فاتورة الطاقة تهدد الصناعة الأوروبية

مطالبات بالضغط على موسكو... وبوتين يغازل بـ«نورد ستريم2»

رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال في طريقه لحضور اجتماع القادة في بروكسل  لمناقشة ملفات ساخنة على رأسها أزمة الطاقة (إ.ب.أ)
رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال في طريقه لحضور اجتماع القادة في بروكسل لمناقشة ملفات ساخنة على رأسها أزمة الطاقة (إ.ب.أ)
TT

فاتورة الطاقة تهدد الصناعة الأوروبية

رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال في طريقه لحضور اجتماع القادة في بروكسل  لمناقشة ملفات ساخنة على رأسها أزمة الطاقة (إ.ب.أ)
رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال في طريقه لحضور اجتماع القادة في بروكسل لمناقشة ملفات ساخنة على رأسها أزمة الطاقة (إ.ب.أ)

تواجه الصناعات الأوروبية المستهلكة للطاقة ضغوطاً هائلة مع الارتفاع الكبير في أسعار الغاز والكهرباء، وتطالب رؤساء الحكومات الذين عقدوا اجتماعاً في بروكسل الجمعة، بإجراءات لمساعدتها في مواجهة «انفجار الأسعار بالخارج عن حدود المنطق».
وأطلقت الجمعيات التي تمثل الصناعات الأساسية في أوروبا إنذاراً، معتبرة أن انتعاش الصناعة الأوروبية بعد أزمة «(كوفيد - 19) في خطر»، وكذلك قدرتها على «تحقيق أهدافها على صعيد المناخ». وفيما يعقد قادة الدول الـ27 قمة الجمعة في بروكسل، طلب الصناعيون العاملون في قطاعات الكيمياء والورق والسيراميك والألومنيوم والصلصال والزجاج، من الاتحاد الأوروبي وضع «تنظيمات خاصة فيما يتعلق بالمساعدات الحكومية للسماح للدول الأعضاء بالتحرك بشكل أوضح مما هو مسموح به اليوم خلال فترات التوتر في سوق الطاقة». كما دعوا التكتل إلى «استخدام ضغطه التجاري والدبلوماسي الكامل على كبار مزودي الغاز» مثل روسيا.
وفي موقف بدا بمثابة ردّ على هذه المطالب، انتقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عبر شبكة «إن إس 2» التلفزيونية «فلسفة المفوضية الأوروبية» التي تظن أن أسواق الطاقة «يمكن ضبطها في البورصة، من خلال سوق الصفقات الفورية». واعتبر أن «ما نراه اليوم في أسواق الطاقة هو تعبير عن الرأسمالية التي لم تعد تعمل بطريقة مجدية»، مضيفاً: «أرادوا إقناعنا بضرورة التخلي عن العقود طويلة الأمد».
وتعهد بوتين بعمليات توصيل سريعة للغاز الطبيعي الروسي لدول الاتحاد الأوروبي عبر خط أنابيب «نورد ستريم2» بمجرد إعطاء الجهات الرقابية في ألمانيا الضوء الأخضر للخط الذي يسير تحت مياه بحر البلطيق.
وقال إن الخط الأول من «نورد ستريم2» ممتلئ بالغاز، مشيراً إلى أن عمليات التسليم يمكن أن تبدأ من اليوم التالي بعد الحصول على موافقة الوكالة الاتحادية الألمانية للشبكات، التي تتولى تنظيم أسواق الكهرباء والغاز والاتصالات وأسواق أخرى. وأضاف أن الخط الثاني من أنبوب الغاز سيكون جاهزاً للتشغيل، بدءاً من ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وتشير «بلومبرغ» إلى أن وصول تدفقات إضافية من الغاز الروسي يمكن أن تخفف من أزمة الطاقة الحالية التي تشهدها أوروبا، حيث تسبب ارتفاع تكاليف الوقود في زيادة المشكلات الاقتصادية. ولم تبعث روسيا حتى الآن بأي كميات إضافية من الغاز إلى السوق الأوروبية، وتعلل ذلك بالحاجة إلى منح الأولوية للسوق المحلية قبل فصل الشتاء.
وحذرت شركة «نيرستار» الهولندية الرائدة في تنقية الزنك الأسبوع الماضي، بأنها ستخفض إنتاجها «إلى حدّ 50 في المائة» في ثلاثة مصانع أوروبية بهولندا وبلجيكا وفرنسا، بسبب أسعار الطاقة والكربون المرتفعة جداً في أوروبا.
وأوضحت الشركة أنه مع «الزيادات الكبرى في كلفة الكهرباء خلال الأسابيع الماضية» وسعر الكربون المرتفع في السوق الأوروبية، «بات من غير المربح اقتصادياً استغلال المصانع بكامل طاقاتها».
وعلى مسافة 30 كلم من فان في فرنسا، قال جاك بيدو رئيس «بي سي إف ساينسز لايف»، وهي من فئة الشركات المتوسطة والصغرى توظف مائتي شخص وتنتج أحماضاً أمينيّة انطلاقاً من ريش دواجن، إنه يواجه أزمة «غير مسبوقة». وأضاف أن سعر الغاز المستخدم لإنتاج الحرارة الضرورية للتحليل المائي لمادة الكيراتين الموجودة في الريش «ازداد بـ4.5 ضعف منذ يناير (كانون الثاني) 2020»، فيما تضاعف سعر الكهرباء بـ«2.5 مرة».
لكن بيدو الذي يتابع يومياً مؤشر «بيغ نور 2022» لأسعار الغاز بالجملة، يؤكد: «لسنا في مأزق». فبإمكان شركته، الوحيدة الناشطة في هذا القطاع في أوروبا، أن تسجل الزيادة في تكاليف الإنتاج البالغة 20 في المائة خلال ستة أشهر على عاتق زبائنها.
والأمر نفسه ينطبق على شركة «إير ليكيد» العملاقة للغاز الصناعي التي تحمي نفسها من تقلبات الأسعار بتوقيعها عقوداً تضع تكاليف السلع والخدمات المستخدمة على حساب زبائنها، وهم من الشركات الكبرى.
ولفت نيكولا دو وارن رئيس «اتحاد الصناعات المستخدمة للطاقة» في فرنسا، إلى أن «نقل أعباء ارتفاع التكاليف على الزبائن لا يكون ممكناً إلا إذا كنت رائداً في سوق معينة، من الجهات التي تحدد الأسعار».
أما الذين لا يملكون هذا الخيار، «فقد يتكبدون أضراراً»، بحسب ما قال دو وارين، مضيفاً: «إما أن تبيعوا بخسارة، أو تجازفوا بفقدان قسم من حصص السوق» بمواجهة منتجات مستوردة من أميركا أو آسيا. وانعكس هذا الأمر بشكل خطير مثلاً على شركة «ألومنيوم دانكرك»، أحد أكبر منتجي الألومنيوم في أوروبا.
وأوضح رئيس المصنع غيوم دو غويس لوكالة الصحافة الفرنسية: «ارتفعت أسعار الألومنيوم كثيراً في بورصة لندن للمعادن، لكن أقل بكثير من سعر الكهرباء». وتابع: «ازدادت حصة الكهرباء في تكاليف إنتاجنا إلى 40 في المائة، بعدما كان معدلها 25 في المائة في السنوات الأخيرة، ما يعني أنها تضاعفت تقريباً».
وهو يخشى أن يضطر إلى إعلان تخفيض في الطاقات الإنتاجية في مطلع 2022، «إذا لم يتم اتخاذ تدابير ملموسة على صعيد الطاقة» لمساعدة الصناعيين الأوروبيين. ولفت إلى أن الصناعيين في روسيا يستفيدون من سعر مضبوط للغاز «يقارب 5 يوروهات للميغاواط/ ساعة... في حين أننا نشتريه بأكثر من مائة يورو للميغاواط/ ساعة».



ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
TT

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)

ارتفع مؤشر نشاط الأعمال في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى خلال 31 شهراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، مدعوماً بالتوقعات بانخفاض أسعار الفائدة وتطبيق سياسات أكثر ملاءمة للأعمال من إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب في العام المقبل.

وقالت «ستاندرد آند بورز غلوبال»، يوم الجمعة، إن القراءة الأولية لمؤشر مديري المشتريات المركب في الولايات المتحدة، الذي يتتبع قطاعي التصنيع والخدمات، ارتفعت إلى 55.3 هذا الشهر. وكان هذا أعلى مستوى منذ أبريل (نيسان) 2022، مقارنة بـ54.1 نقطة في أكتوبر (تشرين الأول)، وفق «رويترز».

ويشير الرقم الذي يتجاوز 50 إلى التوسع في القطاع الخاص. ويعني هذا الرقم أن النمو الاقتصادي ربما تسارع في الربع الرابع. ومع ذلك، تشير البيانات الاقتصادية «الصعبة» مثل مبيعات التجزئة إلى أن الاقتصاد حافظ على وتيرة نمو قوية هذا الربع، مع استمرار ضعف في قطاع الإسكان وتصنيع ضعيف.

ونما الاقتصاد بمعدل نمو سنوي قدره 2.8 في المائة في الربع من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول). ويقدّر الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا حالياً أن الناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع سيرتفع بمعدل 2.6 في المائة.

وقال كبير خبراء الاقتصاد في شركة «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس»، كريس ويليامسون: «يشير مؤشر مديري المشتريات الأولي إلى تسارع النمو الاقتصادي في الربع الرابع. وقد أدت التوقعات بانخفاض أسعار الفائدة والإدارة الأكثر ملاءمة للأعمال إلى تعزيز التفاؤل، مما ساعد على دفع الإنتاج وتدفقات الطلبات إلى الارتفاع في نوفمبر».

وكان قطاع الخدمات مسؤولاً عن معظم الارتفاع في مؤشر مديري المشتريات، على الرغم من توقف التراجع في قطاع التصنيع.

وارتفع مقياس المسح للطلبات الجديدة التي تلقتها الشركات الخاصة إلى 54.9 نقطة من 52.8 نقطة في أكتوبر. كما تباطأت زيادات الأسعار بشكل أكبر، إذ انخفض مقياس متوسط ​​الأسعار التي تدفعها الشركات مقابل مستلزمات الإنتاج إلى 56.7 من 58.2 في الشهر الماضي.

كما أن الشركات لم تدفع لزيادة الأسعار بشكل كبير في ظل ازدياد مقاومة المستهلكين.

وانخفض مقياس الأسعار التي فرضتها الشركات على سلعها وخدماتها إلى 50.8، وهو أدنى مستوى منذ مايو (أيار) 2020، من 52.1 في أكتوبر.

ويعطي هذا الأمل في أن يستأنف التضخم اتجاهه التنازلي بعد تعثر التقدم في الأشهر الأخيرة، وهو ما قد يسمح لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة خفض أسعار الفائدة. وبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي دورة تخفيف السياسة النقدية في سبتمبر (أيلول) بخفض غير عادي بلغ نصف نقطة مئوية في أسعار الفائدة.

وأجرى بنك الاحتياطي الفيدرالي خفضاً آخر بمقدار 25 نقطة أساس هذا الشهر، وخفض سعر الفائدة الرئيسي إلى نطاق يتراوح بين 4.50 و4.75 في المائة.

ومع ذلك، أظهرت الشركات تردداً في زيادة قوى العمل رغم أنها الأكثر تفاؤلاً في سنتين ونصف السنة.

وظل مقياس التوظيف في المسح دون تغيير تقريباً عند 49. وواصل التوظيف في قطاع الخدمات التراجع، لكن قطاع التصنيع تعافى.

وارتفع مؤشر مديري المشتريات التصنيعي السريع إلى 48.8 من 48.5 في الشهر السابق. وجاءت النتائج متوافقة مع توقعات الاقتصاديين. وارتفع مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات إلى 57 نقطة، وهو أعلى مستوى منذ مارس (آذار) 2022، مقارنة بـ55 نقطة في أكتوبر، وهذا يفوق بكثير توقعات الاقتصاديين التي كانت تشير إلى قراءة تبلغ 55.2.