إحياء ذكرى مجزرة كفر قاسم يهدد الائتلاف الإسرائيلي

«القائمة المشتركة» ستدعم قانوناً بديلاً تقترحه الحكومة

ملصق قديم لضحايا مجزرة كفر قاسم في فلسطين
ملصق قديم لضحايا مجزرة كفر قاسم في فلسطين
TT

إحياء ذكرى مجزرة كفر قاسم يهدد الائتلاف الإسرائيلي

ملصق قديم لضحايا مجزرة كفر قاسم في فلسطين
ملصق قديم لضحايا مجزرة كفر قاسم في فلسطين

يتسبب مشروع قانون جديد، تطرحه «القائمة المشتركة» للأحزاب العربية في الكنيست، وينص على تخليد ذكرى مجزرة كفر قاسم، وجعلها يوم حداد رسمياً في إسرائيل، بأزمة حكومية جديدة تهدد الائتلاف.
وقد تم تأجيل البحث في الموضوع، بطلب من الوزير العربي عيساوي فريج، على أمل أن تتوصل أحزاب الائتلاف إلى تسوية في الموضوع.
المشروع، تقدمت به النائبة عايدة توما، التي تقول إن العديد من المسؤولين الإسرائيليين اعترفوا بهذه المجزرة، بينهم رئيس الدولة الأسبق شمعون بيريس، ورئيس الدولة السابق رؤوبين رفلين، ورئيس الدولة الحالي يتسحاق هيرتسوغ. ويفترض أن القادة السياسيين يعتبرون تلك المجزرة الأليمة «خطيئة ما كان لها أن تكون». ومن يريد البرهنة على أن موقفه صادق ضد المجزرة، عليه أن يصوت إلى جانب القانون، حتى تتحول إلى ذكرى يتعلمون منها الدرس ويمنعون تكرارها.
المجزرة المذكورة وقعت في 29 أكتوبر (تشرين الأول) من عام 1956، عندما داهمت قرية كفر قاسم قوة من حرس الحدود وفرضت منع تجول مفاجئاً. وعندما عاد العمال الزراعيون من الحقول، لم يكونوا على علم بمنع التجول، فقام الجنود الإسرائيليون بإطلاق الرصاص عليهم وقتلوا 49 منهم، بينهم 9 نساء و17 طفلاً، ثم أطلقوا الرصاص على البيوت. وحسب المؤرخين الفلسطينيين وبعض المؤرخين اليهود، لم تقع المذبحة بالصدفة، بل كانت جزءاً من مخطط للحكومة لاستهدف دب الرعب في نفوس السكان الفلسطينيين في كفر قاسم وغيرها من القرى العربية، لحملهم على الرحيل وراء الحدود، والتخلص من أكبر قدر من العرب مواطني إسرائيل.
وقد فشل الهدف، لكن المجزرة تركت ندوباً أليمة وجروحاً لم تندمل. ويحيي فلسطينيو 48 ذكراها في كل سنة بمسيرات ومظاهرات وندوات يتم خلالها التذكير بضرورة مقاومة أي ترحيل. وفي كل سنة يتجدد النقاش حول ضرورة أن تقوم الحكومة الإسرائيلية بإحياء الذكرى حتى تثبت أنها تخلت عن سياسة الترحيل للمواطنين العرب.
وقد طرحت «القائمة المشتركة» المشروع، في إطار الإصرار على أن تقوم الحكومة بهذه الخطوة. ولكن القائمة المشتركة من المعارضة، لذا فإن طرح مشروع القانون يسبب الإحراج لنواب القائمة العربية الموحدة و«ميرتس»، وبشكل خاص للنائب وليد طه من «الحركة الإسلامية» والوزير عيساوي فريج من حزب «ميرتس». فكلاهما من أبناء كفر قاسم ولهما أقارب سقطوا شهداء في المجزرة، والوزير فريج كان قد تقدم هو نفسه باقتراح قانون مشابه في سنوات سابقة، عندما كان في المعارضة. وبما أنه من غير المعتاد أن تصوت أحزاب الائتلاف مع اقتراحات قوانين تتقدم بها أحزاب المعارضة، وجدوا أنفسهم أمام مشكلة. ومن غير المستبعد أن يصوتوا إلى جانب القانون ويفشلوا الائتلاف الحكومي.
لذلك توجه الوزير فريج إلى اللجنة الوزارية لشؤون التشريع، طالباً تأجيل التصويت على اقتراح القانون، حتى التوصل إلى موقف واحد متفق عليه بين المعارضة والحكومة. وقال في بيان، أمس الاثنين، «في الأسابيع الأخيرة عملت جاهداً على تحضير اقتراح للحكومة من أجل الاعتراف بمسؤولية الدولة عن المجزرة وتخليد ذكرى الضحايا، ووضع برامج في جهاز التعليم والكشف عن الوثائق السرية. وأنا أنوي استغلال الأسبوعين القريبين من أجل العمل لبلورة اتفاق بين الحكومة والمعارضة حول الموضوع. فإنني أرى أن اعتراف الدولة بالمسؤولية عن المجزرة، هو موضوع أخلاقي من الدرجة الأولى، وعلى حكومة التغيير أن تأتي بتغيير في هذا الموضوع أيضاً، لذلك سأعمل من أجل التوصل لاقتراح حكومي جامع بعد 65 سنة من المجزرة سيساعدنا جميعاً، عرباً ويهوداً، ائتلافاً ومعارضة، على إغلاق الدائرة وعلاج هذا الجرح النازف والوجع العميق».
وفي القائمة المشتركة، قال النائب أسامة السعدي، «نحن في (المشتركة) نطرح هذا القانون، في الأسبوع نفسه الذي تحل فيه الذكرى في كل سنة، لا للإحراج ولا للمناكفة، وإنما لإقرار الحكومة بمسؤوليتها عن مجزرة كفر قاسم، وإذا كانت هذه فعلاً حكومة تغيير، تأخذ في الاعتبار أن هناك وزيراً من كفر قاسم وعضو كنيست من الائتلاف من كفر قاسم، عليهما الاعتراف بالمجزرة. وإن لم يعجب الحكومة اقتراحنا، فليحضروا هم قانوناً لتخليد ذكرى مجزرة كفر قاسم ونحن سندعمه».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».