الجزائر تستنكر «بروباغندا فرنسية»

انتقدت مقالات صحافية «مسيئة» حول رعاياها المهاجرين والدبلوماسيين في باريس

مهاجرون جزائريون بعد وصولهم إلى مدينة مالقة الإسبانية بحراً بطريقة غير شرعية (أ.ف.ب)
مهاجرون جزائريون بعد وصولهم إلى مدينة مالقة الإسبانية بحراً بطريقة غير شرعية (أ.ف.ب)
TT

الجزائر تستنكر «بروباغندا فرنسية»

مهاجرون جزائريون بعد وصولهم إلى مدينة مالقة الإسبانية بحراً بطريقة غير شرعية (أ.ف.ب)
مهاجرون جزائريون بعد وصولهم إلى مدينة مالقة الإسبانية بحراً بطريقة غير شرعية (أ.ف.ب)

عبَّرت الحكومة الجزائرية عن قمة غضبها خلال الـ24 ساعة الماضية، إثر نشر استطلاع صحافي أجراه مكتب وكالة الصحافة الفرنسية بالجزائر، وتطرق فيه لـ«حالة اليأس»، التي تعتري الشباب الجزائري، وتدفعه إلى الهجرة النظامية عبر «قوارب الموت» باتجاه إسبانيا.
لكن هذا الاستطلاع ليس الوحيد الذي أغضب الجزائريين، خاصة أنه جاء بعد سلسلة مقالات نشرتها «لوموند»، الصحيفة الأشهر في فرنسا، وأثارت استياءً شديداً لديهم؛ كونها ركزت على رغبة كل الدبلوماسيين الجزائريين العاملين في باريس الحصول على إقامة دائمة بها قبل انتهاء الخدمة.
ويبدو جلياً أن التوتر بين البلدين، الذي بدأ بنهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، لن ينتهي قريباً. فقد أصدرت وكالة الأنباء الجزائرية مساء الثلاثاء مقالاً حاداً ضد الوكالة الفرنسية، على إثر نشر استطلاع حول مهاجرين سريين جزائريين، يركبون قوارب تقليدية إلى سواحل إسبانيا، وهي الظاهرة التي بدأت تعرف استفحالاً كبيرة خلال الأشهر الماضية.
وبحسب الوكالة الحكومية الجزائرية، فإن «محتوى الروبورتاج الموجّه ضد الجزائر يبرز سيناريوهات تشبه روايات الفن السابع حول ظاهرة الهجرة غير الشرعية، بالاعتماد على معطيات بعيدة كل البعد عن الواقع، وتظهر مدى اختزال دور هذه الوكالة، وتحولها إلى مجرد آلة في يد كيانات معادية للجزائر». مشيرة إلى أن العمل الصحافي تم بـ«إيعاز». في إشارة إلى أن جهة سياسية في فرنسا طلبته.
وتأخذ الوكالة الجزائرية على الاستطلاع، أنه «يحمل مغالطات كبيرة وزيفاً إعلامياً واضحاً». وقالت، إن «(الصحافة الفرنسية) ارتكبت انزلاقاً خطيراً آخر، يضاف إلى سجلها الحافل بالأخبار الكاذبة الموجهة حصرياً ضد الجزائر».
وطالبت وزارة الاتصال الجزائرية أمس وكالة الأنباء الفرنسية, بالتوقف الفوري عن {حملاتها العدائية البغيضة} ضد الجزائر، كما هددتها بتعليق اعتمادها ومنعها من ممارسة عملها في الجزائر {تحت أي غطاء و بأية صفة كانت}.
ويبدأ استطلاع «الوكالة الفرنسية» بالحديث عن 50 قارباً توجهت في يوم واحد من الشهر الحالي من أحد شواطئ الجزائر إلى سواحل إسبانيا محملة بـ«الحراقة»، وهي التسمية الدارجة للمهاجرين غير النظاميين.
ويعتقد مراقبون، أن جملة «الموت في البحر بدل البقاء في الجزائر»، هي أكثر ما أزعج الوكالة الجزائرية، ودفعها إلى التهجم على المؤسسة الإعلامية التابعة للدولة الفرنسية. ويرجّح بأنها تحدثت بلسان مسؤول كبير.
وباتت «الصحافة الفرنسية»، حسب الوكالة الإخبارية الحكومية الجزائرية، جهاز «بروباغاندا مسخّر لخوض حرب إعلامية لفائدة جهات تكنّ العداء للجزائر؛ بسبب ثباتها على مواقفها التاريخية إزاء القضايا الدولية العادلة، ونجاحها كفاعل إقليمي واستراتيجي في إحلال السلم والأمن والتوافق الدولي».
وسبق مقال «الفرنسية» سلسلة مقالات نشرتها «لوموند» الأسبوع الماضي، عدّتها الأوساط الحاكمة في الجزائر «مسيئة»، وأنها «من تخطيط دوائر فرنسية معادية». كما قال مراقبون، إنه من الصعب فصل التعاطي الإعلامي الفرنسي مع الجزائر في هذه الفترة عن توتر العلاقات، التي كان سببها تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، التي نقلتها «لوموند»، والتي أنكر فيها وجود أمة جزائرية قبل الغزو عام 1830.
وتضمنت مقالات الصحيفة الفرنسية «إقبالاً مكثفاً للدبلوماسيين الجزائريين على تدريس أبنائهم بالمدرسة الفرنسية بالعاصمة الجزائرية». مبرزة، أنه مع كل دخول مدرسي «تتلقى المدرسة الثانوية الدولية (ألكسندر دوما) بالجزائر العاصمة طلبات ملحة من الأوساط الحاكمة في الجزائر لتسجيل أبنائهم بها»، وأن الخارجية الجزائرية تقدم للسفارة الفرنسية سنوياً لائحة طويلة، تضم دبلوماسيين ومسؤولين سامين يرغبون في تدريس أبنائهم بالمؤسسة التعليمية الفرنسية.
وتزامن هذا المقال مع «حملة تعريب» للوزارات، وإلغاء التعامل باللغة الفرنسية بها، كرد فعل على «الإساءة الصادرة عن ماكرون».
كما ورد في كتابات «لوموند» عن الجزائر، أن دبلوماسييها بالسفارة وبالقنصليات الـ18 يحرصون على الحصول على إقامة دائمة قبل انتهاء خدمتهم، على أمل العيش في فرنسا بعد تقاعدهم.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».