لطالما كانت هناك نظريات مفادها أنه عندما تعض أسماك القرش البيضاء الكبيرة البشر، فإن هذه الحوادث مرتبطة بخطأ في تحديد الهوية لديها. أما الآن، فأظهر بحث جديد يحاكي الطريقة التي تنظر بها سمكة القرش إلى العالم أن ذلك قد يكون هو الحال بالفعل، وفقاً لشبكة «سي إن إن».
وجد باحثون من جامعة ماكواري الأسترالية في سيدني أن البشر الذين يسبحون أو يمارسون رياضة التجديف على الألواح يشبهون إلى حد كبير الفقمات وأسود البحر في عيون أسماك القرش البيضاء اليافعة.
وتعاني أسماك القرش التي تهاجم راكبي الأمواج أو السباحين، ضعفاً في البصر لدرجة أن علماء خلصوا إلى أنها تخطئ على الأرجح بينهم وبين فرائسها المعتادة مثل أسد البحر، على ما أظهرت دراسة حديثة.
وكتب معدو الدراسة التي نشرت نتائجها مجلة «إنترفايس» التابعة لـ«رويال سوساييتي»: «من وجهة نظر قرش أبيض، لا تسمح الحركة ولا الشكل بالتمييز البصري الواضح بين زعنفيات الأقدام والبشر». وخلصوا إلى أن عملهم «يدعم نظرية تعزو بعض هجمات أسماك القرش إلى الخطأ في التعريف».
وقال باحثون في بيان صحافي أمس (الأربعاء) إن أسماك القرش البيضاء الكبيرة، إلى جانب قرش الثور وقرش النمر، هي المسؤولة عن أكبر عدد من حوادث مهاجمة البشر.
وتعتبر هذه الأنواع من أكبر الأسماك المفترسة في العالم، وفقاً للصندوق العالمي للحياة البرية، ومن المعروف أنها تمزق فرائسها إلى قطع صغيرة، ومن ثم تقوم بابتلاعها بالكامل.
وجد باحثون من جامعة ماكواري في عام 2019 أن هجمات أسماك القرش للبشر نادرة، لكنها ارتفعت «بشكل كبير» على مدار العشرين عاماً الماضية. ولكن رغم سمعتها المخيفة، تعد أسماك القرش البيضاء الكبيرة من الأنواع المعرضة للخطر حيث تتناقص أعدادها باستمرار.
وقام الباحثون بدراسة ومقارنة مقاطع الفيديو تحت الماء للفقمة وأسد البحر والبشر الذين يسبحون بطرق مختلفة، جنباً إلى جنب مع العوامات عن تزلج البشر على ألواح بأحجام مختلفة، باستخدام الكاميرات الثابتة والمتنقلة.
وقالت المؤلفة الرئيسية للدراسة، لورا راين، وهي باحثة في الأنظمة الحسية للحيوانات في مختبر علم الأحياء العصبية بجامعة ماكواري، في بيان: «لقد وضعنا كاميرا حول دراجة صغيرة تحت الماء، وقمنا بضبطها للسفر بسرعة إبحار نموذجية لأسماك القرش المفترسة».
باستخدام بيانات علم الأعصاب لسمك القرش، قام الباحثون بعد ذلك بتطبيق المرشحات على لقطات الفيديو وإنشاء برامج نمذجة من شأنها محاكاة الطريقة التي يرى بها القرش الأبيض الصغير حركات وأشكال الكائنات المختلفة.
وأكد الباحثون أن البشر الذين يسبحون ويستخدمون ألواح التزلج على الأمواج يحملون تشابهاً قوياً مع الفقمة وأسد البحر في عيون أسماك القرش البيضاء، مما يدعم نظرية «الهوية الخاطئة» وراء بعض حوادث العض.
وأشار العلماء إلى إن معظم أسماك القرش مصابة بعمى الألوان، مما يعني أن الألوان على ألواح التزلج على الأمواج وبدلات الغوص لا تحدث فرقاً كبيراً عندما يتعلق الأمر برؤية أسماك القرش للإنسان في الماء.
وأضافت راين: «يمكن أن يساعدنا فهم سبب مهاجمة أسماك القرش للبشر في إيجاد طرق لمنع هذه الحوادث، مع الحفاظ على أمان كل من البشر وأسماك القرش معاً».
ومن منظور سمكة قرش بيضاء صغيرة، يبدو من شبه المستحيل التمييز بين إشارات حركة السباحين أو راكبي الأمواج وتلك الصادرة عن الطرائد الحيوانية، بحسب الدراسة.
وسيحاول الباحثون تحديد ما إذا كان يمكن لتغيير الإشارات المرئية للفريسة المحتملة أن يشكّل أسلوباً فعالاً للحماية من أسماك القرش البيضاء، وفق الباحثة.