جدل حول ميزانية بريطانيا بين «المساواة» والعيش في «عالمٍ موازٍ»

سوناك يتطلع لتعاف متين رغم ارتفاع التضخم

أثار إعلان وزير المالية البريطانية للموازنة جدلاً حاداً دفع المعارضة للقول إنه «يعيش في عالم مواز» (رويترز)
أثار إعلان وزير المالية البريطانية للموازنة جدلاً حاداً دفع المعارضة للقول إنه «يعيش في عالم مواز» (رويترز)
TT

جدل حول ميزانية بريطانيا بين «المساواة» والعيش في «عالمٍ موازٍ»

أثار إعلان وزير المالية البريطانية للموازنة جدلاً حاداً دفع المعارضة للقول إنه «يعيش في عالم مواز» (رويترز)
أثار إعلان وزير المالية البريطانية للموازنة جدلاً حاداً دفع المعارضة للقول إنه «يعيش في عالم مواز» (رويترز)

توقع وزير المالية البريطاني ريشي سوناك أن يواصل اقتصاد البلاد المتضرر من جراء جائحة «كوفيد - 19» تعافيه خلال العام المقبل، على الرغم من الضغوط الكبيرة الناجمة عن التضخم.
وفي معرض إعلانه عن خطط لتمويل مشاريع بمليارات الجنيهات، قال سوناك، خلال الإعلان عن ميزانية العام المقبل، إن الحكومة بصدد خفض المديونية العامة التي ارتفعت في أثناء الجائحة.
وبعدما أثار استياءً عارماً، باقتطاعه ميزانية المساعدات الخارجية البريطانية، تعهد وزير المالية باستئناف التمويل في الأعوام المقبلة. وقال سوناك في كلمته إن «الميزانية اليوم تمنح الشعب البريطاني اقتصاداً أقوى ونمواً أقوى، كما أن المملكة المتحدة تتعافى بشكل أسرع من كبار منافسينا».
إلا أن أحزاب المعارضة عدت أن الميزانية التي توفر مساعدة ضريبية للشركات، بما فيها خطوط الطيران والمصارف، لا تقدم شيئاً لعامة الشعب الذي يعاني من ارتفاع التضخم، ومن تراجع الخدمات العامة. وقالت المتحدثة المالية باسم حزب العمال ريتشل ريفز رداً على سوناك: «سوف يعتقدون أنه يعيش في عالمٍ موازٍ».
ومن المتوقع أن يسجل إجمالي الناتج المحلي للمملكة المتحدة ارتفاعاً بنسبة 6.5 في المائة هذا العام، بحسب سوناك الذي أشار إلى أن هذا المنحى سيتباطأ بشكل طفيف في العام المقبل.
والأحد، أعلن وزير المالية البريطاني تخصيص 6 مليارات جنيه إسترليني لمساعدة نظام الرعاية الصحية في البلاد على تجاوز التأخيرات المتراكمة خلال الأزمة الوبائية في إطار الميزانية الجديدة.
ومن هذا المبلغ، سيتم تخصيص 2.3 مليار جنيه إسترليني لإنشاء نحو 100 مركز تشخيص للكشف عن الأمراض التي قد تكون فتاكة، مثل السرطان، و1.5 مليار من أجل «زيادة الأسرة والتجهيزات والمراكز الجراحية الجديدة».
وفاقم وباء «كوفيد - 19» الضغط على «هيئة الخدمة الصحية الوطنية»، وهو نظام صحي مجاني سبق أن عانى بالفعل من تأخيرات ونقص مزمن في الموظفين وأسرة المستشفيات.
وكانت وزارة الخزانة قد أعلنت، السبت، عن رصد 7 مليارات جنيه إسترليني في الميزانية المقبلة لتحديث شبكة النقل خارج لندن.
ويعد البرنامج الذي أطلق عليه رئيس الوزراء بوريس جونسون تسمية «المساواة» حيوياً للحفاظ على الناخبين في معاقل سابقة لحزب العمال المعارض الذين دعموا المحافظين في الانتخابات العامة عام 2019.
وقبل أيام قليلة من استضافة بريطانيا 197 دولة لإجراء محادثات عالمية مهمة بشأن تغير المناخ، تعهد سوناك بخفض الضرائب على الوقود والرحلات الجوية. وفي بيانه بشأن الموازنة العامة للبلاد، قال إنه يريد تشجيع مزيد من المواطنين على السفر جواً في الرحلات القصيرة داخل بريطانيا، مما سيؤدي إلى خفض الرسوم على تذاكر هذه الرحلات إلى 6.5 جنيه. ومن المتوقع أن يستفيد من ذلك نحو 9 ملايين مسافر.
ومن المرجع أن تثير هذه السياسة غضب نشطاء البيئة الذين يضغطون على بريطانيا من أجل تسريع وتيرة العمل للوصول إلى صفر انبعاثات، ويهددون بتقويض جهود البلاد التي تسعى لإظهار قدرتها على القيادة في مجال مكافحة التغير المناخي، قبل الدورة السادسة والعشرين لـ«مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ» (كوب 26) التي تنطلق في مدينة غلاسجو الاسكتلندية يوم الأحد المقبل.
وقال سوناك إنه سيستضيف وزراء مالية آخرين وممثلي شركات لعقد اجتماع خلال القمة. ونقلت وكالة «بلومبرغ» عن مايك تشايلدز، مسؤول السياسيات بمنظمة «أصدقاء الأرض» غير الربحية، قوله إن «خفض الضرائب على المسافرين جواً في رحلات داخلية يعد تحركاً مدهشاً يفاجئ حالة الطوارئ المناخية. يتعين على وزير الخزانة أن يخفض قيمة السفر داخل البلاد بالقطار، وليس بالطائرات التي تنبعث منها كميات كبيرة من انبعاثات الكربون».



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.