أقوى موقف أميركي معارض للمستوطنات منذ 2016

محادثة متوترة بين غانتس وبلينكن

أقوى موقف أميركي معارض للمستوطنات منذ 2016
TT

أقوى موقف أميركي معارض للمستوطنات منذ 2016

أقوى موقف أميركي معارض للمستوطنات منذ 2016

اتخذت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن موقفاً حازماً علنياً يعارض بشدة خطط إسرائيل لبناء المزيد من الوحدات الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، في خطوة إضافية يمكن أن ترفع منسوب التوتر، لا سيما بعدما أكدت واشنطن أنها ستعيد خدماتها القنصلية للفلسطينيين إلى القدس الشرقية، وانتقادها قرار حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت تصنيف منظمات حقوقية فلسطينية على أنها «إرهابية».
أجرى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلنكين، محادثة هاتفية حادة، مع وزير الأمن (الدفاع) الإسرائيلي بيني غانتس، الثلاثاء.
وكشف موقع واللا العبري، النقاب، عن محادثة وصفها بالمتوترة بين الطرفين، احتج خلالها على قرار الموافقة على تخطيط وبناء 3000 وحدة استيطانية جديدة في مستوطنات الضفة الغربية.
وأوضح الموقع، أن هذا ما نقله ثلاثة مسؤولين إسرائيليين كبار، مطّلعين على تفاصيل المحادثة، فيما كان رد غانتس: «لقد قلصت نطاق البناء قدر الإمكان، وسنتخذ المزيد من الخطوات من أجل الفلسطينيين».
ووصف موقع i24، المحادثة بين بلينكن وغانتس، بمثابة ردٍ قوي نقلت خلاله إدارة بايدن إلى حكومة إسرائيل، استياءها من قرار تشجيع البناء الجديد في المستوطنات. وقد جاء ذلك بعد تبادل رسائل أكثر هدوءا، وكذلك رسائل عامة من المتحدث باسم وزارة الخارجية في واشنطن.

وهذا أقوى موقف أميركي معارض للاستيطان، على الأقل منذ أيام الرئيس السابق باراك أوباما الذي سمحت إدارته لمجلس الأمن في 23 ديسمبر (كانون الأول) 2016، بإصدار القرار 2234 حول عدم قانونية هذه المستوطنات لدى الشرعية الدولية وخطورتها على حل الدولتين بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وعقب التسريبات عن استياء إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من إعلان إسرائيل بناء المزيد من الوحدات الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، رداً على أسئلة الصحافيين: «نحن نشعر بقلق بالغ حيال خطة الحكومة الإسرائيلية لدفع آلاف الوحدات الاستيطانية (...)، والعديد منها في عمق الضفة الغربية»، معبراً كذلك عن «القلق في شأن نشر أذون البناء لـ1300 وحدة استيطانية في عدد من مستوطنات الضفة الغربية». وأضاف: «نحن نعارض بشدة توسيع المستوطنات، إذ إنه يتعارض تماماً مع جهود تخفيف التوترات وضمان الهدوء، وهو يضر بآفاق حل الدولتين»، معتبراً أن «خطط إضفاء الشرعية بأثر رجعي على البؤر الاستيطانية غير القانونية، غير مقبولة».
وشدد برايس على أن المسؤولين الأميركيين أوضحوا وجهات نظر إدارة الرئيس بايدن حول هذه المسألة «خلال مناقشاتنا الخاصة مباشرة مع كبار المسؤولين الإسرائيليين».
وعلى الرغم من إعلان هذا الموقف الأميركي، الثلاثاء، أعلن ناطق باسم الإدارة الهيئة العسكرية الإسرائيلية التي تشرف على شؤون المدنيين في الأراضي الفلسطينية، أمس (الأربعاء)، أن إسرائيل وافقت على خطط لبناء أكثر من ثلاثة آلاف منزل للمستوطنين في الضفة الغربية المحتلة. وقال إن «لجنة التخطيط العليا في الإدارة المدنية أعطت الموافقة النهائية على 1800 منزل وخطط متقدمة لبناء 1344 منزلاً». وعلق مسؤول فلسطيني لـ«رويترز»، بالقول إن «سلوك الحكومة الإسرائيلية لا يقل تطرفاً عن سلوك حكومة نتنياهو سابقاً»، فيما يتعلق بالمستوطنات.
وكرر برايس أيضاً انتقادات الإدارة الأميركية الحالية لقيام إسرائيل بتصنيف ست منظمات حقوقية فلسطينية باعتبارها «إرهابية». وقال: «لا نزال على اتصال وثيق مع شركائنا الإسرائيليين» في شأن هذه المنظمات، مشيراً إلى أن «وفداً إسرائيلياً سنلتقي به لمناقشة هذه المجموعة من القضايا». وعبر عن اعتقاده أن «احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية والمجتمع المدني القوي والمستقل، مسائل لها أهمية حاسمة للديمقراطية ولحكومة مسؤولة ومتجاوبة». ونفى وجود أي خطط للاجتماع مع ممثلي هذه المنظمات في الوقت الراهن.
والمتحدث هو كان يشير بذلك إلى إعلان المسؤول الكبير في وزارة الخارجية الإسرائيلية، جوشوا زرقا، أن إسرائيل ستوفد مبعوثاً إلى واشنطن لمناقشة أسباب تصنيف مجموعات حقوقية فلسطينية بارزة على أنها منظمات إرهابية. وقال زرقا إن المبعوث «سيقدم لهم كل التفاصيل ويقدم لهم جميع المعلومات الاستخبارية» خلال زيارته في الأيام المقبلة.
والمجموعات المعينة هي «الحق» و«الضمير» و«الحركة الدولية للدفاع عن الأطفال – فلسطين»، و«مركز بيسان للبحوث والتنمية» و«اتحاد لجان المرأة الفلسطينية» و«اتحاد لجان العمل الزراعي». وكذلك يبرز قرار المنظمات الحقوقية، كاختبار للعلاقة بين إدارة بايدن، والحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة نفتالي بنيت، ما أنهى تحالفاً عمره 12 عاماً من حكم رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، الذي تمتع بدعم واسع من إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب. وكان ترمب نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وسمح إلى حد كبير ببناء المستوطنات من دون قيود، وقطع التمويل عن الفلسطينيين وقدم رؤية للشرق الأوسط منحازة لإسرائيل.
في غضون ذلك، وفي محاولة لعرقلة خطط إدارة الرئيس بايدن لإعادة الخدمات القنصلية للفلسطينيين في القدس الشرقية، أعدّت مجموعة من السيناتورات، مشروع قانون يهدف إلى «حظر استخدام الأموال للسفارة أو القنصلية العامة أو المكتب القنصلي أو أي منشأة دبلوماسية أخرى تابعة للولايات المتحدة في القدس، بخلاف المخصص للسفارة الأميركية لدى إسرائيل». وذكر هؤلاء المشرعون البالغ عددهم 35، أي أكثر من ثلث عدد أعضاء مجلس الشيوخ، أن هناك «غالبية ساحقة» من الحزبين في الكونغرس «تعترف بالقدس عاصمة أبدية موحدة لدولة إسرائيل ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.