أعلنت وزارة الدفاع التركية، أمس (الخميس)، أن وفدا من وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أجرى مباحثات في أنقرة لبحث حل الخلاف في ملف مقاتلات «إف - 35» التي أخرجت واشنطن تركيا من برنامج متعدد الأطراف لإنتاجها وتطويرها، ومنعتها من اقتناء 100 منها ردا على حصولها على منظومة الدفاع الجوي الصاروخي الروسية «إس - 400». بينما أعلن البنتاغون أن قرار واشنطن بإخراج تركيا من مشروع المقاتلة «لا رجعة فيه». وقالت الوزارة، في بيان، إنه تم خلال الاجتماع الذي عقد بمقرها في أنقرة مساء أول من أمس، بحث حل الخلاف في ملف طائرات «إف - 35» ومناقشة القضايا المالية، وتم الاتفاق في نهايته على مواصلة المباحثات.
من جانبه، قال المتحدث باسم البنتاغون أنتوني سميلروث، في بيان أصدره ليل الأربعاء - الخميس، أن الوفد الأميركي الذي ترأسه المدير الرئيسي لسياسة أوروبا وحلف الناتو بالبنتاغون، أندريه ل. وينترنيتس، ومديرة التخطيط والبرامج والتحليل بقسم المشتريات والتزويد في وزارة الدفاع، ميليسا بنكرت، أجرى مباحثات لحل الخلافات بهدف معالجة المسائل العالقة الناجمة عن إخراج تركيا من مشروع إنتاج وتطوير طائرات إف - 35 والذي تم الانتهاء منه في 23 سبتمبر (أيلول) الماضي. ووصف المناقشات بأنها كانت مثمرة، وأن الوفدين يخططان للقاء مرة أخرى في واشنطن في الأشهر المقبلة. وأكد سميلروث أن خروج تركيا من برنامج المقاتلة الأميركية مسألة لا رجعة فيها، وأن هذا الملف أغلق، لكن ذلك لن يمنع استكمال الاجتماعات مع الجانب التركي في الأشهر المقبلة.
وكانت تركيا طلبت 100 من مقاتلات «إف - 35»، التي كانت تشارك في صنع أجزاء منها، ودفعت مبلغا مقدما بلغ 1.4 مليار دولار، لكن تم استبعادها من البرنامج في 2019، بعدما حصلت في يوليو (تموز) من ذلك العام على منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس - 400». وتقول واشنطن إن هذه المنظومة تهدد طائرات «إف - 35» والمنظومة الدفاعية لحلف شمال الأطلسي (ناتو). ورغم استبعاد تركيا من البرنامج وفرض عقوبات على قطاع الصناعات الدفاعية فيها في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، بموجب قانون مكافحة أعداء أميركا بالعقوبات (كاتسا)، استمر الاعتماد على متعاقدين أتراك للحصول على مكونات أساسية للمقاتلة.
وسبق أن أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن الولايات المتحدة اقترحت على بلاده الحصول على مقاتلات» إف - 16»، و80 من معدات التحديث لطائرات من الطراز ذاته تمتلكها تركيا، مقابل المبلغ الذي دفعته للحصول على مقاتلات «إف 35»، لكن واشنطن أعلنت أنها لم تقدم أي اقتراح بهذا الشكل، كما اعترض نواب من الديمقراطيين والجمهوريين على تزويد تركيا بمقاتلات «إف 16».
وقال إردوغان، أول من أمس، إن ملف أزمة مقاتلات «إف - 35» سيحتل قمة أجندة مباحثات محتملة مع نظيره الأميركي جو بايدن في مدينة غلاسكو الأسكوتلندية على هامش الدورة الـ26 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في الفترة بين 31 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي و12 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وذكرت تقارير إعلامية، في وقت سابق، أن تركيا قدمت طلباً للولايات المتحدة لشراء 40 طائرة مقاتلة «إف - 16» و80 من معدات التحديث لطائراتها من ذلك الطراز.
في سياق متصل، بحث وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، في اتصال هاتفي مساء أول من أمس، مع نظيره الأميركي لويد جيمس أوستن، قضايا الدفاع والأمن الثنائية والإقليمية. وقالت وزارة الدفاع التركية، في بيان، إن الوزيرين ركزا على خطوات وضع أجندة إيجابية قبل اللقاء المخطط له بين إردوغان وبايدن في غلاسكو.
كما أكد متحدث الرئاسة التركية إبراهيم كالين في اتصال هاتفي مع مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، أهمية مواصلة الحوار من أجل إدارة الخلافات والحفاظ على العلاقات الثنائية البناءة بين البلدين.
وناقش المسؤولان التركي والأميركي العديد من القضايا الإقليمية بما في ذلك أفغانستان والشرق الأوسط وجنوب القوقاز وشرق البحر المتوسط والعلاقات الدفاعية، واتفقا على إيلاء أهمية للحوار من أجل إدارة النزاعات والحفاظ على العلاقات الثنائية البناءة.
من جانبه، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، في مقابلة تلفزيونية أمس، إنه إذا أصرت الولايات المتحدة على موقفها من مسألة عدم تزويد تركيا بالمقاتلات أو إذا رضخت إدارة بايدن للكونغرس بشأن منعها من تزويدنا بمقاتلات «إف - 16» بدلا عن «إف - 35»، فسيكون البديل هو اللجوء إلى روسيا لاقتناء مقاتلات «سوخوي 35 و57».
وتطرق جاويش أوغلو إلى أزمة سفراء الدول العشر الغربية، وبينها أميركا، قائلا إنهم هم من خلقوا الأزمة ببيانهم الذي طالبوا فيه بالإفراج عن الناشط في مجال الحقوق المدنية عثمان كافالا، الذي يحاكم بتهمتي التجسس ودعم محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016، مشيرا إلى أنهم «استشعروا جدية الموقف التركي، وبدأوا إلقاء اللوم على بعضهم البعض، عندما صرح الرئيس رجب طيب إردوغان في مدينة أسكشهير، السبت الماضي، بأنه أصدر تعليمات بإعلانهم أشخاصاً غير مرغوب فيهم. وتحركت الخارجية التركية وأبلغتهم ضرورة إعلان التزامهم بالمادة 41 من اتفاقية فيينا للعمل الدبلوماسي، وانتهت الأزمة، لكننا نتابعها ولن نتراجع عن موقفنا الرافض لأي تدخل في شؤون قضائنا المستقل». ونشرت السفارة الأميركية في أنقرة، الاثنين الماضي، بياناً مقتضباً عبر «تويتر» قالت فيه إنه بشأن التساؤلات التي أثيرت حول البيان الصادر في 18 أكتوبر (تشرين الأول)، بشأن المطالبة بالإفراج عن عثمان كافالا، تؤكد الولايات المتحدة مراعاتها للمادة (41) من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية التي تتعلق بعدم تدخل الدبلوماسيين في الشؤون الداخلية للدول التي يعملون بها.
وقامت سفارات كل من كندا وفنلندا والدنمارك وهولندا والسويد والنرويج ونيوزلندا، ثم لاحقاً ألمانيا وفرنسا، وجميعها موقعة أيضاً على البيان الذي طالب بالإفراج عن كافالا امتثالاً لقرارات محكمة حقوق الإنسان الأوروبية، بإعادة نشر تغريدة السفارة الأميركية، بعضها عبر الحسابات الرسمية لسفاراتها في أنقرة، وبعضها عبر الحسابات الشخصية للسفراء.
وبعد ذلك، أعلن إردوغان أن نيته لم تكن افتعال أزمة مع الدول العشر وسفرائها، وإنما الحفاظ على شرف بلاده، لافتاً إلى أن السفراء حاولوا تقديم تعليمات لـ«قضاء تركيا المستقل»، وأن ذلك الأمر «لا يمكن قبوله».
وأعلنت الخارجية الأميركية أنها تابعت تصريحات إردوغان، وأن الولايات المتحدة ستواصل الدفع باتجاه احترام القانون وحقوق الإنسان على النطاق العالمي، مؤكدة أن بيان السفراء الخاص بما يتعرض له كافالا لم يكن مناقضاً للمادة (41) من اتفاقية فيينا. وعدت الصحف القريبة من إردوغان البيان تراجعاً من السفراء الذين وصفهم بعضها بـ«المتطاولين» و«انتصاراً لإردوغان على أميركا»، كما أشار أحد مستشاريه.
تركيا لمواصلة المفاوضات مع واشنطن حول أزمة مقاتلات «إف ـ 35»
جاويش أوغلو: سفراء الدول العشر هم من افتعلوا الأزمة
تركيا لمواصلة المفاوضات مع واشنطن حول أزمة مقاتلات «إف ـ 35»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة