واشنطن تفرض عقوبات على النائب جميل السيد ورجلي أعمال لبنانيين بتهم فساد

TT

واشنطن تفرض عقوبات على النائب جميل السيد ورجلي أعمال لبنانيين بتهم فساد

فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على النائب اللبناني جميل السيد، وعلى رجلي أعمال، بشبهة التورط في أعمال فساد ومخالفتهم القانون. وجاء في بيان للوزارة أنها أضافت النائب جميل السيد، وجهاد العرب المقرب من رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، وداني خوري المقرب من رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، إلى قائمتها الخاصة بالأسماء والمواقع المحددة في «مكتب مراقبة الأصول الأجنبية»، «بسبب قيامهم بأنشطة مستفيدين من علاقاتهم السياسية لتمرير صفقات غير مشروعة، وفساد، على حساب مصلحة الشعب اللبناني والدولة». وقال البيان إن النائب جميل السيد «خرق القانون عبر تحويله 120 مليون دولار بمساعدة أحد المسؤولين الحكوميين إلى خارج البلاد، لاستثمارها والاغتناء منها مع مؤسسته». وأضاف البيان أن «السيد اتصل خلال مظاهرات عام 2019 بمسؤولين حكوميين طالباً منهم إطلاق النار على المتظاهرين الذين كانوا يهتفون أمام منزله للمطالبة باستقالته».
واتهم البيان جهاد العرب بـ«الاستفادة من علاقاته السياسية عبر دفعه مبالغ مالية لبعض السياسيين للحصول على عقود عمل غير مشروعة. وفي عام 2018 حصل على عقد بقيمة 18 مليون دولار لإصلاح أحد الجسور في بيروت، وهو مبلغ فاق بكثير قيمة إصلاح الجسر. وفي عام 2016 حصل على عقد من مجلس الإنماء والإعمار بقيمة 288 مليون دولار لبناء مطمر نفايات، إثر أزمة النفايات التي ملأت شوارع العاصمة بيروت، التي بقيت من دون حل. وتبين أن شركة العرب أضافت المياه إلى النفايات لزيادة وزنها بهدف تقاضي أموال إضافية».
كما ذكرت وزارة الخزانة الأميركية أن جهاد العرب «كان وسيطاً عام 2014 لعدد من الشخصيات السياسية الرفيعة لعقد اجتماعات ساهمت في انتخابات رئاسة الجمهورية مقابل حصولهم من الحكومتين اللتين ترأسهما سعد الحريري بعد تلك الانتخابات على عقود قيمتها 200 مليون دولار».
وأضاف البيان أن داني خوري هو «رجل أعمال ثري ومقرب جداً من جبران باسيل الذي يخضع هو الآخر لعقوبات أميركية، وبسبب علاقته بباسيل فقد تمكن من الحصول على عقود كثيرة لتنفيذ أعمال تبين لاحقاً أن قيمتها تفوق بكثير التكلفة الحقيقية، مما تسبب في هدر ملايين الدولارات نظراً لعدم التزامه بشروط تنفيذ العقود». وأضاف أنه «في عام 2016 حصل خوري على عقد من (مجلس الإنماء والإعمار) لإقامة مطمر نفايات في منطقة برج حمود بقيمة 142 مليون دولار. لكن شركته اتهمت برمي نفايات سامة في البحر المتوسط».
وعلق وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، على العقوبات الجديدة بالقول إن الولايات المتحدة تدرج 3 لبنانيين، هم: جميل السيد وجهاد العرب وداني خوري؛ لأنهم «شاركوا في أعمال فساد أو استغلوا مناصبهم الرسمية لمصالحهم»، مضيفاً أن هذا «جعل اللبنانيين يتحملون وطأة أزمة اقتصادية مدمرة سببها الفساد وسوء الإدارة الحكومية».
وقال مدير «مكتب مراقبة الأصول الأجنبية»، أندريا غاكي، إن «الشعب اللبناني يستحق أن يرى نهاية للفساد الذي يقوم به عدد من رجال الأعمال والسياسيين الذين قادوا البلاد إلى أزمة غير مسبوقة، ونشرت أسماؤهم مع عناوين إقاماتهم وتاريخ ميلادهم وأرقام جوازات سفرهم وتاريخ انتهاء صلاحيتها. وبدا أن تاريخ صلاحية جواز سفر جميل السيد قد انتهت في 7 يونيو (حزيران) عام 2020».



الحوثيون يتهمون غروندبرغ بـ«الانحياز» ويلوِّحون بقطع التواصل معه

الحوثيون يشنون هجماتهم تحت لافتة منع الملاحة المرتبطة بإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة (أ.ب)
الحوثيون يشنون هجماتهم تحت لافتة منع الملاحة المرتبطة بإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة (أ.ب)
TT

الحوثيون يتهمون غروندبرغ بـ«الانحياز» ويلوِّحون بقطع التواصل معه

الحوثيون يشنون هجماتهم تحت لافتة منع الملاحة المرتبطة بإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة (أ.ب)
الحوثيون يشنون هجماتهم تحت لافتة منع الملاحة المرتبطة بإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة (أ.ب)

​في أعقاب الهجمات الحوثية التي أدت إلى غرق سفينتين تجاريتين، ومقتل وإصابة وفقدان عدد من الطاقم في البحر الأحمر، توالت الإدانات الدولية، بينما اتخذت الجماعة موقفاً غاضباً من تصريحات الأمم المتحدة، ولوحت بقطع التواصل مع المبعوث هانس غروندبرغ، بعد أن اتهمته بـ«الانحياز» و«عدم الحياد».

وكانت الجماعة المتحالفة مع إيران قد هاجمت بين يومي الأحد والثلاثاء الماضيين سفينتي شحن يونانيتين في البحر الأحمر وأغرقتهما، وأدت الهجمات إلى مقتل 4 بحارة على الأقل، وجرح آخرين، وفقدان 12، مع اعتراف الجماعة باحتجاز عدد منهم.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية من وقت لآخر إطلاق صواريخ ومُسيَّرات باتجاه إسرائيل تحت ذريعة مساندة الفلسطينيين في غزة، تسود مخاوف يمنية من هجمات إسرائيلية انتقامية أشد قسوة من الضربات السابقة.

وفي بيان منسوب للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أدان «بشدة» استئناف الحوثيين هجماتهم على السفن المدنية العابرة للبحر الأحمر، ولا سيما الهجمات التي وقعت بين 6 و8 يوليو (تموز).

وقال البيان إن غرق السفينتين «ماجيك سيز» و«إيترنيتي سي» إلى جانب مقتل ما لا يقل عن 4 من أفراد الطاقم وإصابة آخرين، يشكّل تصعيداً خطيراً في هذا الممر المائي الحيوي.

ومع ورود تقارير تفيد بفقدان ما لا يقل عن 15 من أفراد الطاقم، دعا الأمين العام الحوثيين إلى عدم اتخاذ أي إجراءات من شأنها عرقلة عمليات البحث الجارية عن الطاقم المفقود وإنقاذه.

ووصف البيان هذه الأفعال الحوثية -بالإضافة إلى كونها هجوماً غير مقبول على سلامة وأمن الطواقم البحرية- بأنها انتهاك لحرية الملاحة، وكذلك تشكل تهديداً مباشراً لحركة النقل البحري، وتنذر بخطر جسيم يلحق أضراراً بيئية واقتصادية وإنسانية كبيرة في بيئة ساحلية تعاني هشاشةً أصلاً.

صورة وزعها الحوثيون تظهر لحظة غرق السفينة «إيترنيتي سي» في البحر الأحمر (رويترز)

وشدد البيان الأممي على ضرورة التزام جميع الأطراف باحترام القانون الدولي في جميع الأوقات. كما أكد أهمية الالتزام الكامل بقرار مجلس الأمن رقم 2768 (2025)، المتعلق بهجمات الحوثيين على السفن التجارية وناقلات الشحن.

وجدد غوتيريش -في البيان الذي جاء على لسان المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك- التزام الأمم المتحدة المتواصل بدعم جهود التهدئة على نطاق أوسع في المنطقة، إلى جانب استمرار انخراطها مع الجهات الفاعلة اليمنية والإقليمية والدولية، بهدف التوصّل إلى حل سلمي ومستدام للنزاع في اليمن.

موقف أوروبي

في سياق المواقف الدولية من تصعيد الحوثيين البحري، أدان الاتحاد الأوروبي بشدة الهجوم الحوثي على السفينة التجارية «إيترنيتي سي» في البحر الأحمر، ما أدى إلى غرق السفينة، كما أدان الوفاة المأساوية لعدد من أفراد الطاقم وإصابة آخرين.

وقالت بعثة الاتحاد الأوروبي لدي اليمن -في بيان- إنه ينبغي للحوثيين عدم عرقلة عمليات إنقاذ ومساعدة السفن المنكوبة، وينبغي لجميع الدول المشاطئة تقديم كل المساعدة الممكنة في هذا الأمر.

وإذ دعا البيان الحوثيين إلى الإفراج الفوري ودون شروط عن أفراد طاقم «إيترنيتي سي» الناجين، وصف الهجمات بأنها تعد انتهاكاً للقانون الدولي وتهدد بشكل مباشر السلام والاستقرار في المنطقة والتجارة العالمية وحرية الملاحة، بوصفها مصلحة عالمية عامة، وتؤثر على الوضع الإنساني المتردي أساساً في اليمن، مشدداً على وجوب توقفها.

وكان الاتحاد الأوروبي قد أنشأ مهمة لحماية الملاحة في البحر الأحمر، أطلق عليها «مهمة أسبيدس» وبدأت عملها في فبراير (شباط) 2024، بمشاركة عدد من فرقاطات دول الاتحاد العسكرية، ولكنها لم تنخرط في مواجهة مباشرة مع الحوثيين كما فعلت واشنطن ولندن.

وخلال الأشهر الماضية رافقت قوات المهمة الأوروبية كثيراً من السفن التجارية في البحر الأحمر، وكذلك ساهمت في عمليات إنقاذ للسفن التي تعرضت للهجوم، وتصدت في مرات كثيرة لهجمات حوثية بالطائرات المُسيَّرة والصواريخ.

غضب حوثي

على وقع الإدانات الأممية لأفعال الجماعة الحوثية، اتهمت الأخيرة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ بـ«الانحياز» وعدم الحياد، وهددت بقطع التواصل معه.

وجاء رد الفعل الحوثي في بيان لخارجية حكومتها الانقلابية غير المعترف بها؛ حيث وصفت بيان غروندبرغ الذي أدان الهجمات بأنه «يعكس عدم حياديته» وقالت إنه «تجاهل بشكل كامل الأسباب الجذرية للتصعيد في البحر الأحمر» في إشارة إلى الحرب الإسرائيلية على غزة.

هجمات الحوثيين منذ بدء التصعيد البحري تسببت في غرق 4 سفن وقتل 8 بحارة على الأقل (إ.ب.أ)

وفي حين اتهمت المبعوث بـ«الانحياز» قالت إن بيانه يجعلها «تجد صعوبة في التعاطي معه»، وهددت بأنها قد تلجأ «إلى تصعيد أكثر من مجرد إيقاف التواصل الرسمي مع المبعوث ومكتبه».

وكان المبعوث الأممي إلى اليمن قد أعرب في بيان عن «قلقه البالغ إزاء غرق السفينة (إيترنيتي سي)»، محذراً من التبعات الإنسانية والبيئية للهجمات البحرية التي تنتهك القانون الدولي وقرار مجلس الأمن رقم 2722.

وأكد غروندبرغ أن استهداف السفن يعزز خطر انزلاق المنطقة إلى صراع أوسع، داعياً جماعة الحوثي إلى «تقديم ضمانات مستدامة ووقف الهجمات فوراً»، والبناء على الاتفاق المبرم مع الولايات المتحدة، بشأن وقف الأعمال العدائية في البحر الأحمر.

ويضع رد الفعل الحاد من الحوثيين على غروندبرغ الجهود الأممية في اليمن أمام تحدٍّ جديد؛ خصوصاً مع مساعي المبعوث لإحياء مسار السلام اليمني وفق خريطة الطريق التي كانت قد توسطت فيها السعودية وعُمان أواخر 2023، والتي تجمد المضي فيها إثر تصعيد الجماعة البحري والإقليمي.

ويرى مراقبون أن تهديدات الحوثيين المتواصلة بحرمان السفن المتعاملة مع إسرائيل من عبور البحر الأحمر والبحر العربي، بدأت تُترجم إلى عمليات دامية، كما حصل مع السفينتين الأخيرتين، وسط تحذيرات من أن تتسع دائرة المواجهة وتخرج عن السيطرة.