّاك ويعتزم مواصلة مسيرته المهنية الغنية التي بدأت في سبعينات القرن العشرين.

وقال خان لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، خلال مقابلة أجرتها معه في لندن، إنه مرّ قبل بضع سنوات بمرحلة إعادة نظر ذاتية.

وأضاف: «كان ذلك خلال أزمة كوفيد، وكنت أفكر في كثير من الأمور، وأدركت أنني قضيت حياتي بأكملها في عالم السينما السحري هذا منذ أن أصبحت بالغاً».

وتولى عامر خان بطولة عدد كبير من الأفلام التي حققت نجاحاً تجارياً واسعاً في بلده، ومنها «3 بلهاء» و«دانغال»، و«نجوم على الأرض»، كما اشتهر عامر خان بإنتاج وبطولة فيلم «لاغان Lagaan» الذي كان بين الأعمال المرشحة لجائزة الأوسكار للأفلام الأجنبية عام 2002.

وتابع خان الذي بدأت مسيرته التمثيلية منذ الطفولة في السبعينات، وأصبح لاسمه ارتباط وثيق ببوليوود: «لقد أدركت أنني لم أعطِ حياتي الشخصية الأهمية التي كنت أرغب فيها».

وزاد: «واجهتُ صعوبة في التغلب على الشعور بأنني أهدرت الكثير من الوقت، وكنت أشعر بالكثير من الذنب... كان رد فعلي الأول القول إنني اكتفيت من السينما».

لكنّ عائلته، وخصوصاً ابنه وابنته، أقنعته بالعدول عن الاعتزال. وقال: «في رأسي كنت أقول سأتوقف. ثم لم أفعل ذلك».

والآن، مع اقتراب عيد ميلاده الستين في مارس (آذار)، يريد عامر خان، الذي يعيش في مومباي، «مواصلة التمثيل والإنتاج لبعض الوقت».

«أحب أن أفاجئ جمهوري»

ويعتزم النجم الهندي أيضاً جعل شركته للإنتاج «عامر خان بروداكشنز» منصة «لتشجيع المواهب الجديدة التي تكون أحاسيسها قريبة» من أحساسيسه و«تريد أن تروي القصص» التي تهمه.

ومن ذلك مثلاً فيلم «لاباتا ليديز» Laapataa Ladies الكوميدي عن شابتين من منطقة ريفية في الهند، يطرح موضوع الزواج ووضع المرأة في بلده، وقد شارك في إنتاجه مع زوجته السابقة كيران راو، وحضر أخيراً إلى لندن للترويج له.

ويتناول عدد من أفلام عامر خان قضايا اجتماعية، مثل حقوق المرأة في المناطق الريفية، أو الصناعة الرياضية، أو الضغط المفرط في التعليم العالي أو حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

لكن خان يرفض أن يحبس نفسه في نوع واحد فقط من الأفلام أو الأدوار، وقال في هذا الصدد: «أحب التنويع والتطرق إلى قصص مختلفة. أحب أن أفاجئ نفسي وجمهوري».

ولم يتردد النجم البوليوودي في انتقاد نفسه أيضاً، مشيراً إلى أنه «غير راضٍ» عن أدائه في فيلم «لا سينغ شادا» Laal Singh Chaddha الهندي المقتبس من فيلم «فورست غامب» تم إنتاجه عام 2022، لكنه لم يحظَ بالاستحسان المألوف الذي تُقابَل به أعماله.

وأما في «أن يكون هذا الفيلم أفضل»، في إشارة إلى عمله الجديد «سيتار زامين بار» Sitaare Zameen Par الذي يُطرَح قريباً.

ورغم فوزه بالعشرات من الجوائز السينمائية في الهند بالإضافة إلى ثالث أعلى وسام مدني في بلده، فإن عامر خان يحرص على تقويم كل فيلم من أفلامه.

وشدّد على أن «إخراج فيلم أمر بالغ الصعوبة». وقال: «عندما أنظر إلى الفيلم الذي أخرجناه، ثم إلى السيناريو الذي كتبناه، أتساءل هل حقق الفيلم الأهداف التي حددناها».

وأضاف: «إذا وصلنا إلى ما أردناه، وصنعنا الفيلم الذي أردناه، فيشكّل ذلك ارتياحاً كبيراً».