العصيان المدني يشلّ أجهزة الدولة... ودعوة لمظاهرات في 30 أكتوبر

قوات عسكرية تخوض مواجهات مع المحتجين داخل أحياء الخرطوم

حواجز ومتاريس تملأ شوارع الخرطوم لمنع حركة مركبات قوات الأمن (أ.ف.ب)
حواجز ومتاريس تملأ شوارع الخرطوم لمنع حركة مركبات قوات الأمن (أ.ف.ب)
TT

العصيان المدني يشلّ أجهزة الدولة... ودعوة لمظاهرات في 30 أكتوبر

حواجز ومتاريس تملأ شوارع الخرطوم لمنع حركة مركبات قوات الأمن (أ.ف.ب)
حواجز ومتاريس تملأ شوارع الخرطوم لمنع حركة مركبات قوات الأمن (أ.ف.ب)

على استحياء، أعاد الجيش السوداني فتح الجسور في العاصمة الخرطوم، بعد أن أغلقها أمام حركة المركبات والناس طوال الأيام الثلاثة الماضية، فبدت الخرطوم كمدينة أصابها وباء قاتل يفرّ الناس منها على عجل راجلين.
وبرغم أهميتها السياسية والتجارية، كأكبر مركز حضري في البلاد، فإن المواطنين والثوار ‎أحكموا عزلتها بوضع المتاريس وسد الطرقات بالكتل الإسمنتية وأعمدة الإنارة والأخشاب وكل ما يتوفر، وقاموا بإشعال إطارات السيارات، ما يجعل الرحلة التي كانت تستغرق 10 دقائق بالسيارة تستغرق ساعات.
‎فوسط المدينة المشهور بكثافة سكانه وحركة سيره يفقد الآن زخمه وزحامه. فإغلاق الثوار الشوارع بالمتاريس، مضاف إليه إغلاق الجيش والقوات النظامية للجسور، ومداخل المدينة، جعل العصيان المدني والإضراب السياسي، الذي دعت إليه قوى إعلان الحرية والتغيير والقوى المدنية والمهنية والشبابية ولجان المقاومة، ينجح بنسبة تقارب 100 في المائة.
ويبدو أن قادة الجيش فطنوا للأمر بعد 3 أيام، فأعادوا فتح بعض الجسور، لتسهيل حركة الناس.
وفيما يخطط قادة الاحتجاجات، لموكب 30 أكتوبر (تشرين الأول)، وحشدوا له كل إمكاناتهم، ‎أنزل الجيش والدعم السريع أعداداً كبيرة من القوات داخل الأحياء، لتزيل المتاريس والحواجز، فتطارد المحتجين وتطلق الرصاص التخويفي لإثارة أكبر قدر من الرعب، لكن لجان المقاومة والقوى السياسية والشبابية ‎سرعان ما تعود مجدداً لوضع متاريس جديدة، ما جعل أحياء المدن الثلاث تبدو كساحة معركة مكتملة الأركان.
‎وتستخدم قوات الجيش والدعم السريع عنفاً مفرطاً وتمارس أعمالاً مهينة ضد المحتجين، وشباب المتاريس، فهي بجانب القبض على قادتهم، وإطلاق الرصاص على من تشاء منهم من الرشاشات الثقيلة والبندقيات، تقوم بحلق شعورهم بطريقة مشوهة قبل إطلاق سراحهم لمزيد من الإذلال.
يقول شابّ إن رجالاً بأزياء عسكرية ألقوا القبض عليه في أم درمان، وحلقوا شعر رأسه تماماً بطريقة عنيفة وأسمعوه عبارات مهينة، ‎قبل أن يطلقوا سراحه.
ولم يسلم الطلاب السودانيون أيضاً من القبضة الأمنية، إذ دهمت قوات الأمن مساكن الطالبات بجامعة الخرطوم لمنع التجمعات. وقالت الطالبة ريان، التي اكتفت بذكر اسمها الأول: «اقتحم رجال مسلحون يرتدون ملابس عسكرية مساكننا الجامعية، وجمّعونا في الغرف المشتركة وصادروا هواتفنا». وأضافت: «ضربوا بعضنا بالسياط وطلبوا منا مغادرة المساكن فوراً». أما عماد، وهو طالب آخر كان يعيش في مساكن الطلبة الجامعية، فقد أُرغم على حلاقة رأسه، وقال: «لقد ضربوا كثيرين منا بالسياط». وأظهرت بعض مقاطع الفيديو المتداولة على الإنترنت على ما يبدو طلاباً يُبلغون عما تعرضوا له من اعتداءات، كما ظهرت فتاة تسيل من رأسها ووجهها الدماء.
ومنذ أن نفذ قائد الجيش عبد الفتاح البرهان قراره بحلّ الحكومة المدنية ومجلسي السيادة والوزراء وإقالة حكام الولايات وإلغاء نصوص مهمة من الوثيقة الدستورية، تزداد مشاعر الغضب في الشارع، يوماً بعد يوم. ‎وبرغم نفيه أن ما قام به ليس انقلاباً، بل محاولة لتصحيح الثورة، فإن التحالف السياسي الحاكم والثوار والقوى المدنية والمواطنين ‎اعتبروه «انقلاباً عسكرياً» على حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك.
وأضاف قطع خدمة الإنترنت والاتصالات ‎تعقيدات أخرى، ما عطل حركة التواصل والخدمات التي تعتمد عليها، كما أفشل النظام البنك الإلكتروني، ونظام حركة الطيران، والتطبيقات الخدمية الأخرى.
وأدى الإغلاق والعصيان المدني المعلن مجتمعين إلى تعطل جهاز الدولة بالكامل، فالوزارات والدوائر الحكومية مغلقة تماماً، كما المؤسسات الحكومية، ما عدا الجيش والأجهزة العسكرية الأخرى.
وتعطلت ‎البنوك ووكالات الصرافة، والمتاجر الكبرى، والمصانع عن العمل، ومحطات الوقود، ولم يعد هناك شيء يعمل في السودان.
وكثّفت القوى الأمنية أمس حملة التوقيفات التي تستهدف ناشطين ومتظاهرين محتجين. وانتشرت في كل أنحاء الخرطوم لمحاولة وضع حد للتحركات الشعبية الغاضبة.
وفيما يُذكر بممارسات نظام الرئيس المعزول عمر البشير، شاهد محتجون سودانيون شاحنات صغيرة تجول في أنحاء العاصمة تحمل أفراداً مسلحين من قوات الأمن، لكنهم يرتدون الملابس المدنية.
وعلى مدار الأيام الماضية، شهدت الخرطوم محاولات من الأمن لإسكات المعارضة، إذ حاولت الشرطة إزالة العوائق التي أقامها المتظاهرون في الشوارع الرئيسية، وأطلقت الغاز المسيل للدموع، حتى الرصاص، لتفريقهم، ونتج عن مواجهة المحتجين مقتل 4 سودانيين وجرح العشرات، وفق لجنة أطباء السودان، وهي هيئة مهنية.
وأوقفت قوات الأمن المارة والسيارات لإجراء عمليات تفتيش عشوائية والتدقيق في الهويات والهواتف النقالة، حسب ما روى شهود عيان.
كما تم توقيف بعض وزراء الحكومة الانتقالية المكلفة وبعض القيادات المدنية والسياسية والنشطاء والمحتجين. ومن بين الموقوفين مساعد رئيس حزب الأمة المعارض صديق المهدي، نجل الزعيم الراحل الصادق المهدي، والمحامي إسماعيل التاج عضو تجمع المهنيين السودانيين الذي قاد النقابات، ولعب دوراً أساسياً في الاحتجاجات ضد البشير.
ومن الوزراء والمسؤولين المعتقلين؛ عضو مجلس السيادة محمد الفكي سليمان، ووزير شؤون رئاسة مجلس الوزراء خالد عمر يوسف، ومستشار رئيس الوزراء السياسي ياسر عرمان، والإعلامي فيصل صالح، ووزراء الصناعة إبراهيم الشيخ، والتجارة علي جدو، والشباب يوسف آدم الضي، والاتصالات هاشم حسب الرسول، والإعلام حمزة بلول، والري ياسر عباس، والصحة عمر النجيب، ووالي الخرطوم أيمن نمر، ووالي سنار الماحي أحمد، وعضو لجنة إزالة التمكين وجدي صالح، قبل إطلاق سراح بعضهم. ومن المعتقلين أيضاً رئيس حزب البعث علي الريح السنهوري، ورئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير.
وقالت المتظاهرة هناء حسن: «كل الأمن في الشوارع الآن... الوضع يشبه (انتشار) القوات في عهد البشير».
ولم تنجح المحاولات الأمنية في إجهاض الاحتجاجات، حيث دعا «تجمع المهنيين» إلى «مظاهرة مليونية» السبت ضد الانقلاب. وقال مجدي الجزولي، المحلل السياسي من معهد ريفت فالي، إن الانقلاب «ليس بالمفاجأة»، لكن من المتوقع أن يواجه «مقاومة مدنية شديدة... لن يكون لدى الجيش خيار سوى سحقها بالقوة».



سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
TT

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)

يزيد عدد سكان العراق على 45 مليون نسمة، نحو نصفهم من النساء، وثلثهم تقل أعمارهم عن 15 عاماً، وفق ما أعلن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، اليوم (الاثنين)، حسب الأرقام غير النهائية لتعداد شامل هو الأول منذ عقود.

وأجرى العراق الأسبوع الماضي تعداداً شاملاً للسكان والمساكن على كامل أراضيه لأول مرة منذ 1987، بعدما حالت دون ذلك حروب وخلافات سياسية شهدها البلد متعدد العرقيات والطوائف.

وقال السوداني، في مؤتمر صحافي: «بلغ عدد سكان العراق 45 مليوناً و407 آلاف و895 نسمة؛ من ضمنهم الأجانب واللاجئون».

ونوّه بأن «الأسر التي ترأسها النساء تشكّل 11.33 في المائة» بالبلد المحافظ، حيث بلغ «عدد الإناث 22 مليوناً و623 ألفاً و833 بنسبة 49.8 في المائة» وفق النتائج الأولية للتعداد.

ووفق تعداد عام 1987، كان عدد سكان العراق يناهز 18 مليون نسمة.

وشمل تعداد السنة الحالية المحافظات العراقية الـ18، بعدما استثنى تعداد أُجري في 1997، المحافظات الثلاث التي تشكل إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي منذ 1991.

وأعلن الإقليم من جهته الاثنين أن عدد سكانه تخطى 6.3 مليون نسمة؛ من بينهم الأجانب، طبقاً للنتائج الأولية، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأرجئ التعداد السكاني مرات عدة بسبب خلافات سياسية في العراق الذي شهد نزاعات وحروباً؛ بينها حرب ما بعد الغزو الأميركي في 2003، وسيطرة تنظيم «داعش» في 2014 على أجزاء واسعة منه.

ولفت السوداني إلى أن نسبة السكان «في سنّ العمل» الذين تتراوح أعمارهم بين «15 و64 سنة بلغت 60.2 في المائة»، مؤكداً «دخول العراق مرحلة الهبّة الديموغرافية».

وأشار إلى أن نسبة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً تبلغ 36.1 في المائة، فيما يبلغ «متوسط حجم الأسرة في العراق 5.3 فرد».

وأكّد السوداني أن «هذه النتائج أولية، وسوف تكون هناك نتائج نهائية بعد إكمال باقي عمليات» التعداد والإحصاء النوعي لخصائص السكان.

وأظهرت نتائج التعداد أن معدّل النمو السنوي السكاني يبلغ حالياً 2.3 في المائة؛ وذلك «نتيجة لتغيّر أنماط الخصوبة في العراق»، وفق ما قال مستشار صندوق الأمم المتحدة للسكان في العراق، مهدي العلاق، خلال المؤتمر الصحافي.