قرار إسرائيل حول المنظمات الأهلية الفلسطينية يهدد بـ «توتر» مع أميركا

واشنطن طلبت توضيحات من تل أبيب... والسلطة ترفض الإدانات «الشكلية»

فلسطينية تدخل مكاتب مؤسسة «الحق» في رام الله أمس بعدما صنفتها إسرائيل «إرهابية» (أ.ب)
فلسطينية تدخل مكاتب مؤسسة «الحق» في رام الله أمس بعدما صنفتها إسرائيل «إرهابية» (أ.ب)
TT

قرار إسرائيل حول المنظمات الأهلية الفلسطينية يهدد بـ «توتر» مع أميركا

فلسطينية تدخل مكاتب مؤسسة «الحق» في رام الله أمس بعدما صنفتها إسرائيل «إرهابية» (أ.ب)
فلسطينية تدخل مكاتب مؤسسة «الحق» في رام الله أمس بعدما صنفتها إسرائيل «إرهابية» (أ.ب)

أثار القرار الإسرائيلي بتصنيف 6 مؤسسات حقوقية فلسطينية ضمن قوائم الإرهاب، نوعاً من التوتر بين واشنطن وتل أبيب، بعدما قالت الإدارة الأميركية إنها ستطلب توضيحات من إسرائيل حول قرارها.
واعتبرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الموقف الأميركي يشكل بداية توتر وينذر بوقوع أول أزمة مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن.
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس قال إن الولايات المتحدة ستطلب توضيحات حول القرار الإسرائيلي، مشدداً على «أهمية احترام حقوق الإنسان، والحريات الأساسية، والمجتمع المدني القوي». وأوضح برايس أن «إسرائيل لم تعط الولايات المتحدة إشعاراً مسبقاً بالقرار»، معرباً أيضاً عن «قلق الولايات المتحدة من النية لتوسيع البناء في المستوطنات».
وجاء الانتقاد الأميركي العلني بعد ساعات من إعلان وزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس إدراج 6 مؤسسات فلسطينية على قائمة الإرهاب.
وجاء في بيان صادر عن مكتب غانتس «أنها جزء من شبكة تعمل تحت غطاء منظمات المجتمع المدني على الحلبة الدولية ومرتبطة بالجبهة الشعبية (ثاني أكبر فصيل في منظمة التحرير)».
وطال القرار مؤسسات الضمير والحق والحركة العالمية للدفاع عن الأطفال – فرع فلسطين واتحاد لجان العمل الزراعي ومركز بيسان للبحوث والإنماء واتحاد لجان المرأة العربية.
ودعا غانتس دول العالم والمنظمات الدولية إلى قطع علاقاتها مع منظمات «تعمل على إيقاد نار الإرهاب». وقال في بيان: «حصلت هذه المؤسسات على مبالغ كبيرة من دول أوروبية ومنظمات دولية بطرق الغش والتزوير، واستخدمت هذه الأموال من جملة ذلك لصرف معاشات لعائلات سجناء أمنيين ولأسر فلسطينية قُتل أفراد منها خلال ارتكابهم اعتداءات إرهابية ولرواتب نشطاء وتعزيز فعاليات الجبهة الشعبية في القدس».
ورغم الغضب الفلسطيني الواسع والانتقادات الدولية، لم تعط وسائل الإعلام الإسرائيلية اهتماماً يذكر إلا للموقف الأميركي.
وقالت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية إن الموقف الأميركي يشكل بداية توتر، فيما اعتبرت القناة الإسرائيلية «12» أن ذلك قد يقود إلى أول أزمة أو مواجهة علنية بين إسرائيل وإدارة الرئيس بايدن. وأكدت وسائل إعلام إسرائيلية أن الإدارة الأميركية طلبت فعلاً من إسرائيل إيضاحات.
وجاء الموقف الأميركي الرسمي في وقت أدان فيه عضوا الكونغرس الأميركي بيتي ماكولوم ومارك بوكان، القرار الإسرائيلي. وقالت ماكولوم في بيان: «أدين هذا الإجراء لإغلاق مؤسسات المجتمع المدني الشرعية التي تدافع عن حقوق الإنسان الفلسطيني».
وأضافت «هذا القرار ليس محاولة لإسكات مؤيدي الحقوق الفلسطينية فحسب، بل هو قرار معادٍ للديمقراطية ومخالف للقيم المتوقعة من حليف للولايات المتحدة». وتابعت: «أحث إدارة الرئيس جو بايدن على مطالبة الحكومة الإسرائيلية على الفور بالتراجع عن قرارها، واستعادة قدرة هذه المؤسسات على مواصلة عملها المهم».
وجاء في البيان: «عملت لسنوات مع الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال – فلسطين، لحماية حقوق الأطفال الفلسطينيين الأسرى في مرافق الاعتقال العسكرية الإسرائيلية. أنا أثق وأقدر عمل هذه المؤسسة على النهوض بحقوق الإنسان. أنا أقف إلى جانب منظمة العفو الدولية للطعن في هذا القرار». وكانت منظمة العفو الدولية قد أصدرت بياناً اعتبرت فيه القرار الإسرائيلي «اعتداءً سافراً على حقوق الإنسان».
أما عضو الكونغرس بوكان فكتب في تغريدة له على صفحته الرسمية في «تويتر»: «على إسرائيل أن تلغي قرارها الشامل بتصنيف مؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية كمنظمات إرهابية». وأضاف أن «العديد من هذه المؤسسات يعمل على إحلال السلام في المنطقة».
وردت إسرائيل بقولها إن القرار جاء بناءً على «معلومات استخباراتية قدمها جهاز المخابرات الداخلية (الشاباك) والهيئة القومية لمكافحة الإرهاب، وتم التصديق عليها من قبل جهات قضائية إسرائيلية».
لكن الفلسطينيين رفضوا بشدة الموقف الإسرائيلي وتبريراته.
ودعا رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية المجتمع الدولي وجميع منظمات حقوق الإنسان في العالم لإدانة القرار الإسرائيلي.
وقالت شبكة المنظمات الأهلية في فلسطين إن «الاحتلال هو أساس الإرهاب» وإن المؤسسات المستهدفة هي مؤسسات فلسطينية أصيلة انبثقت من الحاجة لدعم الفئات والقطاعات التي تمثلها، وهي «لا تحتاج لأمر الاحتلال لاستمرار عملها، وما يحكم عملها هو القانون الفلسطيني».
وأكد الناطق باسم حركة فتح وعضو مجلسها الثوري، أسامة القواسمي، أن الفلسطينيين «لن يستسلموا أمام هذا العدوان الآثم».
وتوالت ردود الفعل الفلسطينية أمس، وقال كايد الغول عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية إن القرار الإسرائيلي بمثابة «استمرار للعدوان على مؤسسات الشعب الفلسطيني، وإن توجيه الاتهام لهذه المنظمات بأنها تابعة للجبهة الشعبية هو محاولة بائسة للتأثير على دورها ومكانتها في الأوساط الدولية، وحرمانها من تمويل يسهم في تعزيز صمود شعبنا وتخفيف معاناته الناجمة عن الاحتلال وسياساته الاستعمارية».
كما أدانت الجبهة الديمقراطية القرار، ودعت إلى حماية هذه المؤسسات والتصدي «لهذا القرار الجائر ورفض التعاطي معه أو الامتثال له لمخالفته القانون الدولي والقانون الفلسطيني خصوصاً قانون الجمعيات رقم (1) لعام 2000 الذي ينظم عمل المؤسسات الفلسطينية».
في غضون ذلك، انتقد الفلسطينيون ما وصفوه بـ«البيانات الشكلية الدولية» ضد القرار الإسرائيلي. وقالت الخارجية الفلسطينية: «إن المواقف الدولية المعلنة لا ترتقي لمستوى فظاعة إرهاب الاحتلال ضد منظمات المجتمع المدني، ولا تتناسب مع خطورة وفظاعة الجرائم المستمرة بحق شعبنا».
وأضافت «هذه المواقف غير كافية، ولم تخرج عن المألوف، فإعلان الولايات المتحدة الأميركية عن قلقها بين الحين والآخر من السلوك الاستعماري والاستيطاني الإسرائيلي المتواصل يطرح الكثير من التساؤلات حول مدى تأثير وفاعلية هذا القلق الذي تُعرب عنه أيضاً العديد من الدول في إجبار دولة الاحتلال على وقف انتهاكاتها وجرائمها».
وأكدت ضرورة «انتقال المجتمع الدولي من مربع البيانات الشكلية والصورية إلى الفعل الحقيقي والخطوات المُلزمة القادرة على كبح جماح الاحتلال».



بن مبارك: الحرب الاقتصادية الحوثية أشد أثراً من الصراع العسكري

رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
TT

بن مبارك: الحرب الاقتصادية الحوثية أشد أثراً من الصراع العسكري

رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)

أكد رئيس مجلس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك تطلع حكومته للتفاعل الإيجابي مع التكتل السياسي الحزبي الجديد للقوى اليمنية الذي أُشهر من العاصمة المؤقتة عدن، وقال إن الحرب الحوثية الاقتصادية باتت أشد أثراً على معيشة اليمنيين من الصراع العسكري.

وكانت الأحزاب والقوى اليمنية قد أشهرت، الثلاثاء، تكتلاً حزبياً واسعاً في عدن هدفه العريض استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي والحفاظ على الجمهورية وفق دولة اتحادية.

بن مبارك تعهد بالاستمرار في مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في حكومته (سبأ)

وقال بن مبارك: «ننظر لهذا التكتل على أنه صوت جديد، ورؤية متجددة، وأداة للتغيير البناء وجهد بارز في السياق الوطني يضاف للجهود التي تسعى لرص الصفوف وتهيئة السبل لإنقاذ اليمن من براثن ميليشيا الحوثي».

وأضاف أن حكومته «تتطلع وبانفتاح كامل للتفاعل إيجابياً» مع هذا التكتل الحزبي وبما يقود لتوحيد الجهود لاستكمال استعادة الدولة وهزيمة الانقلاب وتحقيق السلام.

وشدد رئيس الوزراء اليمني على ضرورة تكاتف الجهود في إطار رؤية وطنية شاملة تهدف إلى تحقيق الاستقرار، وتعزيز السيادة، وبناء يمن اتحادي موحد وقوي، وقال: «ندرك جميعاً التحديات، ونعلم أن الطريق لن يكون سهلاً، ولكن بإيماننا العميق بقضيتنا وبإرادة أبناء شعبنا، يمكننا أن نصنع الفارق».

حرب الاقتصاد

استعرض رئيس الحكومة اليمنية الحرب الاقتصادية الحوثية وقال إن آثارها التدميرية «تتجاوز الآثار الناتجة عن الصراع العسكري»، مشيراً إلى أنها أضرت بحياة المواطنين وسبل عيشهم، واستنزفت موارد البلاد، وتسببت بارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وانهيار الخدمات الأساسية.

ورأى بن مبارك أن ذلك «يتطلب توحيد الصفوف ودعم مؤسسات الدولة، لمواجهة هذه الحرب الاقتصادية وحماية الاقتصاد الوطني والتخفيف عن المواطنين الذين يتحملون أعباء كبيرة».

جانب من حفل إشهار التكتل الجديد للقوى والأحزاب اليمنية (سبأ)

وقال: «الحرب الاقتصادية المستمرة التي تشنها ميليشيات الحوثي، إلى جانب استهدافها المنشآت النفطية، أثرت بشكل كبير على استقرار الاقتصاد اليمني وأسهمت في التدهور السريع لسعر صرف العملة الوطنية، وتقويض قدرة الحكومة على الحفاظ على استقرار العملة، ونتيجة لذلك، واجه الريال اليمني انخفاضاً كبيراً في قيمته، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتفاقم الأزمة الإنسانية التي يعاني منها الملايين في جميع أنحاء البلاد».

وأكد بن مبارك أن إعادة تصدير النفط ورفد الخزينة العامة بالعملة الصعبة حق من حقوق الشعب يجب العمل على انتزاعه وعدم السماح للحوثيين باستمرار عرقلة الاستفادة من هذا المورد الذي يعد العصب الرئيسي للاقتصاد الوطني.

وأوضح أن حكومته تمضي «بكل جدية وتصميم» لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة في جميع مؤسسات الدولة، وإرساء ثقافة النزاهة واحترام القانون، وأنها ستقوم باتخاذ خطوات عملية لتقوية الأجهزة الرقابية وتفعيل آليات المحاسبة.

تكتل واسع

كانت القوى اليمنية قد أشهرت من عدن «التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية» عقب سلسلة لقاءات تشاورية، توصلت إلى إعلان التكتل الجديد الذي يضم نحو 22 حزباً ومكوناً سياسياً وإقرار لائحته التنظيمية.

وتم التوافق على أن تكون رئاسة التكتل في دورته الأولى لحزب «المؤتمر الشعبي»، حيث سمى الحزب أحمد عبيد بن دغر رئيساً للمجلس الأعلى للتكتل في هذه الدورة.

وبحسب بيان الإشهار، يلتزم التكتل بالدستور والقوانين النافذة، والمرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، والتعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة، والعدالة والمواطنة المتساوية، إضافة إلى التوافق والشراكة والشفافية والتسامح.

رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك مع رئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر (سبأ)

كما يضع التكتل برنامجاً سياسياً لتحقيق عدد من الأهداف؛ بينها استعادة الدولة وتوحيد القوى الوطنية لمواجهة التمرد وإنهاء الانقلاب وحل القضية الجنوبية بوصفها قضية رئيسية ومفتاحاً لمعالجة القضايا الوطنية، ووضع إطار خاص لها في الحل السياسي النهائي، والتوافق على رؤية مشتركة لعملية السلام.

ويؤكد برنامج عمل التكتل على دعم سلطات الدولة لتوحيد قرارها وبسط نفوذها على التراب الوطني كافة، ومساندة الحكومة في برنامجها الاقتصادي لتقديم الخدمات ورفع المعاناة عن كاهل المواطنين، وعودة جميع مؤسسات الدولة للعمل من العاصمة المؤقتة عدن.

وأكد بيان الإشهار أن هذا التكتل باعثه الأساسي هو تعزيز الاصطفاف الوطني من أجل إنهاء انقلاب الحوثيين واستعادة الدولة، وأنه ليس موجهاً ضد أحد من شركاء العمل السياسي.