دارة الملك عبد العزيز تستقرئ ركائز الخطاب السياسي والإعلامي وإنجازات خامس ملوك الدولة السعودية

تميز الملك الراحل فهد بن عبد العزيز بالتواصل مع شعبه والعالم عبر خطبه الكثيرة، من خلال عدة منابر، إضافة إلى سياسة الباب المفتوح التي تعد ديدن الضيافة السعودية منذ عهد الملك المؤسس وإلى اليوم، وحملت خطبه أعلى درجات الشفافية والوضوح. واتخذ الملك الراحل فهد بن عبد العزيز خمسة منابر للتواصل مع شعبه عبر سياسة الباب المفتوح وقنوات التواصل الرسمية الأخرى، فكان لا يخفي شيئا عن شعبه، فيزوده بآخر التطورات، ويفسر له أسباب القرارات الحاسمة التي اتخذتها الدولة، مما يعكس الشفافية والوضوح واللحمة الوطنية. واتصفت كلماته بلغة سهلة وبالارتجال المتمكن، مما جعلها قريبة المعاني والدلالات حتى لرجل الشارع البسيط، فكانت محط اهتمام الأسرة السعودية الصغيرة، والبيت السعودي الكبير بكل أطيافه السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية.
وفي مصارحة مع شعبه، قال الملك فهد في جلسة لمجلس الوزراء بعد تحرير الكويت: «قد يستكثر البعض حجم المبالغ التي أنفقناها لتحقيق ما أنجز على صعيد أحداث الخليج، من خلال حرب تحرير الكويت، لكنني أود أن أؤكد أن النتائج التي توصلنا إليها، باستتباب الأمن، ودحر الظلم، وترسيخ الشرعية الدولية، توازي، ولله الحمد، أضعاف ما أنفقناه في هذا السبيل»، بل إنه اجتمع بالعلماء والمواطنين ليهنئهم بتحرير الكويت عام 1991، وتحدث إليهم بأدق التفاصيل عن سيناريو ما جرى منذ محاولاته الجادة والصادقة لثني الرئيس العراقي عن نواياه حتى تحرير الشقيقة الكويت، وكان الحديث بمنزلة إطلاع للشعب السعودي على حيثيات حرب «عاصفة الصحراء»، فقد كان يعتمد الحقائق والتفاصيل في حديثه للشعب لدحض الشائعات المغرضة.
وبدأت صباح اليوم الخميس فعاليات اليوم العلمي الثاني والأخير للندوة العلمية عن تاريخ الملك الفهد، والتي واصلت البحث في السياسة السعودية في عهد الملك فهد بن عبد العزيز، وترأسها الدكتور عبد الله الربيعي عضو هيئة التدريس بقسم التاريخ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، إضافة إلى ورقة عمل سياسية أخرى قدمها الدكتور عويد المشعان من جامعة الكويت، تطرقت إلى دور الملك الفهد التاريخي في تحرير الكويت، وموقفه المشرف إبان الغزو العراقي، ودوره الدبلوماسي الحثيث لرد الحق الكويتي بعد حشده للمواقف العربية والإسلامية والدولية لتأييد هذا الحق، إضافة إلى دور القوات المسلحة السعودية في تحرير دولة الكويت.
وطرح الدكتور أحمد السعيدي من المملكة المغربية التعاون الثقافي والعلمي المغربي السعودي في عهد الملك فهد، ورصد أوجه التعاون الثقافي والعلمي على المستوى الأكاديمي بين البلدين، حيث جرى إنشاء جامعة الأخوين نسبة إلى ملك المغرب الراحل الحسن الثاني والملك فهد، كما استحضر الباحث أيضا شواهد أخرى لهذا التعاون، إضافة إلى ورقة علمية أخرى قدمها عبد الله منسي من جامعة الملك عبد العزيز عن المسار التاريخي لاتفاق الطائف الشهير عام 1989 بين أطراف الأزمة اللبنانية آنذاك، حيث كانت للملك فهد بن عبد العزيز الفكرة والدور الأكبر في جمع الفرقاء اللبنانيين في مدينة الطائف واتفاقهم على مجموعة مبادئ نصت إجمالا على أن لبنان وطن حر ومستقل، الأمر الذي يضاف إلى الملك الفهد ضمن المبادرات السلمية لحل المشكلات العربية.
وإلى جانبه، تحدث الدكتور محمد مراح، من جامعة قطر، عن السياسة الخارجية للملك فهد، من خلال تنمية العلاقات السعودية العربية في عهده، إضافة إلى جلسة أخرى وثقت جوانب تنموية في التعليم بصفة عامة على الصعيد المحلي، حيث تحدث الدكتور علي الغامدي من جامعة طيبة عن إسهام الملك فهد في نشر وتطوير التعليم العام، ورصد جهود الملك في بناء أسس التعليم النظامي في المملكة حين كان وزيرا للمعارف، وما بذله من دعم واهتمام بمجال التربية والتعليم حين تولى الحكم، الأمر الذي أثر على رقي الحياة المجتمعية في السعودية ووصولها إلى مصاف الدول المتحضرة والمتقدمة في العالم.
وفي الورقة الثانية من هذه الجلسة، استعرضت قماشة الحبيب من وزارة التعليم نماذج من الشعر العربي وثقت لكثير من الإنجازات الحضارية في عهد الملك فهد، مثل دوره في توسعة الحرمين الشريفين، واهتمامه بالمصحف الشريف والقفزة التعليمية التي شهدتها المملكة في عهد حكمه، بعدها سلط الباحث الدكتور أحمد الحسين بجامعة الإمام الضوء على تطوير تعليم الكبار ومحو الأمية. ومن وجهة إنسانية تناولت الباحثة منال خضري، من جامعة الحدود الشمالية، دعم الملك فهد لذوي الإعاقة من الموهوبين المعاقين في السعودية منذ أن كان وزيرا حتى تولى سدة الحكم، الأمر الذي جعل المملكة تتبوأ مكانة الريادة بين دول المنطقة في تربية ورعاية هذه الفئة الغالية من المجتمع.
وتختتم الندوة اليوم الخميس آخر جلساتها، بتخصيص جلسة للروايات والذكريات عن الملك الراحل فهد بن عبد العزيز، يتحدث فيها الأمير سعود بن فهد بن عبد العزيز، بمشاركة عدد من الوزراء السابقين والحاليين المعاصرين للملك الراحل، ليتحدثوا بشواهد تاريخية عن أبرز إنجازات الملك فهد والجوانب المضيئة عن شخصيته وسيرته.