ترحيب في الأنبار بقرار العبادي إعطاء الأولوية لتحريرها بعد انتهاء عملية تكريت

شيخ الدليم لـ {الشرق الأوسط}: أبلغنا رئيس الوزراء بعدم حاجتنا للحشد الشعبي

ترحيب في الأنبار بقرار العبادي إعطاء الأولوية لتحريرها بعد انتهاء عملية تكريت
TT

ترحيب في الأنبار بقرار العبادي إعطاء الأولوية لتحريرها بعد انتهاء عملية تكريت

ترحيب في الأنبار بقرار العبادي إعطاء الأولوية لتحريرها بعد انتهاء عملية تكريت

في الوقت الذي كانت فيه الأنظار تتجه نحو الموصل باعتبارها المعركة المنتظرة بعد الانتهاء من معركة تكريت، فإن رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي أعلن أن المعركة المقبلة هي في الأنبار ومن بعدها الموصل.
تصريح العبادي الذي ورد خلال المؤتمر لصحافي الذي جمعه أول من أمس مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون فاجأ الكثير من المراقبين والقوى السياسية خصوصا بعد الإعلان المتكرر من قبل نائب رئيس الجمهورية أسامة النجيفي بأن معركة تحرير الموصل باتت على الأبواب بعد انخراط عشرات الآلاف من المقاتلين من أبناء المحافظة في معسكرات التدريب التي أقيمت في إقليم كردستان. وكذلك تأكيد محافظ نينوى أثيل النجيفي لـ«الشرق الأوسط» إن «معركة الموصل ستتم من قبل أبنائها فقط لأنهم الأقدر على تحريرها وعدم الحاجة إلى متطوعي الحشد الشعبي (المتطوعين الشيعة) بسبب وجود الحشد الوطني لدينا».
وفي هذا السياق، أعلن شيخ عشائر الدليم، ماجد العلي السليمان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «إعلان العبادي عن بدء معركة تحرير الأنبار قبل الموصل لم يأت من فراغ لأن استقرار العراق مرهون باستقرار محافظة الأنبار». وأضاف السليمان أنه التقى «مؤخرا رئيس الوزراء مع مجموعة من شيوخ الأنبار وكنا وجدنا لديه هذه القناعة بأن الأنبار يجب أن تكون لها الأولوية في المعارك ضد (داعش) وقد أيدنا طروحاته تلك». وأوضح الشيخ السليمان أن «من بين الأمور التي كنا بحثناها مع العبادي هي دور العشائر في عملية التحرير مع استمرار حاجتها إلى السلاح»، مبينا أن «العبادي وعدنا بتسليح العشائر بسرعة والأمر نفسه بحثناه مع السفير الأميركي الذي أكد لنا جدية بلاده في الوقوف معنا لا سيما أنهم يعرفون جيدا الدور الذي كانت قامت به عشائر الأنبار في طرد تنظيم القاعدة عامي 2006 و2007 من محافظة الأنبار والذي كان له الأثر المباشر على تحقيق الاستقرار في عموم العراق آنذاك».
وكشف السليمان أنهم طلبوا من العبادي «عدم حاجة الأنبار وعشائرها إلى الحشد الشعبي لسببين رئيسيين الأول، هو أن الأنبار لا ينقصها الرجال بل السلاح، والسبب الثاني، أننا لا نريد الدخول في مشكلات وسجالات مع أخواننا من الشيعة في الجنوب». وأوضح أن «الجيش العراقي بوصفه جامعا لكل العراقيين مرحب به وليس بمقدور أحد الوقوف بوجهه في أي مكان بالعراق، أما المسميات الأخرى فلا تزال خاضعة للجدل والخلاف».
بدوره، أكد الخبير الأمني المتخصص في شؤون الجماعات المسلحة هشام الهاشمي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «معركة الأنبار والموصل يجب أن تأتي بعد تكريت»، مشيرا إلى أن «التركيبة السكانية في الموصل بعكس تركيبة الأنبار العشائرية لا تسمح بمغامرة عسكرية مباشرة لأن هذا يعني تحمل خسائر جسيمة جدا مع احتمال عدم تحقيق نتائج حاسمة حيث من المفترض أن يكون البديل في الموصل هو قضم الأرض شيئا فشيئا وهي السياسة التي تتبعها البيشمركة». وتابع الهاشمي «وضع الأنبار يختلف من حيث المساحة والتركيبة السكانية ذات الطبيعة العشائرية البحتة وكثر الحواضن في صحراء الأنبار المترامية الأطراف». وأوضح الهاشمي أن «المشكلة لا تزال تكمن في أن هناك ضعفا لدى القيادات العسكرية في الأنبار حيث لا يزال مسلحو تنظيم داعش قادرين على شن هجمات مسلحة مفاجئة». وأشار إلى أن «استراتيجية تنظيم داعش في الأنبار تتمثل في القضاء على نفوذ القوات الأمنية تدريجيا وطردها من جميع أراضي الأنبار بالإضافة إلى محاولة الاستيلاء على المرافق الاقتصادية والصناعية والعسكرية وبسط نفوذها على المناطق الحدودية مع سوريا والأردن، والسيطرة على الطريق الدولي لضمان وصول الإمدادات».
من جهته، أكد عضو مجلس محافظة الأنبار عذال الفهداوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «معركة الأنبار مهمة جدا وكان ينبغي أن تتم حتى قبل معركة صلاح الدين لأن معظم الإمدادات تأتي من المناطق الصحراوية الواسعة في الأنبار». وأضاف أن «هناك استعدادات لمحاربة تنظيم داعش على نطاق واسع من قبل أبناء العشائر رغم أن التنظيم حاول السيطرة على كل المحافظة لكنه في الحقيقة لا يزال يسيطر على نحو 60 في المائة منها».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.