صداقة الأمكنة والصور والكلمات في رحلات لبلدان عربية

«كتاب السفر» للمغربي محمد بهجاجي

صداقة الأمكنة والصور والكلمات في رحلات لبلدان عربية
TT

صداقة الأمكنة والصور والكلمات في رحلات لبلدان عربية

صداقة الأمكنة والصور والكلمات في رحلات لبلدان عربية

صدر للكاتب والإعلامي المغربي محمد بهجاجي كتاب جديد تحت عنوان «كتاب السفر»، متضمناً نخبة من مشاهدات لدول زارها، بعضها نشر من قبل على صفحات جريدة «الاتحاد الاشتراكي» المغربية، والبعض الآخر ينشر لأول مرة. يتعلق الأمر بأسفار إلى الأردن (2020)، وتونس (2015)، وسوريا (2010)، ولبنان (2006)، والسعودية (2004)، والعراق (1996)، والجزائر (1993).
بالنسبة لبهجاجي قد يكون هذا الكتاب، الذي صدر عن منشورات «الوطن الآن» بالدار البيضاء، جزءاً أول من مشروع قد يشمل، في إصدارات مقبلة، مشاهدات من دول أخرى، بينها روسيا والتشيك وسلوفاكيا وتركيا والبرتغال وإسبانيا وفرنسا.
ومما جاء في عتبة «كتاب السفر»، على لسان كاتبه: «مكنني الاشتغال في قطاعي الثقافة والإعلام من القيام بعدد من الأسفار إلى بلدان مختلفة من شرق العالم وغربه، إما موفدا ضمن مهام محددة لمتابعة مؤتمرات ومنتديات سياسية، أو تجاوبا مع دعوات شخصية من مهرجانات ولقاءات أدبية وفنية. وخلال كل تلك الأسفار كنت أحرص على تدوين التفاصيل، وعلى نشر بعضها ليشكل نوافذ للقارئ بقصد الاطلاع على مخاضات التحول التي تعيشها تلك البلدان، والتعرف عن كثب على المشهد العمومي، وأحياناً على ما يتداول داخل أروقة الهيئات الحكومية والحزبية، وممثلي النخب بشكل عام. ولقد كان من ثمار تلك التدوينات أن توفرت لدي مشاهدات ارتأيت أن أنشر منها، ضمن هذا الكتاب، الجزء المتعلق بالعالم العربي، والمنجز بين سنتي 1993 و2020. ولقد كان الحرص كذلك على أن أحافظ على صور وحالات البلدان التي زرت كما كانت لحظة الأسفار لتحافظ المشاهدات على طابعها الحي، وعلى بعدها التسجيلي في الوقت ذاته».
وتحدث بهجاجي عن خصوصيات سفره إلى هذه البلدان العربية بقوله: «زرت الجزائر، في أغسطس (آب) 1993، ضمن رحلة عائلية جعلتني، من حيث لم أتوقع، شاهداً على مطالع العشرية السوداء التي أغرقت البلد الجار في حمى الاقتتال الدموي عقب إلغاء نتائج الدور الأول من الانتخابات التشريعية لسنة 1991. وفي أبريل (نيسان) 1996 كنت ببغداد، ضمن وفد الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، للمشاركة في ندوة «المثقفون العرب والمرحلة العربية الراهنة»، المنعقدة في ظل الحصار المفروض على بلاد الرافدين، بعد إقدام السلطات العراقية على غزو الكويت. وباسم جريدة «الاتحاد الاشتراكي» كنت، في مايو (أيار) من سنة 2004، عضو الوفد الإعلامي والجامعي الذي استضافته المملكة العربية السعودية. وقد وضعتني الأقدار، مرة أخرى، ضمن فصل من مواجهة الدولة للجماعات الإرهابية التي كانت قد فجرت، قبل يومين من وصولي إلى هناك، مبنى الإدارة العامة للأمن بحي الوشم بالعاصمة الرياض. في أغسطس 2006 زرت لبنان بدعوة كريمة من الصحافي أحمد الطاهري. كان الجنوب اللبناني يومها خارجاً للتو من آثار العدوان الإسرائيلي الهمجي. في الفترة نفسها توفرت لي زيارة سوريا رفقة مسرح اليوم للمشاركة في مهرجان دمشق للفنون المسرحية. ثم عدت إلى البلد ذاته، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2008، في إطار تمثيل وزارة الثقافة في اجتماع اللجنة التحضيرية للمؤتمر السادس عشر لوزراء الثقافة العرب. كما زرت تونس في أكتوبر (تشرين الأول) 2015، بعد مرور قرابة خمس سنوات على خلع زين العابدين بن علي، وذلك لحضور أيام قرطاج المسرحية. أما زيارة الأردن فقد تمت، في يناير (كانون الثاني) 2020، بمناسبة مشاركتي في الدورة الحادية عشرة لمهرجان المسرح العربي المنظم من طرف الهيئة العربية للمسرح بتنسيق مع القطاع المسرحي هناك».
وشدد بهجاجي على أن الأسفار تنتهي عادة في مواعيدها المقررة، لكن «رجعها يظل ماثلاً في البال»، مع إشارته إلى أن هذا الإصدار يشكل «استعادة لذلك الرجع لعل القارئ يجد فيه بعضاً من صداقة الأمكنة والصور والكلمات».
وتوزع الكتاب بين عتبة، حمل عنوان «هذه المشاهدات»، وسبعة محاور، هي: «الأردن: قريباً من أريحا. على ضفة البحر الميت الذي «لا يحتله أحد»، و«تونس: من ساحة الاحتجاج بالقصبة إلى القصر الرئاسي بقرطاج»، و«سوريا: على خطى الشعراء والأنبياء: من رأس يحيى بدمشق إلى معرة النعمان وحلب»، و«لبنان: الطوائف و(الطائف): حرب السلم وسلم الحرب»، و«السعودية: مشاهد من الحرب على تنظيم القاعدة»، و«العراق: ربع الساعة الأخير قبل توقيع اتفاقية النفط مقابل الغذاء»، و«الجزائر: رصاص ومتاريس وأقنعة: مطالع العشرية السوداء».


مقالات ذات صلة

انطلاق «معرض جازان للكتاب» فبراير المقبل

يوميات الشرق المعرض يتضمّن برنامجاً ثقافياً متنوعاً يهدف إلى تشجيع القراءة والإبداع (واس)

انطلاق «معرض جازان للكتاب» فبراير المقبل

يسعى «معرض جازان للكتاب» خلال الفترة بين 11 و17 فبراير 2025 إلى إبراز الإرث الثقافي الغني للمنطقة.

«الشرق الأوسط» (جيزان)
يوميات الشرق الأمير فيصل بن سلمان يستقبل الأمير خالد بن طلال والدكتور يزيد الحميدان بحضور أعضاء مجلس الأمناء (واس)

الحميدان أميناً لمكتبة الملك فهد الوطنية

قرَّر مجلس أمناء مكتبة الملك فهد الوطنية تعيين الدكتور يزيد الحميدان أميناً لمكتبة الملك فهد الوطنية خلفاً للأمير خالد بن طلال بن بدر الذي انتهى تكليفه.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
ثقافة وفنون قراءات المثقفين المصريين في عام 2024

قراءات المثقفين المصريين في عام 2024

مرَّت الثقافة العربية بعام قاسٍ وكابوسي، تسارعت فيه وتيرة التحولات بشكل دراماتيكي مباغت، على شتى الصعد، وبلغت ذروتها في حرب الإبادة التي تشنّها إسرائيل على غزة

رشا أحمد (القاهرة)
كتب كُتب المؤثرين بين الرواج وغياب الشرعية الأدبية

كُتب المؤثرين بين الرواج وغياب الشرعية الأدبية

صانع محتوى شاب يحتل بروايته الجديدة قائمة الكتب الأكثر مبيعاً في فرنسا، الخبر شغل مساحات واسعة من وسائل الإعلام

أنيسة مخالدي (باريس)
كتب «حكايات من العراق القديم» و«ملوك الوركاء الثلاثة»

«حكايات من العراق القديم» و«ملوك الوركاء الثلاثة»

صدر عن دار «السرد» ببغداد كتابان مترجمان عن الإنجليزية للباحثة والحكواتية الإنجليزية فران هزلتون.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

كُتب المؤثرين بين الرواج وغياب الشرعية الأدبية

كُتب المؤثرين بين الرواج وغياب الشرعية الأدبية
TT

كُتب المؤثرين بين الرواج وغياب الشرعية الأدبية

كُتب المؤثرين بين الرواج وغياب الشرعية الأدبية

صانع محتوى شاب يحتل بروايته الجديدة قائمة الكتب الأكثر مبيعاً في فرنسا، الخبر شغل مساحات واسعة من وسائل الإعلام، ولفت الانتباه؛ لأن رواية المانجا «أنستان» أو «الغريزة» لصاحبها المؤثر أنس بن عزوز، الملقب بـ«إنوكس تاغ» باعت أكثر من 82 ألف نسخة خلال 4 أيام. وهو إنجاز كبير؛ لأن القصّة الموجهة إلى جمهور من القرّاء الشباب قد خطفت المرتبة الأولى في قائمة الكتب الأكثر مبيعاً من «الحوريات»، الرواية الفائزة بجائزة «الغونكور» لهذه السنة.

ولمن يستغرب هذا الرواج أو اهتمام دور النشر بالكُتاب المبتدئين من صنّاع المحتوى، فإن الظاهرة ليست بالجديدة؛ حيث إن كثيراً من المكتبات والمواقع أصبحت تخصّص رفوفاً كاملة لهذه النوعية من الكتب، كسلسلة «#فولوي مي» التابعة لدار «أشيت»، والتي تضم أعمالاً للمؤثرين تتوزع بين السّير الذاتية والقصص المصوّرة والتنمية البشرية والأسفار، وحتى الطبخ.

في فرنسا، أول تجربة من هذا القبيل كانت عام 2015، بكتاب «إنجوي ماري»، وهو السيرة الذاتية للمؤثرة ماري لوبيز المعروفة بـ«إنجوي فنيكس» (6 ملايين متابع على إنستغرام). وإن كان البعض لا يستوعب أن تكتب فتاة في سن العشرين سيرتها الذاتية، فقد يستغرب أيضاً النجاح التجاري الكبير الذي حصل عليه هذا الكتاب؛ حيث باع أكثر من 250 ألف نسخة، رغم الهجوم الشديد على الأسلوب الكتابي الرديء، حتى لقَّبتها مجلة «لي زنكوريبتبل» الثقافية متهكمة بـ«غوستاف فلوبير الجديد». شدّة النقد لم تمنع زملاءها في المهنة من خوض التجربة نفسها بنجاح؛ المؤثرة ناتو (5 ملايين متابع على يوتيوب) نشرت مع مؤسسة «روبرت لافون» العريقة رواية «أيقونة»، قدمت فيها صورة ساخرة عن عالم المجلات النسوية، وباعت أكثر من 225 ألف نسخة. وتُعدُّ دار نشر «روبرت لافون» بالذات الأكثر تعاوناً مع صناع المحتوى؛ حيث نشرت لكثير منهم.

في هذا السياق، الأكثر نجاحاً حتى اليوم كان كتاب التنمية البشرية «الأكثر دائماً+» لصاحبته لينا محفوف، الملقبة بـ«لينا ستواسيون» (5 ملايين متابع على إنستغرام) وباع أكثر من 400 ألف نسخة.

مجلة «لي زيكو» الفرنسية، تحدثت في موضوع بعنوان «صناع المحتوى؛ الدجاجة التي تبيض ذهباً لدور نشر» عن ظاهرة «عالمية» من خلال تطرقها للتجارب الناجحة لمؤثرين من أوروبا وأميركا، حملوا محتواهم إلى قطاع النشر، فكُلّلت أعمالهم بالنجاح في معظم الحالات. المجلة استشهدت بالتجربة الأولى التي فتحت الطريق في بريطانيا، وكانت بين دار نشر «بانغوين بوكس» والمؤثرة زوي سوغ (9 ملايين متابع على إنستغرام) والتي أثمرت عن روايتها الناجحة «فتاة على الإنترنت» أو «غور أون لاين»؛ حيث شهدت أقوى انطلاقة في المكتبات البريطانية بـ80 ألف نسخة في ظرف أسبوع، متفوقة على سلسلة «هاري بوتر» و«دافنشي كود».

المجلة نقلت بهذه المناسبة حكاية طريفة، مفادها أن توم ويلدون، مدير دار النشر، كان قد تعاقد مع المؤثرة بنصيحة من ابنته البالغة من العمر 12 سنة، والتي كانت متابعة وفيّة لها.

ومما لا شك فيه هو أن اهتمام دور النشر بأعمال المؤثرين يبقى مدفوعاً بالأرباح المادية المتوقعة، وهو ما أكده موضوع بمجلة «لوبوان» بعنوان «المؤثرون آلة لصنع النجاحات التجارية في قطاع النشر». كشف الموضوع عن أن تحويل المحتوى السمعي البصري لصناع المحتوى إلى الكتابي، أصبح بمثابة الورقة الرابحة للناشرين، أولاً لأنه يوفر عليهم عناء الترويج الذي تتكفل به مجتمعات المشتركين والمتابعين، وكل وسائل التواصل التابعة للمؤثرين، والتي تقوم بالعمل بدل الناشر، وهو ما قد يقلّل من خطر الفشل؛ بل قد يضمن الرواج الشعبي للعمل. ثم إنها الورقة التي قد تسمح لهم في الوقت نفسه بالوصول إلى فئات عمرية لم تكن في متناولهم من قبل: فجمهور المراهقين -كما يشرح ستيفان كارير، مدير دار نشر «آن كاريير» في مجلة «ليفر إيبدو»: «لم يكن يوماً أقرب إلى القراءة مما هو عليه اليوم. لقد نشرنا في السابق سِيَراً ذاتية لشخصيات من كل الفضاءات، الفرق هذه المرة هو أن المؤثرين صنعوا شهرتهم بفضل وسائل التواصل الاجتماعي، ولهم جمهور جاهز ونشيط، وإذا كانت هذه الشخصيات سبباً في تقريب الشباب إلى القراءة، فلمَ لا نشجعهم؟».

شريبر: الكتاب بعيد كل البعد عن مستوى «الغونكور» وبأن كاتبته لم تقرأ في حياتها كتاباً باستثناء الكتاب الذي كتبته

هذه المعطيات الجديدة جعلت الأوضاع تنقلب رأس على عقب، فبينما يسعى الكتاب المبتدئون إلى طرق كل الأبواب أملاً في العثور على ناشر، تأتي دور نشر بنفسها إلى صناع المحتوى، باسطة أمامهم السّجاد الأحمر.

وإن كان اهتمام دور النشر بصنّاع المحتوى لاعتبارات مادية مفهوماً -بما أنها مؤسسات يجب أن تضمن استمراريتها في قطاع النشر- فإن مسألة المصداقية الأدبية تبقى مطروحة بشدّة.

بيار سوفران شريبر، مدير مؤسسة «ليامون» التي أصدرت مذكرات المؤثرة الفرنسية جسيكا تيفنو (6 ملايين متابع على إنستغرام) بجزأيها الأول والثاني، رفض الإفصاح عن كم مبيعات الكتاب، مكتفياً بوصفه بالكبير والكبير جداً؛ لكنه اعترف في الوقت نفسه بلهجة ساخرة بأن الكتاب بعيد كل البعد عن مستوى «الغونكور» وبأن كاتبته لم تقرأ في حياتها كتاباً باستثناء الكتاب الذي كتبته؛ لكنها لم تدَّعِ يوماً أنها تكتب بأسلوب راقٍ، وكل ما كانت تريده هو نقل تجاربها الشخصية إلى الجمهور ليأخذ منها العبَر.

الناقد الأدبي والصحافي فريديك بيغ بيدر، كان أكثر قسوة في انتقاده لكتاب المؤثرة لينا ستواسيون، في عمود بصحيفة «الفيغارو» تحت عنوان: «السيرة الذاتية لمجهولة معروفة»؛ حيث وصف العمل بـ«المقرف» و«الديماغوجية»، مضيفاً: «بين الأنا والفراغ اختارت لينا ستواسيون الخيار الثاني». كما وصف الكاتبة الشابة بـ«بالجاهلة التي تعترف بجهلها»، منهياً العمود بالعبارة التالية: «147 صفحة ليس فيها سوى الفراغ، خسرتُ 19 يورو في لا شيء».

أما الناشر بيار سوفران شريبر، فقد قال في مداخلة لصحيفة «لوبوان»: «اتهمونا بنشر ثقافة الرداءة؛ لكن هذه النوعية من الكتب هي هنا لتلتقي بقرائها. إنهما عالمان بعيدان استطعنا تقريبهما بشيء سحري اسمه الكتاب. فلا داعي للازدراء».