تقارب ليبي ـ تركي مشروط بخروج «المقاتلين الأجانب»

سياسيون يدعون الشركاء الدوليين للمساعدة على استقرار البلاد

TT

تقارب ليبي ـ تركي مشروط بخروج «المقاتلين الأجانب»

لا تزال آثار الاجتماع «الافتراضي» الذي عُقد مؤخراً بين لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الليبي وعدد من أعضاء مجلس الأمة التركي، تسيطر على الأجواء السياسية في ليبيا بين مُرحب بتحفظ ورافض لهذا التوجه راهناً. إلا أن اللافت أن البرلمان، الذي يتخذ من طبرق (شرق البلاد) مقراً له، تقدم خطوة في هذا الاتجاه مشروطة بخروج «المرتزقة» والمقاتلين الأجانب من البلاد.
وقال يوسف العقوري، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الليبي، الذي ترأس الاجتماع عن الجانب الليبي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «موقف مجلس النواب الليبي تجاه الوجود العسكري الأجنبي في بلادنا ثابت ولم يتغير ولن». وفيما جدد «رفضه للوجود العسكري التركي على الأراضي الليبية»، طالب بـ«خروج جميع القوات الأجنبية و(المرتزقة) بدون استثناء».
كانت لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الليبي اجتمعت بعدد من أعضاء مجلس الأمة التركي في الرابع عشر من الشهر الحالي.
وعما إذا كانت هناك صلة بين هذا الاجتماع والانتخابات الليبية المرتقبة، أجاب العقوري: «لن يكون هناك استقرار في ليبيا إلا بخروج جميع القوات الأجنبية، وموقف البرلمان ثابت، وتم التأكيد عليه في اللقاء مع أعضاء مجلس الأمة التركي، (...) وبالطبع هذه قضية حساسة بالنسبة للانتخابات». وتابع: «نريد من جميع الشركاء الدوليين بمن فيهم تركيا، المساعدة في خلق الظروف المناسبة لاستقرار ليبيا ونجاح الانتخابات القادمة، لأن هذا سينعكس إيجابياً على كامل منطقتنا وشعوبنا التواقة للاستقرار»، متحدثاً عن موقف مجلس النواب الليبي من تركيا، وقال إنه يحرص على المصالح المشتركة في إطار الاحترام المتبادل، و«كما يعلم الجميع، فأنقرة تعد شريكاً تجارياً مهماً لليبيا، وهناك إشكاليات تتعلق بتعزيز التعاون بين البلدين ونتطلع لحلحلتها مع الجانب التركي».
وانتهى العقوري قائلاً: «حرصنا أن يكون هناك تنسيق وتواصل مع مجلس الأمة التركي للعمل على المواضيع المشتركة فيما بيننا، وتكوين وجهات نظر متقاربة للتحديات التي تواجه العلاقات بين البلدين، والنظر للأهمية التي يمكن أن تلعبها (الدبلوماسية البرلمانية) في ذلك».
كان العقوري أكد خلال الاجتماع على أهمية اتخاذ جميع الخطوات التي ستعزز التعاون بين البلدين، أبرزها فتح قنصلية أنقرة في بنغازي وتسهيل إجراءات سفر المواطنين من البلدين، وأيضاً تسهيل منح التأشيرة للمواطنين الليبيين، وتفعيل الاتفاقيات التجارية بين البلدين، وتهيئة الظروف لعودة الشركات التركية لاستئناف مشاريعها في ليبيا.
وتبنى عضو مجلس النواب الليبي سالم أقنان، الموقف السابق ذاته، وقال إنه «لا يوجد ما يمنع من إقامة أو إعادة العلاقات مع أي دولة طالما لا يتعارض هذا والموقف الليبي الرافض لوجود أي قوات أجنبية على أراضيها»، منوهاً بـ«انفتاح حكومة (الوحدة الوطنية) على كافة دول المنطقة بداية من تركيا ومصر».
ولماذا لم يتم الانتظار لحين خروج القوات الأجنبية، ثم يشرع مجلس النواب الليبي في عقد اجتماعاته مع أي دولة؟ قال أقنان في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «التدخل الدولي موجود في ليبيا، لدرجة أن بعثة الدعم الأممي تجاوزت مهمتها، وباتت تتدخل في شؤوننا! وبالتالي مهمتنا الأساسية لا تتوقف عند تقبل الواقع الذي فرضته علينا ظروف الحرب في الماضي، وإنما على المسارعة لتغييره دون أي تأجيل». واستكمل: «في لقاءاتنا مع وفود أي دولة نكرر موقفنا الرافض للوجود الأجنبي في ليبيا، ونقول للجميع إنه سيكون هناك تنسيق سياسي وتعاون اقتصادي وتجاري وأمني بالمستقبل، ولكن هذا التنسيق والتعاون سيتم بإرادة حرة لليبيين وفقاً لما يتناسب ومصالحهم».
وحول تفاصيل محاور الاجتماع، وإذا ما كان قد تم التطرق لقضية مذكرة التفاهم الأمني الموقعة بين تركيا والمجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق الوطني» في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، قال النائب الليبي: «الأتراك أبدوا رغبتهم في زيارة ليبيا والعمل في كل مناطقها دون استثناء... والاتفاقية الأمنية وقعت مع مجلس رئاسي كان يحظى بالاعتراف الدولي حينذاك، إلا أن البرلمان كان منقسماً في تلك الفترة».
وانتهى النائب أقنان إلى أن الليبيين «يتطلعون لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها، لتغيير المشهد وكافة الأجسام السياسية الراهنة، وهو ما يسهم في حل أي جدل تعانيه البلاد».
ورغم موقف البرلمان الليبي من الانفتاح على تركيا، بعدما كان يصفها بـ«دولة احتلال»، إلا أن بعض المحللين والسياسيين الليبيين يتحفظون على هذه الخطوة، من بينهم المحلل السياسي الليبي عبد الله المقري، الذي وصف هذا الاجتماع بأنه «فضيحة سياسية من العيار الثقيل لمجلس النواب»، الذي سبق ووصف تركيا بأنها «دولة محتلة وتمثل عدواناً صارخاً على الشعب وقواته المسلحة».
واستغرب سياسيون ينتمون إلى شرق ليبيا تحرك مجلس النواب تجاه الانفتاح على تركيا، قبل إقدامها على سحب قواتها من البلاد، مشيرين إلى أنه «يستوجب على المجلس الانتظار لحين (تطهير) البلاد من القوات التركية، وبعدها لكل حادث حديث».
كان رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، نفى في بداية العام الحالي ما ذكره باكير أتاجان عضو الحزب الحاكم في تركيا، حول أن رئيس البرلمان الليبي أرسل مبعوثاً شخصياً إلى أنقرة،
وقال صالح حينها: «نحن لا نتسول ولا نتلقى أوامر من تركيا أو من غيرها، نحن نعمل من أجل أمن واستقرار ليبيا، ولن نتردد في التواصل مع الدول الفاعلة في ملف الأزمة الليبية لتحقيق الأمن لبلادنا».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.