إصدار وشيك لاستراتيجية الطاقة السعودية

عبد العزيز بن سلمان: ستجسد تفاصيلها «السعودية الخضراء» و{الشرق الأوسط الأخضر»

وزير الطاقة السعودي خلال جلسة «الاقتصاد الدائري» أمس (الشرق الأوسط)
وزير الطاقة السعودي خلال جلسة «الاقتصاد الدائري» أمس (الشرق الأوسط)
TT

إصدار وشيك لاستراتيجية الطاقة السعودية

وزير الطاقة السعودي خلال جلسة «الاقتصاد الدائري» أمس (الشرق الأوسط)
وزير الطاقة السعودي خلال جلسة «الاقتصاد الدائري» أمس (الشرق الأوسط)

كشف الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة السعودي، عن إصدار وشيك لاستراتيجية الطاقة في البلاد، مشيراً إلى أن الاستراتيجية ستكون تجسيداً للمبادرة السعودية الخضراء ومبادرة الشرق الأوسط الأخضر، لافتاً إلى أن أمن الطاقة ركيزة أساسية في المملكة، إلى جانب الرخاء الاقتصادي ومواجهة تحديات التغير المناخي.
وأكد الأمير عبد العزيز بن سلمان، في حديث أمس خلال جلسة عن الاستثمار في الاقتصاد الدائري للكربون ضمن فعاليات اليوم الثاني من الدورة الخامسة لمبادرة مستقبل الاستثمار، التزام السعودية {بما تعهدنا به فيما يتعلق بالبيئة».
وأضاف وزير الطاقة السعودي أنّ المملكة أكبر مصدّر للنفط في العالم قد تحقق الحياد الكربوني قبل هدفها المعلن في 2060 إذا تطورت التكنولوجيا بسرعة كافية، مشيراً إلى أن العمليات الجديدة التي تمكّن من تحقيق «الاقتصاد الدائري للكربون» تعد عاملاً أساسياً لتحقيق السعودية صافي صفر انبعاثات كربونية.
وزاد: «الاقتصاد الدائري للكربون يعتمد أولاً وقبل كل شيء على تطور التكنولوجيا»، واصفاً عام 2060 بأنه «خط أساس ديناميكي»، مستطرداً «في الواقع، إذا تطورت التكنولوجيا بشكل أسرع فقد لا نضطر إلى الانتظار حتى عام 2060. يمكن أن نحقق هدفنا في وقت مبكر».
وقال وزير الطاقة إنّ «التحدي الأكثر صعوبة الذي نواجهه جميعًا هو تغير المناخ»، مستبعداً أي انخفاض في الطلب على النفط، مؤكدا أن الجهود العالمية لخفض انبعاثات الاحتباس الحراري يجب أن تتجنب الإضرار باقتصادات الدول الفقيرة، والدول النامية لا يمكنها أن تدفع تكلفة الكربون مثل الدول الغنية.
ولفت الأمير عبد العزيز بن سلمان إلى أن تمويل برنامج الاقتصاد الدائري للكربون ممكن أن يصل إلى 10 مليارات دولار في 10 سنوات، مضيفاً: «نعي جيداً قيمة التقنية وأهميتها في الاقتصاد الدائري للكربون، نأمل في تعاون دولي منظم في سبيل أمن الطاقة».
وتطرقت الجلسة إلى استخدامات متعددة في تحويل الكربون إلى منتجات، مشيرين إلى وجود فرص ضخمة في هذا الجانب، وبالتالي تفتح جانبا للاستثمار في الكربون الدائري، مشيرين إلى أن عددا من التطبيقات سيتم استخدامها في تخزين واستخدام الكربون خلال الفترة المقبلة، مما يساعد الجهود الدولية على الحد من الانبعاثات الكربونية، كما يسهم في المساهمة في الاقتصاد الصفري.
من جهته، قال لورينز سيمونيلي الرئيس التنفيذي لبيكر هيوز إنه عند دراسة قواعد تجميع الكربون وتخزينه، فذلك يشمل القدرة على استخدامه أيضا، مشيرا إلى إمكانية تسييل الكربون واستخدامه في وسائل عدة، لذلك التعاون في هذا المجال من الأمور المهمة ويجب التحول من وضع الخطط ومناقشتها إلى التنفيذ.
وكشف عن ثلاثة مشاريع للشركة في السعودية بالتعاون مع كل من أرامكو وأكوا باور لتعزيز سوق الطاقة في المملكة، وقال «إننا ننظر بشغف إلى خططنا في السعودية لإنشاء 3 مشاريع مختلفة، نعمل يدا بيد مع أرامكو وأكوا باور لتطوير وتعزيز سوق الطاقة هنا».



«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»