تهوّر سائقي الميليشيات الحوثية في إب يقتل ويصيب 32 طفلاً

مراقبون يربطونها بتفشي المخدرات والقيادة تحت تأثيرها

TT

تهوّر سائقي الميليشيات الحوثية في إب يقتل ويصيب 32 طفلاً

شكا سكان محافظة إب اليمنية (170 كم جنوب صنعاء) من تزايد حوادث دهس الأطفال من قبل سائقي العربات العسكرية التابعة للميليشيات الحوثية، وهو الأمر الذي أسفر عنه مقتل وإصابة نحو 32 طفلاً خلال 9 أشهر.
وفي ظل ما تشهد المحافظة من فلتان أمني زادت معه نسب الجريمة والقتل والنهب والسطو على الممتلكات العامة والخاصة، أكدت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط»، أن حوادث دهس الأطفال من مختلف الأعمار ارتفعت خلال الفترة الأخيرة بشكل مخيف ومقلق.
وأشارت المصادر إلى أن المئات من الأطفال في إب ومديرياتها لا يزالون معرضين إما للقتل المفاجئ أو الإصابة بعاهات دائمة، نتيجة استمرار تهور سائقي الجماعة لحظة قيادتهم العربات بسرعة جنونية غير ملتزمين بأنظمة وقواعد المرور.
إلى ذلك تحدث ناشطون محليون في إب بقلق شديد عن تزايد عدد الوفيات والإصابات بين صفوف الأطفال، بسبب تعرضهم لحوادث دهس بعربات يقودها عناصر حوثيون.
وكشف بعضهم لـ«الشرق الأوسط»، عن تلقيهم معلومات تؤكد وفاة 13 طفلاً وإصابة 19 آخرين بعضهم خطيرة جراء حوادث دهس حوثية متفرقة في المحافظة وبعض مديرياتها خلال الفترة من شهر يناير (كانون الثاني) وحتى أواخر سبتمبر (أيلول) من العام الحالي.
وتوقع الناشطون أن يكون عدد الوفيات والإصابات بصفوف الأطفال وغيرهم من اليمنيين من مختلف الفئات العمرية، نتيجة دهس عربات الميليشيات أضعاف ما ورد في المعلومات التي تحصلوا عليها.
وقالوا إن الميليشيات التي تخضع كل مؤسسات الدولة بما فيها الأمنية في إب لا تزال مستمرة في إخفاء كل المعلومات والأرقام المتعلقة بتلك الحوادث. وتكتفي أجهزة أمن الميليشيات بنشر بعض التقارير الشهرية والدورية والسنوية الخاصة بإجمالي عدد الحوادث المرورية التي تشهدها المحافظة، ومدى الخسائر المادية والبشرية الناتجة عنها، دون التطرق إلى جرائم الدهس التي ارتكبها عناصرها.
وحسب الناشطين، فإن حوادث الدهس الحوثية المتكررة تقع إما بالقرب من مدارس الأطفال أو بنطاق الأحياء التي تقع فيها منازلهم، في حين يعقب تلك الحوادث قيام قادة حوثيين بممارسة ضغوط شديدة بحق ذوي الأطفال المجني عليهم.
ويتحدث مهيوب وهو أحد سكان مدينة إب لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرض طفله (15 عاماً) قبل نحو 7 شهور لحادث دهس بعربة حوثية بأحد شوارع مركز المدينة نتج عنها إصابته بعاهة مستديمة. وقال إنه لا يزال يتابع قضية ابنه الذي لا يزال يرقد بأحد مشافي المدينة، ويطالب أجهزة الميليشيات بالقبض على الجاني، ومحاسبته، وإنصاف طفله وتعويضه لكن دون جدوى، مشيراً إلى أن قضايا عدة مشابهة لقضيته لا تزال نتيجة عمليات الابتزاز الحوثية بحق الأسر حبيسة أدراج بعض المحاكم في المحافظة.
على صعيد متصل، يرى مراقبون محليون أن الأسباب التي تقف وراء تصاعد حوادث دهس العربات الحوثية لعشرات الأطفال في إب ومناطق يمنية أخرى تعود إلى الاستهتار بأرواح اليمنيين، إضافة إلى ما يستخدمه مسلحو الجماعة، خصوصاً من حبوب هلوسة ومواد مخدرة متنوعة تفقد الكثير منهم الوعي والسيطرة أثناء القيادة.
ويتهم المراقبون قادة الميليشيات بأنهم عملوا على تكييف المخدرات، ومنحها طابعاً يمنياً خالصاً من خلال خلطها مع مادة البردقان (الشمة)، التي تجعل عناصر الجماعة يدمنون عليها.
وذكر مواطنون بالمحافظة ذاتها أن آخر تلك الحوادث تمثل بقيام عربة عسكرية حوثية هذا الأسبوع بدهس الطفل محمد الجحدري، في شارع مكتظ بالناس بمنطقة سوق الخميس بمديرية النادرة شمال شرقي إب.
وطبقاً لما أوردته مصادر محلية، فإن الطفل فارق الحياة مباشرة، في حين واصلت العربة الحوثية التي يقودها عنصر في الجماعة من محافظة حجة يكني بـ«أبو رشاش» طريقها، ولم تستجب الجماعة لبلاغات الأهالي بشأن الحادثة.
وعمت حالة من القلق في أوساط سكان مديرية النادرة وسط مطالب بوضع حد لتصرفات العناصر الحوثيين وقيادتهم للعربات العسكرية، التي تتسبب بسقوط ضحايا بمختلف مناطق المحافظة.
وأشار بعض السكان في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، إلى تعرض الكثير من أبناء منطقتهم لحوادث دهس حوثية مماثلة خلال فترات ماضية.
وأفادوا بأن تلك الحادثة سبقها بأيام قيام عنصر حوثي يعمل سائقاً لعربة تابعة للقيادي في الجماعة أبو فتح الصعدي، وهو أحد المشرفين بمديرية النادرة، بدهس مواطن من أبناء قرية خلقة المجاورة لقرية مسور التي يسكن فيها الطفل القتيل الجحدري.
وفي أواخر سبتمبر الماضي، كشفت تقارير محلية في إب عن تلاعب الميليشيات بقضية دهس عربة عسكرية بمركز المحافظة لطفل في السابعة من عمره ما أدى إلى إصابته بكسرين في مشط القدم اليمنى ونزيف حاد في الفم.
وأوضحت المصادر أن عربة عسكرية تتبع القيادي الحوثي المدعو أبو علي العلياني، دهست الطفل مجد يوسف الغباري، قبل هروب سائقها المدعو أبو مقداد الرفاعي من موقع الحادثة.
وسبق تلك الحادثة بفترة تعرض طفل من شريحة المهمشين اجتماعياً، لعملية دهس من قبل عربة حوثية أمام مقبرة الثلاثين بمدينة إب، حسب ما أفادت به المصادر نفسها.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.