بلينكن يختتم زيارته لأميركا الجنوبية بتوطيد العلاقات مع ديمقراطياتها

أعطى «أولوية مطلقة» لمسؤولين أميركيين أُصيبوا بـ«متلازمة هافانا» في كولومبيا

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال زيارته إلى كولومبيا (رويترز)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال زيارته إلى كولومبيا (رويترز)
TT

بلينكن يختتم زيارته لأميركا الجنوبية بتوطيد العلاقات مع ديمقراطياتها

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال زيارته إلى كولومبيا (رويترز)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال زيارته إلى كولومبيا (رويترز)

اختتم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أول زيارة رسمية له إلى أميركا الجنوبية بتأكيده على توطيد العلاقات الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وكولومبيا، مشدداً في الوقت ذاته على أهمية أن تلبي الديمقراطيات في المنطقة حاجات شعوبها.
وسعى بلينكن في الزيارة التي شملت كلاً من كيتو وبوغوتا، إلى إصلاح العلاقات الدبلوماسية مع حكومة الرئيس الكولومبي إيفان دوكي، مشيراً إلى ثلاثة تحديات مشتركة بين الحليفين: جائحة فيروس «كوفيد - 19» وتغير المناخ والهجرة.
وقال إن «التركيز الأساسي لهذه الرحلة بالنسبة لي، رحلتي الأولى إلى أميركا الجنوبية كوزير للخارجية، هو كيف يمكننا أن نجعل الديمقراطيات تقدم خدمات لشعوبنا»، مضيفاً أن «هذا هو التحدي المشترك لدينا... إنها مسؤوليتنا المشتركة (...) وهذا صحيح في بلداننا، وهذا صحيح عبر النصف (الشمالي) للكرة الأرضية».
وأكد أن «إحدى الطرق التي يمكننا تحقيقها هي العمل من كثب مع شركائنا وحلفائنا في شأن أكبر التحديات التي نواجهها... وهذا بالضبط ما تفعله الولايات المتحدة وكولومبيا».
وكان بلينكن استهل رحلته إلى أميركا الجنوبية بزيارة الإكوادور، حيث التقى الرئيس غيليرمو لاسو مع ناشطين للديمقراطية. ثم وصل إلى كولومبيا المجاورة، حيث وعد أن تقدم الولايات المتحدة الموارد لمواجهة تحديات الهجرة في المنطقة، في إشارة إلى استقبال كولومبيا والإكوادور ملايين الفنزويليين الفارين من أزمات بلادهم، بالإضافة إلى الهجرة غير النظامية من المنطقة في اتجاه الولايات المتحدة.
وشدد بلينكن على دعم إدارة الرئيس جو بايدن لاتفاق السلام الذي وُقع قبل خمس سنوات بين الحكومة الكولومبية والقوات المسلحة الثورية الكولومبية «فارك» المنحلة الآن. وسلط الضوء على إلقاء السلاح ومشاركة المقاتلين السابقين في السياسة ومحاكمة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وتخصيص 16 مقعداً في الكونغرس الكولومبي للضحايا.
لكنه أضاف أنه لا تزال هناك بعض التحديات، بما في ذلك قضايا تمليك الأراضي وندرة وجود السلطات في المناطق الريفية وانعدام الفرص الاقتصادية في تلك المناطق.
كما تطرق بلينكين إلى أهمية ضمان حقوق الإنسان وتحسين الحماية للصحافيين وناشطي حقوق الإنسان، في ضوء تحقق مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في كولومبيا من وقوع 53 جريمة قتل حتى الآن هذا العام لقادة اجتماعيين ومدافعين عن حقوق الإنسان، بينما لا تزال 26 حالة وفاة أخرى قيد التحقق.
وقال «نحن ملتزمون مثل أي وقت مضى بالعمل مع كولومبيا في تنفيذ اتفاقات السلام»، مضيفاً أنه «بينما نمضي في هذا العمل، تقدم الولايات المتحدة نهجاً جديداً أكثر شمولاً لتعزيز الأمن» يركز على «التعاون في تعزيز تنفيذ القانون وجهودنا للحد من العنف، لا سيما في المجتمعات الريفية المحرومة، حيث الدولة، كما سمعنا، لديها حضور محدود وإن كان متزايداً».
وشدد على أن «هذا النهج يصون حقوق الإنسان في جوهرها».
وكان مدير الأميركتين في منظمة «هيومن رايتس ووتش» خوسيه ميغيل فيفانكو كتب رسالة إلى بلينكن يطالبه فيها بـ«الضغط» على الرئيس إيفان دوكي لتحسين وضع حقوق الإنسان في كولومبيا. وقال «اتبعت إدارة الرئيس دوكي العديد من السياسات المضللة والمختلة، بما في ذلك سياسات المخدرات، وحدثت زيادة في الانتهاكات من قبل الجماعات المسلحة»، ولفت إلى أن رد الحكومة على التظاهرات هذا العام أظهر «وحشية الشرطة بشكل غير مسبوق في التاريخ الكولومبي الحديث».
وفي حديثه عن الشكاوى المتعلقة بالاضطرابات المدنية، قال بلينكن إن الحكومة تتحمل مسؤولية حماية الحق في الاحتجاج السلمي ولكن أيضاً «احترام القانون والنظام وحماية رفاه وأمن وصحة مواطنيها».
*مصابو «متلازمة هافانا»
وخلال زيارته للسفارة الأميركية في بوغوتا، اجتمع بلينكن على انفراد مع مسؤولين أميركيين أصيبوا بـ«متلازمة هافانا»، الذين شرحوا معاناتهم من مجموعة متفاوتة من الأعراض والأحاسيس الجسدية، بما في ذلك الدوار المفاجئ والغثيان والصداع، مصحوباً أحياناً بـ«ضوضاء ثاقبة موجهة». وجرى تشخيص إصابة البعض بإصابات دماغية ولا يزالون يعانون الصداع المنهك ومشاكل صحية أخرى بعد سنوات.
وأفاد مسؤول في وزارة الخارجية بأن بلينكن «استمع إلى تجاربهم»، مكرراً أن «القضية والعناية بهم أولوية مطلقة بالنسبة له».
وكان عدد من المسؤولين الأميركيين وأفراد أسرهم في كولومبيا أفادوا بأنهم يعانون أعراض المرض الغامض في الأسابيع الأخيرة.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.