(تقرير إخباري) : غاز إسرائيلي في «أنبوب عربي» إلى سوريا ولبنان... والهدف إيران

تفجير حافلة تقل عسكريين في دمشق في 20 من الشهر الحالي (أ.ف.ب)
تفجير حافلة تقل عسكريين في دمشق في 20 من الشهر الحالي (أ.ف.ب)
TT

(تقرير إخباري) : غاز إسرائيلي في «أنبوب عربي» إلى سوريا ولبنان... والهدف إيران

تفجير حافلة تقل عسكريين في دمشق في 20 من الشهر الحالي (أ.ف.ب)
تفجير حافلة تقل عسكريين في دمشق في 20 من الشهر الحالي (أ.ف.ب)

الغاز الذي سيصل في «الأنبوب العربي» إلى لبنان، من مصر عبر الأردن وسوريا، هو «إسرائيلي في معظمه». الكهرباء التي تصل إلى لبنان عبر سوريا، من الأردن، منتجة بغاز إسرائيلي أيضاً، بموجب اتفاق صاغه قبل سنوات أموس هيتشستاين، أحد كبار دبلوماسيي الطاقة في وزارة الخارجية الأميركية.
هيتشستاين نفسه الذي رعى قبل أيام، المفاوضات الحدودية الإسرائيلية - اللبنانية، وأبلغ بيروت أن «خط الغاز العربي» مستثنى من عقوبات «قانون قيصر» الأميركي الخاصة بسوريا، كان وراء الصفقة الأردنية - الإسرائيلية في 2014 بدعم من وزير الخارجية الأميركي الأسبق جون كيري الذي «عمل لتحقيق الاتفاق من منطلق ترسيخ محور الاعتدال في الشرق الأوسط، بين الدول العربية المعتدلة وإسرائيل»، حسب بيان وقتذاك.
هناك مؤشرات كثيرة تدل إلى أن مشروع الغاز يتضمن وراء الإطار الفني - الاقتصادي أبعاداً سياسية في إطار مساع لصد النفوذ الإيراني في لبنان وسوريا، أن تزامن الإعلان عن المشروع مع قرار طهران إيصال مشتقات نفطية إلى لبنان عبر سوريا، لم يكن التزامن الوحيد بين تطورات مختلفة في سوريا ولبنان، تضمنت نقاط تلاق بين موسكو وواشنطن، رغم اختلاف المبررات والأهداف.
ونقل مسؤول غربي عن مسؤول روسي رفيع المستوى قوله في اجتماع رسمي، ما مفاده: «إسرائيل هي التي شجعت روسيا وأميركا على فرض سلطة الحكومة السورية في الجنوب وإمداد لبنان بالطاقة، لاعتقادها أن هذا يساهم في مواجهة نفوذ إيران في البلدين». كما أن مدير وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه) وليم بيرنز، كان مطلعاً ومنخرطاً في جهود «صفقة الغاز»، التي دعمها أيضاً مسؤول الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي بريت ماكغورك.
خياطة الصفقة، تطلبت العمل على أكثر من مستوى لتشبيك المواعيد: توفير الاستقرار جنوب سوريا، حيث ستعبر منها شبكتا الغاز والكهرباء، إذ قادت روسيا «تسويات» لإعادة قوات الحكومة إلى حدود الأردن، والتخلي عن وجود المعارضة وسلاحها، وبدء مشروع لتفكيك الألغام، كما رفعت عمان مستوى علاقاتها مع دمشق إلى حد ترتيب اتصال بين الرئيس بشار الأسد والملك عبد الله الثاني وزيارات وزارية وأمنية، وجرى فتح طريق عمان – دمشق، والبحث في إجراءات لضبط الحدود وتقديم حوافز إلى دمشق. كما عقدت اجتماعات وزارية سورية - أردنية - مصرية - لبنانية لبحث سبل حل العقد الفنية أمام تشغيل الأنبوب والشبكة.
من ضمن الصفقة أيضاً، تعهد واشنطن لموسكو بتقديم دعم البنك الدولي لتمويل المشروع من بوابة مساعدة لمؤسسة كهرباء لبنان، والتأكد من توفر إمدادات الغاز القادم إلى لبنان عبر سوريا. وكان لافتاً أن إبلاغ السفيرة الأميركية دورثي شيا، الرئيس اللبناني ميشال عون، الموافقة على المشروع، جاء بعد محادثات هاتفية بين وزيري الطاقة المصري والإسرائيلي لبحث «الخطط المستقبلية لاستقبال الغاز الإسرائيلي لإسالته في مصانع مصرية لإعادة تصديره». وأفادت مصادر إسرائيلية بأن الخطط شملت «نقل الغاز الإسرائيلي عبر مصانع الغاز الطبيعي في مصر لتصديره إلى دولة ثالثة».
وحصلت اتفاقات عدة بين شركات مصرية وإسرائيلية عبر السنوات، إلى أن تم التوصل في بداية 2018 إلى اتفاق نص على أن يورد الجانب الإسرائيلي 64 مليار متر مكعب سنوياً من غاز حقلي تمار وليفياثان في شرق المتوسط إلى مصر، لعشر سنوات، بقيمة 15 مليار دولار. وبعد توصل مصر للاكتفاء الذاتي، أعلنت القاهرة أن «استيراد الغاز من إسرائيل يجعلها مركزاً إقليمياً للطاقة ولاعباً قوياً في الانتفاع من حقول الغاز في شرق المتوسط»، عبر تصديره إلى أوروبا، وتأسيس منتدى غاز الشرق الأوسط بداية 2019.
أما بالنسبة إلى المسار الأردني الخاص بالكهرباء، بدأ هيتشستاين في 2012 رعاية مفاوضات لصفقة بين تل أبيب وعمان، إلى أن تم التوصل بعد سنوات لاتفاق بين «شركة الكهرباء الوطنية» الحكومية مع تجمع شركات حقل لفاياثان، ممثلة بشركة أميركية، على عقد بقيمة 15 مليار دولار لـ15 سنة، مقابل توفير 45 مليار متر مكعب من الغاز لإنتاج الكهرباء.
اهتمام واشنطن تجدد في هذا المشروع لتوفير غطاء سياسي له على خلفية التطورات الإقليمية، إذ أبلغ مسؤولون أميركيون نظراءهم العرب أن مشروعي الغاز والكهرباء غير مشمولين بعقوبات «قانون قيصر» الذي أقره الكونغرس الأميركي، وبدأ تطبيقه منتصف 2020، لكن القاهرة وعمان وبيروت طلبت وثيقة ضمانات خطية. بالفعل، أبلغ هيتشستاين مسؤولين لبنانيين بالاستثناءات. وحسب الوثيقة، التي اطلعت «الشرق الأوسط» على نصها، هي جاءت من وزارة الخزانة إلى الحكومات المعنية، وتضمنت أجوبة وأسئلة تخص «اقتراح الغاز»، مع التأكيد على ضرورة عدم تقديم أي أموال إلى الحكومة السورية وضرورة «عدم إفادة أي شخص أو كيان سوري مدرج على قائمة العقوبات» من «اقتراح الغاز»، الذي لم تسمه الوثيقة اتفاقاً نهائياً بعد، علماً بأن أكثر من 600 شخص وكيان سوري مدرجون على قائمة العقوبات الأميركية، بينهم 114 على قوائم «قانون قيصر». وبين الـ600، هناك 350 فرداً وكياناً مدرجون في القوائم الأوروبية للعقوبات.
ورغم استمرار وجود تحديات فنية وسياسية أمام تنفيذ الاتفاق، مثل إصلاح الأنبوب والألغام وحماية الخط، والحصول على شركة غير مدرجة على العقوبات والحواجز الأميركية، حرصت واشنطن على إزالة العقبات التشريعية، وتكفلت موسكو بتفكيك الألغام العسكرية لأسباب سياسية، أكثر مما هي اقتصادية.



سائقو الشاحنات في اليمن يشكون تهالك الطرق ويهددون بالإضراب

شاحنة نقل ثقيل تعرضت للانقلاب في خط الحديدة - إب (الشرق الأوسط)
شاحنة نقل ثقيل تعرضت للانقلاب في خط الحديدة - إب (الشرق الأوسط)
TT

سائقو الشاحنات في اليمن يشكون تهالك الطرق ويهددون بالإضراب

شاحنة نقل ثقيل تعرضت للانقلاب في خط الحديدة - إب (الشرق الأوسط)
شاحنة نقل ثقيل تعرضت للانقلاب في خط الحديدة - إب (الشرق الأوسط)

هدد العشرات من العاملين اليمنيين في قطاع النقل الثقيل في محافظة الحديدة الخاضعة لجماعة الحوثيين بتنفيذ إضراب شامل احتجاجاً على التدهور الحاد في الطرق وغياب الصيانة، تتصدرها الطريق الرئيسية الرابطة بين محافظتي الحديدة وإب، وهو الخط الذي تمر فيه أغلب شاحنات البضائع من ميناء الحديدة غرباً إلى مختلف مناطق سيطرة الجماعة.

ووسط تقاعس ما تسمى «المؤسسة العامة للطرق»، و«صندوق صيانة الطرق» الخاضعين لجماعة الحوثي عن القيام بصيانة الطرق المتهالكة التي زادت من معاناة المواطنين وكبدتهم خسائر بشرية ومادية كبيرة، هدد سائقو الشاحنات باتخاذ خطوات تصعيدية في حال تجاهل الجماعة لمطالبهم.

حرب الحوثيين أثرت في البنية التحتية لقطاع النقل اليمني بشكل كبير (الشرق الأوسط)

وطالب بيان مشترك صادر عن سائقي نقل شاحنات الوقود، والسائقين في موانئ الحديدة بجميع مكاتبها، وسائقي ميناء الصليف ومصنع السكر في ميناء رأس عيسى والصوامع والمخازن في الحديدة، جماعة الحوثي بالقيام بأعمال ترميم وصيانة عاجلة للطريق الرئيسية الرابطة بين مديرية الجراحي في محافظة الحديدة ومنطقة العدين في محافظة إب، خصوصاً في مواقع نقيل سمارة وسوق العدين، ومفرق جبلة وأسفل المفرق.

ومنح البيان النقابي الانقلابيين الحوثيين مهلة تنتهي في منتصف سبتمبر (أيلول) لإتمام هذه الإصلاحات، قبل أن يباشر السائقون تنظيم إضراب شامل عن العمل.

ومع شكاوى السائقين من تدهور مستمر للطريقة الرابطة بين (الحديدة - إب)، يشير سائق شاحنة إلى أن القيادة في ذلك الطريق تحولت إلى مخاطرة كبيرة خصوصاً هذه الأيام التي يستمر فيها هطول الأمطار وتدفق السيول الجارفة، وظهور عدد كبير من الحفريات التي تعيق سيرهم وتعرضهم لحوادث الانقلاب.

وتحدث السائق إلى «الشرق الأوسط» شريطة عدم ذكر اسمه، عن تعرضه لخسائر كبيرة جراء انقلاب شاحنته مرات عديدة في الخط الواصل بين الحديدة وإب، مطالباً سلطة الجماعة الحوثية في إب باقتطاع ولو جزء بسيط من الأموال التي تُفرض بشكل يومي مقابل السماح لهم بالعبور، وتخصيصها لأعمال الصيانة كون ذلك الخط لا يزال يعاني من التآكل وانتشار الحفريات.

فساد وإهمال

وتحدثت مصادر يمنية مطلعة في إب عن تهالك أكثر من 85 في المائة من الطريق الرئيسية الرابطة للمحافظة مع محافظة الحديدة نتيجة «استمرار فساد الجماعة الحوثية وإهمالها المتعمد».

وبينما أكدت المصادر أن الطريق الرابطة بين المحافظتين أصبح مدمرة بشكل شبه كلي، شكا عدد من سائقي شاحنات النقل الثقيل من استمرار تهالك الطريق وتسببه في تعرض شاحناتهم لحوادث سقوط وانقلاب بصورة شبه يومية.

غياب الصيانة للطرق في مناطق سيطرة الحوثيين تسبب في خسائر مادية وبشرية (فيسبوك)

وكشفت مصادر نقابية في إب عن تسجيل ما يزيد على 34 حادثة انقلاب شاحنات تنقل البضائع ومواد أخرى في تلك الطريق الرئيسية منذ مطلع العام الحالي، حيث تركز وقوع أغلب تلك الحوادث في الطريق الواصلة بين مدينة العدين ومركز محافظة إب، خصوصاً في منطقتي «نقيل مشورة» و«نقيل الركة».

وكانت دراسة يمنية اتهمت في وقت سابق جماعة الحوثيين بإغلاق وتدمير وتقطيع أوصال الطرق والجسور بين المحافظات، الأمر الذي خلق معوقات وصعوبات كبيرة ومكلفة وتعقيدات طويلة على حركة السفر، وانتقال المواطنين، وحركة انتقال شاحنات البضائع.

وأوضحت الدراسة الصادرة عن مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي (منظمة يمنية) أن الانقلاب الحوثي أثر في البنية التحتية لقطاع النقل بشكل كبير، وأدى إلى تضرر الطرقات والجسور والموانئ والمطارات، وتعرض ما نسبته 29 في المائة من إجمالي شبكة الطرق داخل المدن لدرجة عالية من الضرر، وأكثر من 500 كيلومتر لدمار كلي، مشيرة إلى تقديرات عن خسائر بمليارات الدولارات في هذا القطاع الحيوي.